مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية يتصدر اللاعب الدولي العربي المصري المعتزل محمد أبو تريكة دوماً، منصات الاهتمام الشعبي في الوطن العربي، ففي تاريخه الشخصي كان مثالاً للأخلاق والود والاحترام لزملاء اللعبة، وتديّنه كان نموذجاً للسلوك الأخلاقي لا مواعظ استعراض، وحضوره كمتبرع ومتطوع وراع للأسرة المصرية الفقيرة وللعدالة الاجتماعية، كان محاطاً بتواضع وتوارٍ عن المباهاة والافتخار.. فقدم هذا الكابتن الرياضي مسيرة حافلة بالنجاح، ورغم ما تعرض له سياسياً من ظلم فادح، إلا أنهُ ظل رمزاً يتصدر المشهد الأخلاقي في الميدان الرياضي المصري والعربي، ويُمثل سفيراً راشداً لم تُرشّحه أنظمة رسمية أو منصات دولية تخضع للحداثة الرأسمالية ولا تبالي بقيم الأمم في أخلاقها.. ولكن احتشدت حوله قلوب عربية وغير عربية رأت هذا البارع في الملعب الكروي، شخصية رشيدة في رسائله الفكرية المبسطة التي تصل إلى كل الطبقات من الناس.
هذه المرة اتحد معه الناس لدفاعه عن قيمة أساسية من قيم الأُسرة، وهي قيمة لا تخص المسلمين بل الفطرة الإنسانية كلها، أبو تريكة لم يتحدث عن نشر المثلية وترويجها متطوعاً في الاستوديو التحليلي لـ «بي إن سبورتس»، وهاجم الحياة الغربية بلا مناسبة هكذا، هو لم يفعل ذلك، ولم يصرح عن هذه الظاهرة معبراً عن رأيه في سوقها الصاخب في الغرب، الذي يُفرض على المدارس وعلى كل محضن اجتماعي أو إعلامي.
لكن الأمر ارتبط بقرار البريمر ليج الدوري الإنجليزي، دعم الحملة المتعسفة ضد الإنسانية في الترويج للمثلية القهرية، ولماذا هي قهرية وضد الإنسانية سنجيب على ذلك. فالكابتن محمد أبو تريكة تحدث في الاستوديو المناط به تغطية الدوري الإنجليزي، والذي تعبر فيه شخصياته عن مناسبات إنسانية تمس المجتمعات، فحديثه هنا عن قرار الإنجليز الذين تتقاطر عليهم وعلى غيرهم من اتحادات أوروبا الكروية الثروات العربية، وهو موقف نتحفظ عليه في الأصل، بغض النظر عن الرؤية الفكرية، كون أن هذه الثروات في المناسبات والدوريات وسوق اللاعبين تجاوزت كل الحدود المعقولة، وأضحت تُضخ لصالح عجلة الرأسمالية الغربية، في حين تحتاج الشعوب وعالم الجنوب لتلك الثروات لأجل غذائها وكسائها ولنهضتها.
لكن حديثنا اليوم عن إقحام البريمر ليج لفكرة سلوكية مُصادمة للفطرة، ومناقضة للتاريخ الإنساني الطبيعي، في موسم رياضي ذات الاتحاد الأوروبي اعتذر في بطولة أوروبا 2020 عن تبنّيه، كونه تدخل ديني في هوية الشعوب، وسواءً ثبت على رأيه بعد ذلك الحين أو لم يفعل، فالعبرة هنا في المنطق، فلماذا تُلزم عشرات الملايين المتابعين للدوري الإنجليزي من أمم الأرض، الحريصة على السلامة النفسية والاستقرار الاجتماعي لأطفالها، بطرح هذه القضية السلوكية الخطيرة عليهم.
