+ A
A -
يروي «إيسوب» في خرافاته الم متعة، أن السنديانة قالت يوما للقصبة: يا لضعفك ولينك، لو حط عليك عصفور لانحنيت، ولو مرت بك نسمة لأحنت رأسك! ا نظري إلى كيف أقف قوية شامخة، أتحدى أشعة الشمس، وأهزم الريح، وما يبدو لك عاصفة، هو كالنسيم عندي، لا شيء أبدا يمكنه أن ينال مني!
فقالت لها القصبة: إن خوفي من الريح أقل من خوفك، فعندما تهب، أنحني حتى تمر، أما أنت فليباسة رأسك تتكسر أغصانك!
وما كادت القصبة تنهي كلامها، حتى جاءت ريح الشمال أقوى وأعتى مما تأتي عليه عادة! انحنت القصبة كالعادة مع كل هجوم للريح، أما السنديانة فكانت تسقط غصنا بعد آخر!
أول ما خطر في بالي عندما قرأت هذه القصة هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير»!
وقول هو بأبي هو وأمي ونفسي والناس أجمعين: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه»!
الحياة مليئة بالمواقف التي هي على شكل عواصف ويجب على الإنسان أن ينحني أمامها حتى تمر، وهذا من حسن الخلق، وأدب العشرة، وطيب الأصل!
تقع الخلافات الزوجية في كل البيوت، ويباس الرأس في هذه المواقف دمار للأسرة، وفرقة للقلوب، ومجلبة للوحشة والنفور، العقلاء يتغاضون، فإن البيوت إنما تستمر بالتغاضي والتطنيش، لأن كسب المواقف في هذه الحالات يعني كسر الطرف الآخر، وتفكيك عرى الأسرة!
وتقع الخلافات في كل العائلات، والذي يسعى فيها لكسب الجولة دوما سينتهي به المطاف لأن يكون قاطع رحم، فأي حرب هذه أن يبارز المرء نفسه، وأن يغرز رمحه في لحمه!
في الأمور التي تتعلق بالعقيدة والدين والمبادئ، قف كالسنديانة ولو لم يبق فيك غصن واحد بخير، أما في مواقف الحياة مع الأهل والأصدقاء والجيران ورفاق العمل فكن قصبة لينة، فمن لان كثرت أغصانه، وإن الله تعالى يعطي على الرفق ما لا يعطي على غيره!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
03/02/2022
1713