+ A
A -
يُثار إشكال المكونات الاجتماعية في سياق الدولة الحديثة، بصورة خاطئة في تطبيقاتها على الشرق، وتصعد اليوم هذه العصبيات في صورة فوضوية أو ظرف صراعي، يتناقض كلياً مع أساسيات البناء الوطني، سواءً اعتمد مفهوم الدولة المدنية، أو مفهوم وطنٍ قُطري سياسي مستقر، فهنا الحد الأدنى أن تنسجم مكونات الوطن الاجتماعية في مسارات توافقية كبرى.. تنظمها الدساتير وميثاق المجتمع المتوافق على أسسه العقائدية أو ميراثه الجمعي، أو حاجته الضرورية لتنظيم مستقبله الوطني بين مكونات المجتمع المحلي صغر أم كبر، وكلما اتسعت فوارق المكونات كلما كان التحدي صعب والنجاح فيها إنجاز نوعي.
وهنا تكمن أهمية الدساتير وتربية المجتمع عليها، نقصد بالضبط هذا التعبير تربية المجتمع، وهنا نعود لمعنى الميثاق المجتمعي، فالأصل في هذه الأرضية التأسيسية أنها مهمة الدولة، وحين تنضج الطبقة الثقافية في وطنها تكون شريكة في هذه المهمة، وهي التبشير بهذا المفهوم التربوي العميق، وطن واحد يشمل كل شرائحه، في منظومة الحقوق والواجبات على قدرٍ متساو، تُشرّع لأجله المواد القانونية، وينشر في صفوف الأجيال والكبار معاً، وتُتعقب أي تشريعات أو عوائق، تحول دون تنفيذ هذا المسار.
وظروف التحول في الدول الحديثة اليوم، التي حملت إشكالات ديمغرافية اختلطت بتحديات سياسية صعبة منها ما يُهدد أمنها القومي، يُفهم في ظرفه ولكن لا يجوز أن يظل عازلاً عن قواعد دمج المجتمع في إطار وطني مركزي، يتجاوز أي تمييز تشريعي، إذ أن الأمن القومي هنا سيُهدّد من ذات الأطراف، أو من أطراف أخرى ستستثمر مشاعر الغبن، التي تنتشر في المجتمع بسبب أي معيار تمييزي.
ولذلك فإن مهمة مؤسسة التشريع والنخبة الثقافية وحتى التكنوقراط في هذه الدولة أو تلك، بسط الرؤية الواضحة لصنّاع القرار في خطورة استمرار روح القلق والتوتر من استدعاء التعصب الاجتماعي، الذي أصبح ثقافة سياسية، خلقت أرضية تمييز بين أبناء القُطر الواحد.
فمفهوم الولاء الوطني هنا هو العمل على تجاوز هذا الفراغ الخطير، وهو فراغ خطير في ذاته فضلاً عن ظروف المنطقة من حوله، التي تستعد لحالة زحف رمال جديد،
وهذا يطرح سؤالاً مقابلاً، ماذا عن الطرف المتضرر من التمييز القانوني أو الدستوري ما هي مهمته؟
هذا السؤال يستدعي مراجعة دقيقة للمشهد المحلي الوطني والإقليمي، ولتاريخ الانتقال السياسي في الدول الخليجية، كما يستدعي فهم مساحة المكتسبات، التي تقوم بالضرورة على قاعدة الاستقرار السياسي، وبالتالي وضع الميزان الدقيق لهذا الخطاب الحقوقي، وضبطه في إطار مدني جامع لا فئوي، دون أن يُلغي حق الانتساب لأي مكون اجتماعي راسخ في هذه الدول.
ولذلك قلنا في مقدمة المقال إن المشكلة في تكييف الحق الوطني والعمل العام، ليس في تجمع الناس وانتسابهم لقبائل أو حواضر، ولكن في كيف ينصهر الجميع في إطار المجتمع المدني، الذي يُنظّم سباقهم المشروع، بل ويُعزّز الكفاءة لدى أجيالهم، من خلال أُطر التعاضد بين الناس بغض النظر عن أصولهم الاجتماعية.
وتصحيح خطأ تصوير المجتمع المدني بأنه مخالف للإسلام، فهو في الحقيقة أداة إدارية مدنية، خلقتها ظروف تطور مفهوم الدولة والمواطنة، وسواءً سُميّ بالمجتمع المدني أو المجتمع الأهلي، فلا إشكال في ذلك المهم تطبيقاته المقاصدية في تحقيق المؤاخاة الوطنية لكل فرد في هذا القُطر، ونقل اهتماماته إلى آفاق التطوير الحضاري والمدني والمجتمعي، التي تقوم دوماً في الرسالة الإسلامية على المركز الأخلاقي، وحين يسقط هذا المركز في السلوك أو التعبير من أي طرف تفتح أبواب الفتنة. إن نقل وتشجيع الخطاب الثقافي في الفكر الوطني الحديث، يساعد الدولة على تحقيق هذا الدمج الأكثر ضمانة للاستقرار من الفراغ أو غياب الميثاق الأخلاقي والفكري للمجتمعات، فتشجيع الناس على أن المنافسة في ثقافة الإنجاز لا مهرجانات العصبيات الاجتماعية والتخندق حولها، ممكن جداً أن يتحقق من خلال تشجيع الدولة لذلك.
