كان الصحابة عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من عادته أن لا يتركَ مجلساً يمضي دون فائدة.
فقال لهم: إنَّ من الشجر شجرةً لا يسقطُ ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟
فبدأ الناس يُسمّون له شجراً من شجر البوادي، وهو يقول: لا
وكان عبدالله بن عمر في أول شبابه حاضراً المجلس، فوقع في قلبه أنها النخلة ولكنه خجل أن يتكلم لصغر سنه
ولما لم يعرف الصحابة ما هي الشجرة، قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله.
فقال: هي النخلة!
فلما انفضَّ المجلس قال عبدالله لأبيه عمر بن الخطاب، وقع في قلبي أنها النخلة، فاستحييتُ أن أقول.
فقال له عمر: لو أنكَ قلتَ هي النخلة لكان ذلكَ أحبَّ إليَّ من الدنيا كلها!
الفكرة من هذا كله أنَّ الإنسان يُحِبُّ أن يفخر بأولاده، وأن يراهم ناجحين ومميزين، وهذه من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والمؤمن والكافر في هذا سواء، فهذا عائد إلى أصل الطبيعة الإنسانية ولا علاقة له بمنسوب الإيمان في قلب الآباء والأمهات!
فإذا كان الكاتب ينتشي فرحاً برواية تُحققُ نجاحاً، والفلاح يسعدُ بمحصول وافر بعد تعب طويل، والصيادُ يفخرُ بصيده الكثير، فالآباء والأمهات أشد فرحاً بنبوغ أولادهم من الأديب بروايته، ومن الفلاح بمحصوله، ومن الصياد بصيده!
فيا أيها الأبناء قد تجدون من يفرحُ بنجاحكم من الناس أصحاب القلوب الطيبة، وقد تجدون من يدعو لكم بالبركة في رزقكم من الناس التي تحبُّ الخير للناس، ولكن كآبائكم وأمهاتكم لن تجدوا، فهم وحدهم من دون الناس الذين يسعدهم أن تكونوا أفضل منهم، وتحققوا نجاحاً أكثر مما حققوه، ومالاً أكثر من الذي جنوه.
فالله الله في قلوب تؤثركم على أنفسها، بل لا تجد سعادتها إلا بسعادتكم، ونجاحها إلا بنجاحكم، ومن قبل قد نغّصَ على نوحٍ عليه السلام فرحة نجاته بأن علم أنَّ ابنه كان من القوم الكافرين!
بقلم: أدهم شرقاوي