محمد هنيد
أستاذ محاضر بجامعة السوربون «العدل أساس العمران» مقولة قديمة رسخها العلامة والمؤرخ ومؤسس علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون لكنها بقيت قانونا حيا يختزل سرّ تقدّم الأمم وسرّ تمكّن العمران وسبب بقاء السلطة ودوام حالها. إن مساءلة هذه المقولة اليوم في سياق الربيع العربي، وما أعقبه من هزات عنيفة عرفتها المنطقة سيسمح لنا بتبيّن ما تستبطنه المقولة من أحكام عابرة للمكان والزمان.
لم تخرج الشعوب المطالبة بالحرية والعدل والكرامة إلا لأنها تشبعت بآثار انعدام العدل وبارتدادات الفساد ونتائجه المدمّرة على الدولة والمجتمع، إن السبب الأساسي لكل انفجار اجتماعي مهما كان مصدرة ونوعه إنما يمكن في اختلال التوازن بين حاجيات المجتمع من ناحية وسلوك السلطة السياسية من ناحية ثانية. فالبطالة والمحسوبية والفساد وارتفاع الأسعار وانعدام تكافؤ الفرص وانهيار التعليم والصحة والبنية التحتية... إنما هي مظاهر انعدام العدل وانخرام منظومة القوانين الضامنة لحقوق المواطن.
لا يقتصر العدل على مفهومه السياسي والحضاري بل يشمل أساسا منظومة الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور وتسهر المحاكم على تطبيقها عبر ردّ المظالم وإنصاف المتشاكين، كما يشمل العدل منظومة الحقوق الأساسية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة وحماية المكونات الأضعف داخل المجتمع وتوفير أساسيات الكرامة الإنسانية من عمل وصحة وتعليم.
إن استقرار دول كثيرة في العالم وتحولها إلى بلد جاذب للمهاجرين إنما يقوم أساسا على قوّة منظوماتها الحقوقية وقدرتها على توفير شروط العيش الأساسية للمقيمين فيها بقطع النظر عن أعراقهم وأجناسهم ودياناتهم. أما الدكتاتوريات فإنها لا تقوم إلا بعد إلغاء منظومة العدالة ومحاصرة القانون وتطويعه لخدمتها من أجل تجميع كل السلطات بما فيها السلطة القضائية في يد المستبدّ.
بناء على ما تقدّم فإنه لا يمكن الحديث عن سِلم اجتماعي أو رخاء اقتصادي أو أمن قومي دون إرساء منظومة حقوقية وقانونية متكاملة تراعي خصوصيات المجتمع وتعمل على منع ظهور شروط التمايز أو الطبقية أو العنصرية أو غيرها من الأمراض الاجتماعية. بل إن هذه المنظومات القانونية لا بد أن تكون موجّهة إلى حماية الفئات الأكثر هشاشة وضعفا في المجتمع لا لحماية مصالح الطبقات الغنية والنافذة في نفس المجتمع.
إن بقاء المنظومات القانونية العربية رهينة السلطة التنفيذية وأداة من أدواتها يجعل من عملية التنمية والنهوض عملية غير ممكنة إن لم نقل مستحيلة، لا نهضة ولا نماء لأي مجتمع دون بناء منظومة العدالة الاجتماعية التي ستكون رافعة حقيقة لكل شروط البناء السياسي والاقتصادي والحضاري العام.
أستاذ محاضر بجامعة السوربون «العدل أساس العمران» مقولة قديمة رسخها العلامة والمؤرخ ومؤسس علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون لكنها بقيت قانونا حيا يختزل سرّ تقدّم الأمم وسرّ تمكّن العمران وسبب بقاء السلطة ودوام حالها. إن مساءلة هذه المقولة اليوم في سياق الربيع العربي، وما أعقبه من هزات عنيفة عرفتها المنطقة سيسمح لنا بتبيّن ما تستبطنه المقولة من أحكام عابرة للمكان والزمان.
لم تخرج الشعوب المطالبة بالحرية والعدل والكرامة إلا لأنها تشبعت بآثار انعدام العدل وبارتدادات الفساد ونتائجه المدمّرة على الدولة والمجتمع، إن السبب الأساسي لكل انفجار اجتماعي مهما كان مصدرة ونوعه إنما يمكن في اختلال التوازن بين حاجيات المجتمع من ناحية وسلوك السلطة السياسية من ناحية ثانية. فالبطالة والمحسوبية والفساد وارتفاع الأسعار وانعدام تكافؤ الفرص وانهيار التعليم والصحة والبنية التحتية... إنما هي مظاهر انعدام العدل وانخرام منظومة القوانين الضامنة لحقوق المواطن.
لا يقتصر العدل على مفهومه السياسي والحضاري بل يشمل أساسا منظومة الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور وتسهر المحاكم على تطبيقها عبر ردّ المظالم وإنصاف المتشاكين، كما يشمل العدل منظومة الحقوق الأساسية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة وحماية المكونات الأضعف داخل المجتمع وتوفير أساسيات الكرامة الإنسانية من عمل وصحة وتعليم.
إن استقرار دول كثيرة في العالم وتحولها إلى بلد جاذب للمهاجرين إنما يقوم أساسا على قوّة منظوماتها الحقوقية وقدرتها على توفير شروط العيش الأساسية للمقيمين فيها بقطع النظر عن أعراقهم وأجناسهم ودياناتهم. أما الدكتاتوريات فإنها لا تقوم إلا بعد إلغاء منظومة العدالة ومحاصرة القانون وتطويعه لخدمتها من أجل تجميع كل السلطات بما فيها السلطة القضائية في يد المستبدّ.
بناء على ما تقدّم فإنه لا يمكن الحديث عن سِلم اجتماعي أو رخاء اقتصادي أو أمن قومي دون إرساء منظومة حقوقية وقانونية متكاملة تراعي خصوصيات المجتمع وتعمل على منع ظهور شروط التمايز أو الطبقية أو العنصرية أو غيرها من الأمراض الاجتماعية. بل إن هذه المنظومات القانونية لا بد أن تكون موجّهة إلى حماية الفئات الأكثر هشاشة وضعفا في المجتمع لا لحماية مصالح الطبقات الغنية والنافذة في نفس المجتمع.
إن بقاء المنظومات القانونية العربية رهينة السلطة التنفيذية وأداة من أدواتها يجعل من عملية التنمية والنهوض عملية غير ممكنة إن لم نقل مستحيلة، لا نهضة ولا نماء لأي مجتمع دون بناء منظومة العدالة الاجتماعية التي ستكون رافعة حقيقة لكل شروط البناء السياسي والاقتصادي والحضاري العام.