+ A
A -
كان الكِفْلُ من بني إسرائيل، وقد اشتهر بفسقه وفجوره، فلم يكن يتورع عن ذنب، فأتته امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها، فلما قعدَ منها مقعد الرجل من امرأته بكتْ!
فقال لها: ما يُبكيكِ؟ هل أكرهتكِ؟
فقالتْ: لا، ولكن هذا عمل لم أعمله قط، وإنما حملتني عليه الحاجة!
فقال لها: تفعلين هذا ولم تفعليه قط! فواللهِ لا أقربكِ، اذهبي لا بأس عليكِ، والدنانير لكِ!
فلما ذهبتْ قال: واللهِ لا يعصي الكفل ربَّه أبداً بعد اليوم..
فماتَ من ليلته، فأصبح مكتوباً على بابه: قد غفرَ اللهُ عزَّ وجل للكِفل!
يُرسلُ الله تعالى إلينا الرسائل التي تُعيدنا إليه دوماً، فافهموها جيداً!
المريض الذي تزوره هو رسالة من اللهِ لكَ أن عُدْ إلىَّ قبل أن تُسلب منك عافيتك، وتكون مكان الذي جئتَ تزوره!
والميت الذي تمشي في جنازته هو رسالة من اللهِ لكَ أن اعتبِرْ قبل أن تُحمل على الأكتاف كما هذا الميت!
والفقير الذي رأيته يمدُّ يده للناس هو رسالة من اللهِ لكَ أن تصدَّقْ وادخر لآخرتك فالذي أعطاكَ وحرمه، قادر على أن يحرمكَ ويعطيه!
والأطفال المشردون في الشوارع رسالة من اللهِ لكَ أنَّ لكَ أباً وأماً قد أفنيا عمرهما في رعايتك فبرهما، قد كان ممكناً أن تكون مشرداً أيضاً!
حتى وأنتَ في طريقك إلى المعصية يُرسلُ الله سبحانه إليكَ الرسائل، تماماً كدمعة المرأة بين يدي الكِفل!
علَّمنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه من همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كُتبت له حسنةً كاملة، يجازي الله سبحانه على النوايا! فإن عملها كُتبت له عشر حسنات! ومن همَّ بسيئةٍ فلم يعملها خشيةً من الله كُتبت له حسنة كاملة، فإن التركَ للهِ عبادة أيضاً! فإن عملها كُتبت عليه سيئةً واحدة!
هناك دوماً طريق عودة إلى الله ليس في أثناء سيرك إلى المعصية فقط، وإنما في أثنائها أيضاً، كان الكفل جالساً بين رجلي المرأة، فعادَ إلى الله!
قالت العربُ قديماً: تموتُ الحرة ولا تأكل بثدييها! وهم يريدون أن يقولوا إن المرأة العفيفة الحرة لا تعمل في البغاء، ولا ترتزق من الزنا ولو ماتت من الجوع!
ولكن الناس ليسوا على مستوى واحدٍ من الإيمان والفهم، والحاجة قد تكسرُ الإنسان كما كسرت الحاجة هذه المرأة، فويل للذين يستغلون حاجات الناس، ويساومونهم عن أعراضهم وكراماتهم وشرفهم!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
28/12/2021
2893