+ A
A -
مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةاتخذت زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، بعداً مختلفاً في رسائلها الإستراتيجية، ليس من خلال الاحتفاء الذي قاده أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فحسب ولكن في المسار الأهم، الذي كان في مضمون هذه الرسائل التي نستطيع أن ندرجها ضمن، استراتيجية قطر الجديدة ما بعد أزمة الخليج العربي.
فالدوحة تعتمد هنا على إعادة الربط وتنظيمه بعد دروس الأزمة، وملحقاتها التي لا تزال تؤثر في منعطفات التاريخ الاجتماعي السياسي للخليج العربي، ونقصد تحديداً كيف ترتب الدوحة عمقها العربي الخليجي في إطار إستراتيجي، يخلق لها تنوعاً لصالح استراتيجيتها الذاتية ولأمنها القومي، يلتقي بمن يتفق معها خليجياً في القواعد الأساسية، للبناء الطارئ لأوضاع المنطقة والعالم، وموقع قطر الجديد فيه.
أكد الطرفان على أهمية منظمة مجلس التعاون الخليجي، وتثبيت حضورها وتعزيز علاقاتها، ونلاحظ هنا أن كلاً من مسقط والدوحة تعرض لتوظيف نقدي مسبق داخل إطار المنظمة، ولكن هذا الموقف المشترك ليس مجاملة برتوكوليه للمجلس، وإنما لأهمية بقاء هذا الهيكل رغم ضعفه، وتورطه في الأزمة الخليجية، في عهد الأمين العام السابق.
وفي شأن المجلس أيضاً، فلا يُنتظر منه أن يفعّل ويقفز لمستوى يُحقق بعض الطموح الشعبي، فأزمته عميقة، ولكن رغم كل ذلك فإن الرابط القومي الاجتماعي الذي يُمثله، يعتبر مهماً بذاته ولذلك حرصت كلتا الدولتين على تأكيد حضوره، وربما يتفق الطرفان على أهمية تنظيم آليات المجلس لكيلا يعود شبح الأزمات.
تقدمت الدوحة نحو انفتاح وتنسيق مع مسقط مختلف عن الزمن السابق، منذ استقلال قطر، يتوازى مع حرص الدوحة على تثبيت مساحة ما بعد فك الاشتباك في الأزمة الخليجية، وتطوير العلاقة في مستوى يُحيّد أي فرص خلاف قد تنشأ، مع وضع تاريخ التجربة في الحسبان الإستراتيجي القطري.
وهنا تبرز لنا البوابة العمانية لقطر، في أهمية خاصة تعززت منذ قرار مسقط، اتخاذ موقف مختلف في الأزمة الخليجية تضامناً مع الدوحة، والعودة إلى فهم التاريخ والجذور العربية الاجتماعية المتحدة مع عمان.
فعمان هي الدولة الكبرى في ساحل الخليج العربي، الممتدة عبر قرون من الزمن، وذات التاريخ العميق، والحضور السكاني الحاشد، وهي تجمع بين التمسك بالهوية الإسلامية والتقدم نحو حداثة منضبطة، وهي صورة تتكرر في قطر، كما أن النسيج الاجتماعي ببعده القبائلي والحضري متفق بين الدولتين.
تمتلك عمان قوة عسكرية نوعية على مستوى الخليج العربي، تستثمر في تأمين الدولة وتثبيت السلام مع المحيط الإقليمي، وتحييد الدولة عن أي اشتباك يؤثر على توازنها السياسي في الإقليم وفي الوطن العربي، مع بقاء مستوى ثابت في علاقتها الدولية، وهذه المساحة تتفق اليوم مع تطلعات قطر الجديدة، وتفتح الباب لتعاون عسكري في هذا الإطار.
هناك أرضية مسبقة لتعاون اقتصادي نوعي في منطقة الدقم وغيرها، لو تقدم فيها العمل، فهو يخلق بيئة استثمار قريبة من قطر، وفي ذات الوقت يعالج أرقام البطالة في عمان، وحاجة الشباب الملحة، ويخلق منطقة استثمار نوعية لصالح البلدين.
بدأت عمان مرحلة هامش ديمقراطي منذ فترة.
يلاحظ هنا أن الكويت بقرار العفو الأخير تقدمت خطوة، نحو عودة المصالحة الوطنية، واستئناف هامشها الديمقراطي الأوسع، وهذا يؤكد دوماً أنه كلما ازدادت مساحة المشاركة الشعبية وخففت القيود على حرية الرأي، استفادت الدولة والشعب.
هناك مساحة مهمة لصالح الدولتين وهناك مصلحة قومية للخليج العربي، لو كانت هذه العلاقة تخضع لتوازن دقيق، والعلاقة مع إيران أحد الملفات المزدوجة سلباً وإيجاباً، فهنا يفهم تماماً أن المواجهة مع إيران خارج حساب الدولتين لأمنهما الخاص، لكن حسم طهران لحرب اليمن ومن قبل نفوذها في بغداد ودمشق ولبنان، سينسحب خطره على كل الخليج العربي، والعقل المتوازن للسلام لن يتحقق دون مراعاة الجانبين.
