كانت الزبارة بالنسبة لأسلافنا ميناءً مزدهراً لصيد وتجارة اللؤلؤ، أما اليوم فهي أكبر موقع تراثي في دولة قطر، وتضم سور المدينة المذهل، وقصورها السكنية، وبيوتها، وأسواقها، ومناطقها الصناعية ومساجدها.الزبارة من أحد أفضل الأمثلة الباقية للمدن الخليجية التي كانت تقوم على التجارة خلال الفترة الممتدة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أدرجت عام 2013 على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.وسُجلت منطقة الزبارة عام 2009 كمنطقة محمية، ومنذ ذلك الحين ترأست متاحف قطر عدة فرق من العلماء وعلماء الآثار لإجراء تحريات أثرية في الموقع، حيث عملوا من خلال أبحاثهم ومقابلة السكان المحليين على توثيق فترات ازدهار وانهيار هذه المنطقة الفريدة من نوعها، والتي كانت ذات يوم ميناءً مزدهراً يعج بالصيادين والتجار.وفي عام 2013 سجلت لجنة التراث العالمي موقع الزبارة الأثري على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، ويتألف الموقع المُدْرَج من ثلاثة أجزاء رئيسية أكبرها البقايا الأثرية للمدينة التي يعود تاريخها إلى عام 1760. أما قلعة مرير فهي مستوطنة مترابطة بمدينة الزبارة الأولى حُصِّنَت من أجل حماية الآبار الداخلية للمدينة، بينما تُعَدّ قلعة الزبارة التي شُيِّدت عام 1938 أحدث تلك الأجزاء وأبرزها في الموقع.والعمل جار حالياً على حماية القلعة أمام الظروف الصحراوية والساحلية القاسية لكي تستقبل أجيالاً قادمة من الزوار، كما نبني منصة على البرج الشمال الغربي؛ لتوفير إطلالة رائعة للزوار على الموقع الأثري في الجوار، وسنجهزها بشاشات تعرض محتوى رقمياً تفاعلياً.تكشف الزبارة ومحيطها الثقافي عن التحول الاجتماعي والاقتصادي للأرض، وعن تاريخ التجارة وتقاليد صيد اللؤلؤ اللذين شكّلا مصدر عيش المدن الساحلية الكبرى من الفترة الإسلامية المبكرة إلى القرن العشرين، فالزبارة مثال قيِّم على قدرات التخطيط العمراني في تلك الفترة.كما تدفعنا الزبارة إلى التأمل في التعايش والتآلف بين الثقافات والمجموعات العرقية من شبه الجزيرة العربية في تلك الفترة من الزمن، وتقدم أمثلة على التقنيات القطرية التقليدية للبناء.و«يشكل إدراج موقع الزبارة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي حدثاً مهمّاً، ويأتي ذلك نتيجة جهود هائلة للحفاظ على هذا الموقع التاريخي، وقد تم الاعتراف به بسبب إرثه البشري وأهميته بالنسبة لمواطني دول الخليج».وفي عام 2014، عثرت فرق من علماء الآثار برئاسة متاحف قطر إضافة إلى فرق مشاركة من جامعة كوبنهاغن وجامعة إكستر على 15 رسمة محفورة على الجص على جدران المباني القديمة في موقع الزبارة.وبدت الرسومات على الجدران القديمة وكأنها تجسّد سفن المحيط الكبيرة التي كانت تستخدم بشكل شائع آنذاك في منطقة الخليج والمحيط الهندي لأعمال التجارة. ويشكّل هذا الاكتشاف دليلاً إضافياً على الأهمية التجارية لموقع الزبارة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والعلاقة المترابطة بين السكان والبحر.ومن بين القطع الأثرية الأخرى التي عُثر عليها في موقع الزبارة عملات من القرن الثامن عشر، وخزفيات من الصين، وفخار، وأوزان غوص.
أقلام حرة
قلعة الزبارة
جريدة الوطن
Aug 27, 2022
شارك