فهي سياسة جبر ضمنية تقهر الأُسر حول العالم، من خلال نشر هذه الشعارات، وتَدّخُل في ثقافة الأسرة وجسر قهري يحاصر الأطفال، ولذلك ليست القضية مرتبطة بالكابتن محمد بو تريكة، ولكنها زحفت عليه حيث الأستوديو والميدان الرياضي الذي يشارك فيه، وهذا فرق كبير في فهم تطرف الحملة التي تواجه أبو تريكة، ومشاعر الدفاع الشعبية عنه، بغض النظر عن لغة العرض المناسبة التي يحتاج المثقف اليوم لطرحها، في مواجهة هذا الجدل الفكري الصاخب والخطير.
إن القضية اليوم يجب أن تتحول إلى منهج فكري إنساني فاعل، يُتقن لغة التعبير والرد وفرز الأمور، حيث تحتج المؤسسات الحداثية المادية، المناهضة للروح الأخلاقية للأمم، والمتمردة على إنسانية الطفولة، بأن حديث أبو تريكة وغيره هو موقف يتعدى على حقوق تلك المجتمعات المثلية في الغرب، وفي الحقيقة لا علاقة للأمر بذلك، وما نقصده تحديداً أن أبو تريكة لم يرحل بمذياعه ليهاجم المجتمعات الغربية في منشأها ومحضنها، رغم أن نشر هذا السلوك هناك موقف إسلامي حاسم منه، لا يترتب عليه التعرض بالعنف لأحد، ولكن الوقوف على الحقيقة الطبية والعلمية والفطرية، وكيف يجب أن تعالج الغريزة المنتكسة.
وهذا موقف إنساني شامل يقوم أيضا على الرحمة، والفهم لفرز حالات التغير الهرموني أو السلوكي الطبائعي، عن فرض غريزة معاكسة للذات الإنسانية، وبالذات على الطفولة، إنه من المؤسف أن هناك عجزا كبيرا في لغة المواجهة التصحيحية وفي منابرها، والتي تحتاج إلى منظومة تعبير لا يكفي فيها بيان العلماء الشرعيين المحترمين، والذين تختلف تقديراتهم، وإنما الحجة الفكرية والأخلاقية في منابر العالم، التي يدافع فيها عن حقوق الأمم لأجل سعادتهم وسعادة أطفالهم، ونجاة الفطرة الأخيرة للنفس البشرية.
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية يتصدر اللاعب الدولي العربي المصري المعتزل محمد أبو تريكة دوماً، منصات الاهتمام الشعبي في الوطن العربي، ففي تاريخه الشخصي كان مثالاً للأخلاق والود والاحترام لزملاء اللعبة، وتديّنه كان نموذجاً للسلوك الأخلاقي لا مواعظ استعراض، وحضوره كمتبرع ومتطوع وراع للأسرة المصرية الفقيرة وللعدالة الاجتماعية، كان محاطاً بتواضع وتوارٍ عن المباهاة والافتخار.. فقدم هذا الكابتن الرياضي مسيرة حافلة بالنجاح، ورغم ما تعرض له سياسياً من ظلم فادح، إلا أنهُ ظل رمزاً يتصدر المشهد الأخلاقي في الميدان الرياضي المصري والعربي، ويُمثل سفيراً راشداً لم تُرشّحه أنظمة رسمية أو منصات دولية تخضع للحداثة الرأسمالية ولا تبالي بقيم الأمم في أخلاقها.. ولكن احتشدت حوله قلوب عربية وغير عربية رأت هذا البارع في الملعب الكروي، شخصية رشيدة في رسائله الفكرية المبسطة التي تصل إلى كل الطبقات من الناس.
هذه المرة اتحد معه الناس لدفاعه عن قيمة أساسية من قيم الأُسرة، وهي قيمة لا تخص المسلمين بل الفطرة الإنسانية كلها، أبو تريكة لم يتحدث عن نشر المثلية وترويجها متطوعاً في الاستوديو التحليلي لـ «بي إن سبورتس»، وهاجم الحياة الغربية بلا مناسبة هكذا، هو لم يفعل ذلك، ولم يصرح عن هذه الظاهرة معبراً عن رأيه في سوقها الصاخب في الغرب، الذي يُفرض على المدارس وعلى كل محضن اجتماعي أو إعلامي.