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةاتخذت زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، بعداً مختلفاً في رسائلها الإستراتيجية، ليس من خلال الاحتفاء الذي قاده أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فحسب ولكن في المسار الأهم، الذي كان في مضمون هذه الرسائل التي نستطيع أن ندرجها ضمن، استراتيجية قطر الجديدة ما بعد أزمة الخليج العربي.
فالدوحة تعتمد هنا على إعادة الربط وتنظيمه بعد دروس الأزمة، وملحقاتها التي لا تزال تؤثر في منعطفات التاريخ الاجتماعي السياسي للخليج العربي، ونقصد تحديداً كيف ترتب الدوحة عمقها العربي الخليجي في إطار إستراتيجي، يخلق لها تنوعاً لصالح استراتيجيتها الذاتية ولأمنها القومي، يلتقي بمن يتفق معها خليجياً في القواعد الأساسية، للبناء الطارئ لأوضاع المنطقة والعالم، وموقع قطر الجديد فيه.
أكد الطرفان على أهمية منظمة مجلس التعاون الخليجي، وتثبيت حضورها وتعزيز علاقاتها، ونلاحظ هنا أن كلاً من مسقط والدوحة تعرض لتوظيف نقدي مسبق داخل إطار المنظمة، ولكن هذا الموقف المشترك ليس مجاملة برتوكوليه للمجلس، وإنما لأهمية بقاء هذا الهيكل رغم ضعفه، وتورطه في الأزمة الخليجية، في عهد الأمين العام السابق.
وفي شأن المجلس أيضاً، فلا يُنتظر منه أن يفعّل ويقفز لمستوى يُحقق بعض الطموح الشعبي، فأزمته عميقة، ولكن رغم كل ذلك فإن الرابط القومي الاجتماعي الذي يُمثله، يعتبر مهماً بذاته ولذلك حرصت كلتا الدولتين على تأكيد حضوره، وربما يتفق الطرفان على أهمية تنظيم آليات المجلس لكيلا يعود شبح الأزمات.
تقدمت الدوحة نحو انفتاح وتنسيق مع مسقط مختلف عن الزمن السابق، منذ استقلال قطر، يتوازى مع حرص الدوحة على تثبيت مساحة ما بعد فك الاشتباك في الأزمة الخليجية، وتطوير العلاقة في مستوى يُحيّد أي فرص خلاف قد تنشأ، مع وضع تاريخ التجربة في الحسبان الإستراتيجي القطري.
وهنا تبرز لنا البوابة العمانية لقطر، في أهمية خاصة تعززت منذ قرار مسقط، اتخاذ موقف مختلف في الأزمة الخليجية تضامناً مع الدوحة، والعودة إلى فهم التاريخ والجذور العربية الاجتماعية المتحدة مع عمان.
فعمان هي الدولة الكبرى في ساحل الخليج العربي، الممتدة عبر قرون من الزمن، وذات التاريخ العميق، والحضور السكاني الحاشد، وهي تجمع بين التمسك بالهوية الإسلامية والتقدم نحو حداثة منضبطة، وهي صورة تتكرر في قطر، كما أن النسيج الاجتماعي ببعده القبائلي والحضري متفق بين الدولتين.
تمتلك عمان قوة عسكرية نوعية على مستوى الخليج العربي، تستثمر في تأمين الدولة وتثبيت السلام مع المحيط الإقليمي، وتحييد الدولة عن أي اشتباك يؤثر على توازنها السياسي في الإقليم وفي الوطن العربي، مع بقاء مستوى ثابت في علاقتها الدولية، وهذه المساحة تتفق اليوم مع تطلعات قطر الجديدة، وتفتح الباب لتعاون عسكري في هذا الإطار.
هناك أرضية مسبقة لتعاون اقتصادي نوعي في منطقة الدقم وغيرها، لو تقدم فيها العمل، فهو يخلق بيئة استثمار قريبة من قطر، وفي ذات الوقت يعالج أرقام البطالة في عمان، وحاجة الشباب الملحة، ويخلق منطقة استثمار نوعية لصالح البلدين.
بدأت عمان مرحلة هامش ديمقراطي منذ فترة.
يلاحظ هنا أن الكويت بقرار العفو الأخير تقدمت خطوة، نحو عودة المصالحة الوطنية، واستئناف هامشها الديمقراطي الأوسع، وهذا يؤكد دوماً أنه كلما ازدادت مساحة المشاركة الشعبية وخففت القيود على حرية الرأي، استفادت الدولة والشعب.
هناك مساحة مهمة لصالح الدولتين وهناك مصلحة قومية للخليج العربي، لو كانت هذه العلاقة تخضع لتوازن دقيق، والعلاقة مع إيران أحد الملفات المزدوجة سلباً وإيجاباً، فهنا يفهم تماماً أن المواجهة مع إيران خارج حساب الدولتين لأمنهما الخاص، لكن حسم طهران لحرب اليمن ومن قبل نفوذها في بغداد ودمشق ولبنان، سينسحب خطره على كل الخليج العربي، والعقل المتوازن للسلام لن يتحقق دون مراعاة الجانبين.