+ A
A -
سمير البرغوثي
كاتب وصحفي أردني
عندما كان العرب أمة واحدة، وقبل ان يتدخل ماركس وبيكو ويرسمان حدود عالمنا كانت الارحام تنجب الشرفاء مسلمين ومسيحيين، ولم تكن تفرق بين الياس وخالد.. ولم تكن تقول هذا سوري وذاك فلسطيني وهذا لبناني وذاك قطري أو عماني.. ذاك الزمن أنجب الياس خوري وخالد شهاب وسعد زغلول، هذا فقط على سبيل المثال.. فالياس خوري من مسيحيي الشام رفض التعامل مع الفرنسيين. وكان اول رئيس وزراء بعد الاستقلال.. وخالد شهاب سياسي لبناني وكان رئيس وزراء لبنان في عهد الانتداب وبعد الوزارة كان يستخدم وسائل النقل العام في تنقلاته فلم يكن لديه قدرة على شراء سيارة وكان يستخدم سيارة اجرة،
وهناك مقولة مشهورة عن الأمير «خالد» تقول: الأمير خالد جاع وما باع، فقد كان يملك أراضي في «فلسطين» رفض بيعها لليهود بالرغم من حاجته الماسة للمال وعدم تمكّنه من الوصول إليها أو استغلالها وبقي يحتفظ بصكوكها حتى وفاته. من هنا أتى المثل «جاع وما باع» الأمير «خالد شهاب» ترأّس برلمان 1935 و3 حكومات في أعوام 1936 و1938 و1952 وأنتخب نائباً عن محافظة الجنوب كما عيّن وزيرًا عدة مرات وتسلّم وزارات المال والخارجية والمغتربين والعدل والأشغال العامة والنقل.. وبعد كلّ تلك الفترة الطويلة من المشاركة في الحكم، لم يكن قادرًا أن يقتني سيارة، وتوفي في 7 يوليو 1978.. وجزى الله الدكتورة نائلة الوعري الباحثة المقدسية البحرينية، فقد قدمت مجلدين فاخرين مهمين: الأول عن دور الذين باعوا اراضيهم لليهود ومعظمهم من الاثرياء الذين استثمروا في فلسطين وحين جاءت الوكالة الصهيونية وبدأت تدفع الملايين باعوا.. والثاني عن دور القناصل في السمسرة.. وقد ضغطوا على المرحوم شهاب فقال مقولته بجوع وما ببيع، رحمه الله، ورحم الله أمثاله من الشرفاء.. هذه القصة تبين المقارنة بين شرفاء الأمس، ولصوص اليوم، ولصوص الامس.
والله من وراه القصد.
copy short url   نسخ
30/11/2021
1951