ولنلاحظ هنا مسيرة الحياة الإسلامية منذ عهد المصطفي صلى الله عليه وسلم، وكيف سحب رداءَهُ وخرج قلقاً وفزعاً من فتنة العصبية الاجتماعية في الجيل الأول، فواصل صلى الله عليه وسلم بخطاب الوحي تنظيم شراكة ذلك المجتمع، في تآخي عظيم كان لبنة البلاغ المقدس للأسرة الإنسانية، عبر أشتات من العرب اندمجت أرواحهم وحملوا معنى الأخوة الكبرى، التي لا فرق فيها بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.
وهنا تكمن أهمية الدساتير وتربية المجتمع عليها، نقصد بالضبط هذا التعبير تربية المجتمع، وهنا نعود لمعنى الميثاق المجتمعي، فالأصل في هذه الأرضية التأسيسية أنها مهمة الدولة، وحين تنضج الطبقة الثقافية في وطنها تكون شريكة في هذه المهمة، وهي التبشير بهذا المفهوم التربوي العميق، وطن واحد يشمل كل شرائحه، في منظومة الحقوق والواجبات على قدرٍ متساو، تُشرّع لأجله المواد القانونية، وينشر في صفوف الأجيال والكبار معاً، وتُتعقب أي تشريعات أو عوائق، تحول دون تنفيذ هذا المسار.
وظروف التحول في الدول الحديثة اليوم، التي حملت إشكالات ديمغرافية اختلطت بتحديات سياسية صعبة منها ما يُهدد أمنها القومي، يُفهم في ظرفه ولكن لا يجوز أن يظل عازلاً عن قواعد دمج المجتمع في إطار وطني مركزي، يتجاوز أي تمييز تشريعي، إذ أن الأمن القومي هنا سيُهدّد من ذات الأطراف، أو من أطراف أخرى ستستثمر مشاعر الغبن، التي تنتشر في المجتمع بسبب أي معيار تمييزي.
ولذلك فإن مهمة مؤسسة التشريع والنخبة الثقافية وحتى التكنوقراط في هذه الدولة أو تلك، بسط الرؤية الواضحة لصنّاع القرار في خطورة استمرار روح القلق والتوتر من استدعاء التعصب الاجتماعي، الذي أصبح ثقافة سياسية، خلقت أرضية تمييز بين أبناء القُطر الواحد.
فمفهوم الولاء الوطني هنا هو العمل على تجاوز هذا الفراغ الخطير، وهو فراغ خطير في ذاته فضلاً عن ظروف المنطقة من حوله، التي تستعد لحالة زحف رمال جديد،
وهذا يطرح سؤالاً مقابلاً، ماذا عن الطرف المتضرر من التمييز القانوني أو الدستوري ما هي مهمته؟
هذا السؤال يستدعي مراجعة دقيقة للمشهد المحلي الوطني والإقليمي، ولتاريخ الانتقال السياسي في الدول الخليجية، كما يستدعي فهم مساحة المكتسبات، التي تقوم بالضرورة على قاعدة الاستقرار السياسي، وبالتالي وضع الميزان الدقيق لهذا الخطاب الحقوقي، وضبطه في إطار مدني جامع لا فئوي، دون أن يُلغي حق الانتساب لأي مكون اجتماعي راسخ في هذه الدول.
ولذلك قلنا في مقدمة المقال إن المشكلة في تكييف الحق الوطني والعمل العام، ليس في تجمع الناس وانتسابهم لقبائل أو حواضر، ولكن في كيف ينصهر الجميع في إطار المجتمع المدني، الذي يُنظّم سباقهم المشروع، بل ويُعزّز الكفاءة لدى أجيالهم، من خلال أُطر التعاضد بين الناس بغض النظر عن أصولهم الاجتماعية.
وتصحيح خطأ تصوير المجتمع المدني بأنه مخالف للإسلام، فهو في الحقيقة أداة إدارية مدنية، خلقتها ظروف تطور مفهوم الدولة والمواطنة، وسواءً سُميّ بالمجتمع المدني أو المجتمع الأهلي، فلا إشكال في ذلك المهم تطبيقاته المقاصدية في تحقيق المؤاخاة الوطنية لكل فرد في هذا القُطر، ونقل اهتماماته إلى آفاق التطوير الحضاري والمدني والمجتمعي، التي تقوم دوماً في الرسالة الإسلامية على المركز الأخلاقي، وحين يسقط هذا المركز في السلوك أو التعبير من أي طرف تفتح أبواب الفتنة. إن نقل وتشجيع الخطاب الثقافي في الفكر الوطني الحديث، يساعد الدولة على تحقيق هذا الدمج الأكثر ضمانة للاستقرار من الفراغ أو غياب الميثاق الأخلاقي والفكري للمجتمعات، فتشجيع الناس على أن المنافسة في ثقافة الإنجاز لا مهرجانات العصبيات الاجتماعية والتخندق حولها، ممكن جداً أن يتحقق من خلال تشجيع الدولة لذلك.
ولنلاحظ هنا مسيرة الحياة الإسلامية منذ عهد المصطفي صلى الله عليه وسلم، وكيف سحب رداءَهُ وخرج قلقاً وفزعاً من فتنة العصبية الاجتماعية في الجيل الأول، فواصل صلى الله عليه وسلم بخطاب الوحي تنظيم شراكة ذلك المجتمع، في تآخي عظيم كان لبنة البلاغ المقدس للأسرة الإنسانية، عبر أشتات من العرب اندمجت أرواحهم وحملوا معنى الأخوة الكبرى، التي لا فرق فيها بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.