لم تعد قضية إيمان شعوب الشرق المسلم بفارقها القيمي مسألة خلاف فكري وسلوكي بين الشرق والغرب، اعتَقَد هذا الشرق قديماً بأن التعسف ضد الروح وقهر الذات المعنوية للإنسان في ميكانيكية العسف المادي الشرس الذي انتجته الحداثة هو قهر للطبيعة العادلة في الخليقة والفطرة التي أقام الله عليها نواميس الكون، وكان الإسلام وأحدد بذلك الفكرة الإسلامية ذاتها لا سلوكيات المسلمين المنحرفة منذ القدم هي أكبر حصن واجه تلك الرياح العاتية التي مثلت البعد الآخر للمشروع الكولونيالي الغربي.
ونحن لا نُغرق هنا في نظرية المؤامرة وإنما في بسط تاريخ تصدير الأفكار الغربية للشرق عموماً وللمسلمين خصوصاً، كما أننا نتعاطى اليوم فعلياً مع موجات تصدير إلزامي وفرض موازين على العالم المسلم، تتحرك فيها مؤسسات مرتبطة بقوة الغرب الرأسمالية، وأحياناً سفارات تمثل الغرب الرسمي، فضلاً عن التواطؤ بل المشاركة الفاعلة النافذة من مالكي منصات السوشل ميديا.
حتى بتنا في ميدان الحَكَمُ فيه هو الخصم ذاته، وبالتالي لن تصل الفكرة المقابلة الناقدة للمنظومة الغربية الحداثية في فلسفة الأخلاق ومنتجاتها، واليوم يتصدرها الجنسانية الجندرية بكل صورها، والتي تقوم على نزع الوجود الإنساني من الإيمان بالأسرة الصغيرة التي تخلقت جسدياً وانسجمت بروح أخلاقية، وتُحوّلها إلى خلية مادة عدمية يؤسس لها إطار مزعوم لتبرير وجودها وأنسنتها، فتسقط الأسرة وروح الفرد وانضباط المجتمع الأسري، وعلاقة الحب والبِر بين الوالدين وبنيهم، وبيت السكينة المطمئنة بين الزوجين وردائها الرومانسي والتضامني الوجداني.
مواسم تصحّر عاصفة لا تهدأ، وفي المقابل تتقاصر هنا قدرات الرد، بل حتى الفهم في المجتمعات المسلمة والتي تُعاني في الأصل من أمراض سلوك، وطبائع عنف وجاهلية اجتماعية تمارس ضد المرأة أو الطفولة، دون رد أو حماية للضحايا، وتترس بعادات وتقاليد مخالفة للإسلام، ولكنها تُمنح قدسية الإسلام زوراً وبهتاناً.
وليس هذا وحسب، بل إن ثقافة الوعي العام لتوازن الإسلام ورعايته المبدعة للحياة الاجتماعية، ليس مستوعباً في هذه القواعد الشعبية الصاخبة، فتستيقظ معبأة بنمط محدد عن الموقف الإسلامي للأسرة، أو لغة خطاب مشحونة متوترة تتهم كل من لم تفهمه، بالضلال أو التجديف ضد الدين، فيما الخلل في ذلك المنبر الشعبوي أو التحشيد العاطفي الظالم، فترتد صورة ذلك الهجوم سلبياً على شرائح الشباب من جديد، ويعودون لشريعة الحداثة الإلحادية ونظرية الجندر والفردانية المطلقة للذات.
وهذه المصطلحات التي ذكرتها هي المؤسِسات لخروج الشباب عن الإسلام، ورفضهم للتضامن الاجتماعي مع أسرتهم، ووضع بيت العائلة القريب في خانة السجن في ضميرهم، حيث يتضخم في عقليتهم مسمى التسلط الأبوي حتى ولو كان الوالد لم يمارس ظلماً أو تعسفا عليه، وإن كانت مهارة الأبوين وفقههم الأخلاقي مساعداً كبيراً لتجاوز أسئلة الفراغ والتمرد الروحي لدى الشباب.
ولكننا في المحصلة النهائية نعاني من استمرار سقوط الشباب في حبائل حقيقية لا مُدّعَاة للمصيدة الغربية، وهي مصيدة تنتشر شباكها في كل زوايا الإعلام الجديد ومسارات الميديا، فتخلق ثقافة منفصلة عن القيم وعن دلائل الإيمان العقلية، وأهمية الأخلاق في الرحلة البشرية، ويبقى الشاب والشابة رهيناً في دورات التعسف المتعددة للتصحر الروحي، حتى يعتنق الإلحاد أو تَجذب الفتاة نظرية الجندر غير المحدد وترى في اللاأدرية مذهباً مُرضياً لأسئلتها، فتسقط روحها من الداخل وتسقط معها علاقة الأسرة بها.
وهنا تتبين لنا الحاجة الضرورية اليوم لوضع منهج تربوي واقعي بلغة مبسطة، تعتمده الدول في مناهج التعليم والإعلام، وفي التوجيه الأُسري، يُعيد التوجيه القيمي لحياة الفرد، ومراحل الشباب، وهو يحتاج أن يعتمد وسائط العصر، كما أنه يوثّق العلاقة بالحوار وقبول السؤال واحتواء الاحتجاج، كثقافة ودودة ومتفاهمة داخل الأسرة.
