+ A
A -
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: إن دخلَ أحدكم على أهله، ووجدَ ما يُريبه، أشهدَ أربعاً!
فقام سعد بن معاذٍ متأثراً، وقال: يا رسول الله، أأدخل على أهلي، فأجدُ ما يريبني، أأنتظرُ حتى أُشهد أربعاً؟! لا والذي بعثكَ بالحق إن رأيتُ ما يريبني في أهلي لأطيحنَّ بالرأس من الجسد، ولأضربنَّ بالسيف غير مُصفح، وليفعل الله بي ما يشاء!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟
فقالوا: يا رسول الله لا تلمه، فإنه رجل غيور، واللهِ ما تزوّج فينا قط إلا عذراء، ولا طلّقَ امرأةً له فاجترأ أحد منا على الزواج منها من شدة غيرته!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من غيرة سعد، والله أنا أغير منه، والله أغيرُ مني!
الغيرة عن الأعراض من شيم النبلاء، وإنَّ الله لا يُحب الديوث، على أن الغيرة إنما يجب أن تكون بعقلٍ، مبنية على الشواهد، وإلا صارت مرضاً نفسياً، وشكاً مقيتاً تجعل الحياة جحيماً!
روى ابن كثير في البداية والنهاية في أحداث سنة 286 للهجرة قال:
تقدمتْ امرأة إلى قاضي مدينة الرَّبى، فادَّعتْ على زوجها بصداقها خمسمائة دينار، فأنكر هو ذلك!
فجاءت ببينة تشهدُ لها، فقال الشهود: نريدُ أن تكشفَ عن وجهها حتى نعلم إن كانت هي الزوجة أم لا؟
فقال الزوج: لا تفعلوا، هي صادقة فيما تدعيه.
فأُعجبتْ الزوجة من غيرته عليها، وقالتْ هو في حل من صداقي..
فقال القاضي لمن حوله: اكتبوا هذا في مكارم الأخلاق!
إنَّ مما يندى له الجبين أن ترى الرجل يشارك صورة زوجته في مواقع التواصل وليس في نيته غير أن يُري الناس أنه سعيد في زواجه، ولكن ينسى هذا أن الزوجة دُرَّة مصونة، له من دون الناس، يحميها، ويغطيها برموش عينيه، لا عن تهمة لها، وإنما حماية، ولأن صون الأعراض من شيم الكرام، ولا أحد أغير من الله!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
23/11/2021
1497