يقول عبدالله بن عمر بن الخطاب: كنتُ جالساً عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فسلَّم ثم مضى.
فقلتُ: يا رسول الله إني أُحبُّ هذا
فقال لي: هل أعْلَمته؟
قلتُ: لا
قال: قُمْ فأعلمه!
فأتيته، فسلَّمتُ عليه، فأخذتُ بمنكبه، وقلتُ: واللهِ إني لأحبكَ في الله
فقال لي: وإني أحبكَ في الله!
يُعلِّمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن لا نكتم مشاعرنا الجميلة، وأن نُعبِّر عنها، فما دامت بالحلال فليس هناك ما يخجل المرءُ منه، ثم وهل الحُب مدعاة للخجل؟! على العكس تماماً إن البغض الذي نسارع لإظهاره في خصاماتنا هو المُخجل وأولى بنا أن نكتمه!
سأله عمر بن العاص مرةً: يا رسول الله من أحبُّ الناس إليكَ؟
فقال: عائشة.
فقال له: ومن الرجال؟
فقال: أبوها.
لم يجد حرجاً أن يقول إنه يُحبُّ زوجته!
وعندما نزل عليه الوحي، وأصابه الخوف والبرد، التجأ إلى خديجة، واحتمى بحضنها، وقال لها: دثريني!
المشاعر لا تُقلل من قيمة الناس، وهذا هو سيد الناس يعيشُ مشاعره عن آخرها!
يحسبُ بعض الأزواج أنه إذا أظهر حبه لزوجته فهذا نقص في رجولته، أو أنها ستطمع فيه وتستخف به، وأية رجولة أروع من أن يبوح الرجل لزوجته بحبه، ثم وهل تُمتلكُ المرأة إلا من قلبها!
ويحسبُ بعض الآباء أن ضرورات الأبوة أن يكون حازماً عابساً كي يكون له هيبة وإلا استهان الأولاد به، هذا العبوس والحزم يجعلهم منضبطين كأنهم جنود في ثكنة عسكرية، ولكن متى ما كانت البيوت كالثكنات العسكرية فهي بيوت قاسية لا يخرج منها إلا القساة والمرضى النفسيون، فاتقوا الله في أولادكم، وفي أنفسكم، جاهروا بالحُب، وعيشوه، وتلذذوا به، ولا تجعلوا قلوبكم مقابر لأجمل أحاسيس فيها!
بقلم: أدهم شرقاوي