وهذا تحتاجه كل المؤسسات ذات العلاقة بثقافة المجتمع وتنشئة الجيل، وتوجيه الرأي العام إلى منهج رشيد هادئ في التعاطي مع أسئلة وثقافة الفرد، والإيمان بأن بعض ما يُنقل باسم الدين، ليس من الدين بالضرورة، بل قد يكون منافياً له ولأصوله، وأن الشاب أو الشابة حين تعترض على تصور ديني فقد يكون الأمر أزمة فهم، أو أزمة تطبيق أو سلوك غير رشيد ارتبط بهذا العرف، الذي ضرره أكبر من نفعه.بقلم: مهنا الحبيل
ونحن لا نُغرق هنا في نظرية المؤامرة وإنما في بسط تاريخ تصدير الأفكار الغربية للشرق عموماً وللمسلمين خصوصاً، كما أننا نتعاطى اليوم فعلياً مع موجات تصدير إلزامي وفرض موازين على العالم المسلم، تتحرك فيها مؤسسات مرتبطة بقوة الغرب الرأسمالية، وأحياناً سفارات تمثل الغرب الرسمي، فضلاً عن التواطؤ بل المشاركة الفاعلة النافذة من مالكي منصات السوشل ميديا.
حتى بتنا في ميدان الحَكَمُ فيه هو الخصم ذاته، وبالتالي لن تصل الفكرة المقابلة الناقدة للمنظومة الغربية الحداثية في فلسفة الأخلاق ومنتجاتها، واليوم يتصدرها الجنسانية الجندرية بكل صورها، والتي تقوم على نزع الوجود الإنساني من الإيمان بالأسرة الصغيرة التي تخلقت جسدياً وانسجمت بروح أخلاقية، وتُحوّلها إلى خلية مادة عدمية يؤسس لها إطار مزعوم لتبرير وجودها وأنسنتها، فتسقط الأسرة وروح الفرد وانضباط المجتمع الأسري، وعلاقة الحب والبِر بين الوالدين وبنيهم، وبيت السكينة المطمئنة بين الزوجين وردائها الرومانسي والتضامني الوجداني.
مواسم تصحّر عاصفة لا تهدأ، وفي المقابل تتقاصر هنا قدرات الرد، بل حتى الفهم في المجتمعات المسلمة والتي تُعاني في الأصل من أمراض سلوك، وطبائع عنف وجاهلية اجتماعية تمارس ضد المرأة أو الطفولة، دون رد أو حماية للضحايا، وتترس بعادات وتقاليد مخالفة للإسلام، ولكنها تُمنح قدسية الإسلام زوراً وبهتاناً.
وليس هذا وحسب، بل إن ثقافة الوعي العام لتوازن الإسلام ورعايته المبدعة للحياة الاجتماعية، ليس مستوعباً في هذه القواعد الشعبية الصاخبة، فتستيقظ معبأة بنمط محدد عن الموقف الإسلامي للأسرة، أو لغة خطاب مشحونة متوترة تتهم كل من لم تفهمه، بالضلال أو التجديف ضد الدين، فيما الخلل في ذلك المنبر الشعبوي أو التحشيد العاطفي الظالم، فترتد صورة ذلك الهجوم سلبياً على شرائح الشباب من جديد، ويعودون لشريعة الحداثة الإلحادية ونظرية الجندر والفردانية المطلقة للذات.
وهذه المصطلحات التي ذكرتها هي المؤسِسات لخروج الشباب عن الإسلام، ورفضهم للتضامن الاجتماعي مع أسرتهم، ووضع بيت العائلة القريب في خانة السجن في ضميرهم، حيث يتضخم في عقليتهم مسمى التسلط الأبوي حتى ولو كان الوالد لم يمارس ظلماً أو تعسفا عليه، وإن كانت مهارة الأبوين وفقههم الأخلاقي مساعداً كبيراً لتجاوز أسئلة الفراغ والتمرد الروحي لدى الشباب.
ولكننا في المحصلة النهائية نعاني من استمرار سقوط الشباب في حبائل حقيقية لا مُدّعَاة للمصيدة الغربية، وهي مصيدة تنتشر شباكها في كل زوايا الإعلام الجديد ومسارات الميديا، فتخلق ثقافة منفصلة عن القيم وعن دلائل الإيمان العقلية، وأهمية الأخلاق في الرحلة البشرية، ويبقى الشاب والشابة رهيناً في دورات التعسف المتعددة للتصحر الروحي، حتى يعتنق الإلحاد أو تَجذب الفتاة نظرية الجندر غير المحدد وترى في اللاأدرية مذهباً مُرضياً لأسئلتها، فتسقط روحها من الداخل وتسقط معها علاقة الأسرة بها.
وهنا تتبين لنا الحاجة الضرورية اليوم لوضع منهج تربوي واقعي بلغة مبسطة، تعتمده الدول في مناهج التعليم والإعلام، وفي التوجيه الأُسري، يُعيد التوجيه القيمي لحياة الفرد، ومراحل الشباب، وهو يحتاج أن يعتمد وسائط العصر، كما أنه يوثّق العلاقة بالحوار وقبول السؤال واحتواء الاحتجاج، كثقافة ودودة ومتفاهمة داخل الأسرة.
وهذا تحتاجه كل المؤسسات ذات العلاقة بثقافة المجتمع وتنشئة الجيل، وتوجيه الرأي العام إلى منهج رشيد هادئ في التعاطي مع أسئلة وثقافة الفرد، والإيمان بأن بعض ما يُنقل باسم الدين، ليس من الدين بالضرورة، بل قد يكون منافياً له ولأصوله، وأن الشاب أو الشابة حين تعترض على تصور ديني فقد يكون الأمر أزمة فهم، أو أزمة تطبيق أو سلوك غير رشيد ارتبط بهذا العرف، الذي ضرره أكبر من نفعه.بقلم: مهنا الحبيل