+ A
A -
كان لأبي طلحة الأنصاري ولدٌ قد مرضَ مرضاً شديداً، فخرجَ أبو طلحة من بيته إلى بستانه، ثم إلى المسجد، وفي هذه الأثناء ماتَ الصبيُّ، فقامتْ أم سُليمٍ إليه، فغسَّلته وكفَّنته، وتركته في فراشه كأنه نائم، فلما عاد أبو طلحة سأل زوجته أم سليم: ما فعلَ ابني؟
فقالت له: هو أسكنُ ما كان!
ثم قرَّبتْ إليه طعام فأكل، ثم أراد منها ما يريدُ الرجل من زوجته، فأجابته، فلما فرغا، قالتْ له: قُمْ ادفِنْ الصبيِّ!
فلما كان الصباح جاء أبو طلحة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأخبره بالذي كان من زوجته أم سُليم
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أعرستم الليلة؟
فقال أبو طلحة: نعم
فقال: اللهمَّ بارك لهما!
فولدتْ أم سُليم من بركة تلك الليلة بعد تسعة أشهر غلاماً ببركة ودعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
فقالتْ له أم سُليم بعد أن وضعته: احفظه حتى تأتيَ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأرسلتْ معه بعض تمراتٍ ليُحنكه بها، فيكون أول شيءٍ يدخل جوف الغلام ريق النبيِّ صلى الله عليه وسلم!
فأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الغلام، ثم قال لأبي طلحة: أمعكَ شيءٌ؟
فقال أبو طلحة: تمرات
فأخذها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم مضغها بفمه الشريف، ثم حنَّكَ بها المولود، وأسماه عبد الله!
يا للإيمان حين تُخالط بشاشته القلوب، فإياكَ أن تتهم أم سُليم بأنها ناقصة الأمومة، واللهِ إنها لامرأة طاعنة في الإيمان، جبل في الصبر، قمة في الفهم، عملاقة في الرضا، تعرفُ أن الفزع لا يردُّ غائباً، فلم تُردْ أن تُفسِدَ على زوجها ليلته، أرادتْ أن يتناول طعامه ويستريح أولاً، ثم تخبره بموت ابنهما، ولكن قدَّر الله شيئاً آخر، وإنَّ الحيَّ أبقى من الميت، وإن الدين اتباع، وكان إذا ماتَ لأمهات المؤمنين أخ أو أب، تنتظِرُ مرور ثلاثة أيامٍ، ثم تغتسل وتأخذُ طيباً، ثم تقول ليس لي في الطيب من حاجة، ولكن لا يحل لمسلم أن يحد على مسلم فوق ثلاث!
كانوا في أحزانهم تماماً كما في أفراحهم في رضى الله تعالى ووفق شرعه!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
21/12/2021
3313