لكن الأمر ارتبط بقرار البريمر ليج الدوري الإنجليزي، دعم الحملة المتعسفة ضد الإنسانية في الترويج للمثلية القهرية، ولماذا هي قهرية وضد الإنسانية سنجيب على ذلك. فالكابتن محمد أبو تريكة تحدث في الاستوديو المناط به تغطية الدوري الإنجليزي، والذي تعبر فيه شخصياته عن مناسبات إنسانية تمس المجتمعات، فحديثه هنا عن قرار الإنجليز الذين تتقاطر عليهم وعلى غيرهم من اتحادات أوروبا الكروية الثروات العربية، وهو موقف نتحفظ عليه في الأصل، بغض النظر عن الرؤية الفكرية، كون أن هذه الثروات في المناسبات والدوريات وسوق اللاعبين تجاوزت كل الحدود المعقولة، وأضحت تُضخ لصالح عجلة الرأسمالية الغربية، في حين تحتاج الشعوب وعالم الجنوب لتلك الثروات لأجل غذائها وكسائها ولنهضتها.
لكن حديثنا اليوم عن إقحام البريمر ليج لفكرة سلوكية مُصادمة للفطرة، ومناقضة للتاريخ الإنساني الطبيعي، في موسم رياضي ذات الاتحاد الأوروبي اعتذر في بطولة أوروبا 2020 عن تبنّيه، كونه تدخل ديني في هوية الشعوب، وسواءً ثبت على رأيه بعد ذلك الحين أو لم يفعل، فالعبرة هنا في المنطق، فلماذا تُلزم عشرات الملايين المتابعين للدوري الإنجليزي من أمم الأرض، الحريصة على السلامة النفسية والاستقرار الاجتماعي لأطفالها، بطرح هذه القضية السلوكية الخطيرة عليهم.
فهي سياسة جبر ضمنية تقهر الأُسر حول العالم، من خلال نشر هذه الشعارات، وتَدّخُل في ثقافة الأسرة وجسر قهري يحاصر الأطفال، ولذلك ليست القضية مرتبطة بالكابتن محمد بو تريكة، ولكنها زحفت عليه حيث الأستوديو والميدان الرياضي الذي يشارك فيه، وهذا فرق كبير في فهم تطرف الحملة التي تواجه أبو تريكة، ومشاعر الدفاع الشعبية عنه، بغض النظر عن لغة العرض المناسبة التي يحتاج المثقف اليوم لطرحها، في مواجهة هذا الجدل الفكري الصاخب والخطير.
إن القضية اليوم يجب أن تتحول إلى منهج فكري إنساني فاعل، يُتقن لغة التعبير والرد وفرز الأمور، حيث تحتج المؤسسات الحداثية المادية، المناهضة للروح الأخلاقية للأمم، والمتمردة على إنسانية الطفولة، بأن حديث أبو تريكة وغيره هو موقف يتعدى على حقوق تلك المجتمعات المثلية في الغرب، وفي الحقيقة لا علاقة للأمر بذلك، وما نقصده تحديداً أن أبو تريكة لم يرحل بمذياعه ليهاجم المجتمعات الغربية في منشأها ومحضنها، رغم أن نشر هذا السلوك هناك موقف إسلامي حاسم منه، لا يترتب عليه التعرض بالعنف لأحد، ولكن الوقوف على الحقيقة الطبية والعلمية والفطرية، وكيف يجب أن تعالج الغريزة المنتكسة.
وهذا موقف إنساني شامل يقوم أيضا على الرحمة، والفهم لفرز حالات التغير الهرموني أو السلوكي الطبائعي، عن فرض غريزة معاكسة للذات الإنسانية، وبالذات على الطفولة، إنه من المؤسف أن هناك عجزا كبيرا في لغة المواجهة التصحيحية وفي منابرها، والتي تحتاج إلى منظومة تعبير لا يكفي فيها بيان العلماء الشرعيين المحترمين، والذين تختلف تقديراتهم، وإنما الحجة الفكرية والأخلاقية في منابر العالم، التي يدافع فيها عن حقوق الأمم لأجل سعادتهم وسعادة أطفالهم، ونجاة الفطرة الأخيرة للنفس البشرية.