+ A
A -
يعقوب العبيدلي
جاء في المعاجم العربية «قَحَصَ» يقال: قَحَص ومَحَص: إِذا «مَرَّ مَرّاً سَريعاً». قال ابنُ عَبّادٍ: القَحْصُ: الكَنْسُ وقَحَصَ «البَيْتَ: كَنَسَه» قال أَبو سَعيدٍ: قَحَصَ «برِجْلِه» وفَحَص إِذا «رَكَضَ». قال الخَارْزَنْجِيّ: «سَبَقَنِي قَحْصاً» ومَحْصاً وشَدّاً بمَعْنَىً وَاحدٍ «أَيْ» سَبَقَني «عَدْواً».
ومن معاني «قحص» الشخص ينهض بسرعة، ويقال «اقحص» فعل أمر يعني قم بسرعة، والماضي منه «قحص» والذي اعتاد على «القحص» اعتاد الإتيان بالحركات بأنواعها، الأفاك له حركاته، والوصولي له حركاته، والدساس له حركاته، والمغرض له حركاته، والمنفلت له حركاته.
وفي تقديري الشخصي «القحص» كالرقص في زماننا هذا، والرقص فعل فيه هز وحركة، هناك من يرقص في كلامه، وهناك من يرقص في سيره، وكل يرقص بطريقته. «القحص» و«الرقص» أصبحا من طقوس هذا الزمان «نعيب زماننا والعيب فينا، وليس لزماننا عيب سوانا» الكل يدعي الكمال والمثالية، والاستئساد والعنترية لا بصمة له ولا أثر، جلنا يقحص على الآخر ويرقص مع الطبلة ويهتز أو من غيرها، ويرى نفسه أكرم خلق الله على الأرض، ويجري وراء مصالحه ومحاربة غيره بأنفاس غير متقطعة «بالتي واللتية» ليفوز بالجوز واللوز، وحسبنا الله ونعم الوكيل، الدنيا قصيرة، مريرة وما تحتويه من عوامل الحسد والحقد والكراهية كثيرة، اليوم نحن فوق الأرض، وغداً تحت الأرض، كلنا زائلون، ولن يبقى إلا ما نبتغي به وجه الله، أو قصد منه نفع الناس والأمة، وسيجزي الله كل إنسان على ما قدم من عمل أو قول حسن، ونحن جميعاً – من ظالمين ومظلومين، ومتخاصمين ومتحابين – وقاحصين وراقصين، أحوج ما نكون حينئذ إلى عفو الله ورحمته ورضوانه.
إلى ديّان يوم الدين نمضي، وعند الله تجتمع الخصوم، وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
29/09/2021
2177