+ A
A -
لانه كتب عليهم الشتات في الارض منذ غضب الله عليهم في سيناء، بعد ان قالوا لموسى «اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون» وهم يعيشون عالة على الدول العظمى.. لا ثقافة ولا تاريخ ولا وطن فلجأوا إلى الدولة الرومانية ثم الأموية ثم الأندلسية ثم العثمانية ومن بعد البريطانية فالأميركية.. نعم لا ثقافة ولا تاريخ وكل ادعاءاتهم غير صحيحة.. سرقوا ارض فلسطين وقالوا وطن بلا شعب، وانكروا خمسة آلاف سنة عاشها الكنعانيون في فلسطين.. ولا زالوا.
ذات يوم صيفي في عقد الثمانينات رأيت ثلاث جميلات يرتدين الثوب الفلسطيني.. اقتربت منهن وسألت من اين هذا الثوب ؟ فقالت احداهن: من إسرائيل.. وكان ثوبها فيه خطان من الحرير المطرز الاحمر من الصدر إلى آخر الصوب. سألتها ماذا يعني هذا الخط؟ قالت: انا حديثة التعيين ارتدي ثوبا بخط واحد.. فيما كانت زميلتها ترتدي ثوبا بخطين وعجزت عن تفسير سبب الخط والخطين، وحين كشفت أمام الحضور ان الفلسطينية العزباء ترتدي ثوبا بخط واحد على اليمين وآخر على الشمال والمتزوحة يكون لها خطان في كل جهة.. احرجت مضيفات العال الاسرائيلية التي ألبسوها ثوبا لا تنتمي اليه وشعرن انهن فعلا من اللصوص.. فغادرن مسرعات.
احيي النساء اللواتي يحملن مشعل المقاومة بالتراث والثقافة جنبا إلى جنب مع القلم والبندقية. في معرض إلهام الانصاري القطرية في اسطنبول في اغسطس الماضي وفي كتارا حاليا تجد تأكيدا لثقافة شعب لا يمكن إلغاؤها مهما علت إسرائيل.. انظر في ثوب بئر السبع تجد حكاية درامية، فالثوب الذي يغلب عليه اللون الأحمر هو للعروس، واللون الأزرق للأرملة، أما التي تتزوج للمرة الثانية فتطرز إلى جانب اللون الأحمر الأزهار وبعض الصور.. وتجد في ثوب المقدسية أثرا لكل العصور التي مرت على القدس، فعلى الصدر توجد قبة ملكات الكنعانيين وعلى الجوانب تظهر طريقة التصليب منذ أيام الحكم الصليبي، كما ويظهر الهلال والآيات القرآنية دليل على عودة القدس للحكم الإسلامي العربي.. وآثار النكبة والنكسة تظهر على الثوب الفلسطيني الذي بات حزينا مع اختفاء العرق المبتسم.
بقلم: سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
16/12/2021
2057