مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةكان من الواضح خلال زيارة سمو الأمير إلى الولايات المتحدة مؤخرا أن موقع قطر قد تقدم كثيراً في حسابات البيت الأبيض، وخاصة في عهد الرئيس جو بايدن، الذي كانت حملته الانتخابية قريبة من الدوحة، وأن خلاصات الموقف من بعد أزمة الخليج العربي، قد ساهمت في دفع قطر لهذا الموقع، أخذاً بالاعتبار موقفها العقلاني، الذي ساهم في طي الأزمة، رغم صعوبة التخلص من آثارها.
ولعل سؤالا يطرح هنا في هذا الصدد، ماذا لو عاد الرئيس ترامب لسدة الحكم في البيت البيضاوي، في ظل تراجع شعبية الرئيس بايدن، وهذه حسابات لا يمكن المراهنة عليها اليوم، حتى لو فشلت محاولة إقصاء ترامب قانونيا، لكن الأهم هنا أن سياسة الدوحة بدأت في كسب موقفها منذ المرحلة الأخيرة لترامب، وأن إدارة الأخير صححت موقفها، والأمرُ الآخر، أن خطة الانسحاب من أفغانستان، بدأت في الأصل في إدارة ترامب، وواصل بايدن التعامل مع علاقات الدوحة بطالبان حتى اليوم.
وعليه تعززت هنا جسور الدوحة والحاجة إليها، في ضمان تأمين خروج القوات الأميركية المحتلة مقابل وقف الحرب، وإن بقي ما هو غاية في الأهمية للشعب، وهو الوصول للمصالحة الوطنية، وانفتاح طالبان على الملف الداخلي، وتغيير طريقة التعاطي مع نموذج الدولة، والتمثيل الشعبي، ومشاركته بكل أطيافه.
ومع مشاريع مشتركة أخرى، خاصة في مصادر الطاقة، بات هناك رصيد قوي لاعتماد التعامل مع الدوحة كشريك، رغم الفارق الضخم بين الدولتين، غير أن مهام الدوحة في التعامل مع النظام الدولي، والمؤسسات الغربية، مع وجود جسور حيوية لها مع أطراف الصراع في الشرق، حقق لها هذا الموقع.
وهو موقع يحتاج إلى مساحة حذر أيضاً، أثبتت خطورته مرحلة الأزمة الأخيرة، لحاجة قطر لتقدير المسافات جيداً، لأجل انعكاس جهودها لصالح السلم الداخلي في دول الصراع، ليكون الارتداد الإيجابي في اتجاه هذه الشعوب أيضاً، فتؤمّن قطر أرضية استراتيجية لها مع الشعوب، وتعالج أي موقف أو صورة قد تؤثر على الدولة وأمنها القومي الخارجي، في دول الصراع ذات العلاقة.
من هنا تبرز الملفات الأخرى خارج الاهتمام الأميركي المباشر، وهي ملفات لها علاقة تقاطعية أيضاً مع واشنطن والعالم الغربي، في ظل صعود الصين والتوتر الكبير مع روسيا، وعليه فالتقاط مساحات نجاح دبلوماسية تعزز الموقع القطري، ومصالحه القومية في المستقبل، تقف عند هذا التقاطع المهم.
فلواشنطن اهتمامات قديمة بشراكتها مع الدول والمجتمعات، بالطبع كانت تتعقب فيها مصالحها وتهوي على مصالح الشعوب، التي تؤثر على نفوذ الأميركيين، ولكن هذا الأمر وفي ظل الفزع الشامل من الزحف الصيني، لا يُلغي حاجة البيت الأبيض إلى تهدئات شاملة في الشرق الأوسط، وفي الوطن العربي تحديداً، لن تؤثر على مراكز نفوذها ولكن قد تخلق مخارج إنسانية، واستقرارا يحمل واقع هذه الدولة وتلك، من مرحلة الصراع العسكري إلى السلم الأهلي.. ومن القمع الأمني السياسي المتوحش، إلى برامج وطنية تعتمد مصالحات وطنية نسبية، ونُشدد على مصطلح النسبية، بناء على الواقع القائم المؤلم في الوطن العربي، وتبرز هنا ملف عودة اللاجئين في سوريا، وتأمين مناطق لهم وهذا لم يتم دون الإقرار بأن النظام يعود اليوم إلى مواقع التمثيل الرسمي عربياً ودولياً.. وهو هنا مساعد أيضاً لتركيا بحيث يُنظم ملف اللاجئين، ويؤمّن الناس من مساحات الصراع التي لا علاقة لها اليوم، بضمان عودة الثورة، الباقية في مبدئها وإن عظمت آلام حصيلة العسكرة، وجحيم الغربة وحصار المخيمات بين الثلوج وعمليات الإبادة الإرهابية للنظام وحلفائه، لكن المحصلة اليوم أنهُ لا يُمكن أن يَبقى الناس في ظل حالة الحرب الموسمية في القصف، والضحايا من المدنيين، في حين أن قرار الحرب المركزي قد حُسم منذ اتفاق سوتشي، وبقي المتضرر الأكبر هو الشعب السوري.
والملف السوري هو الأكثر إلحاحاً، ولكن هناك ملفات أخرى تقاربه كالملف اليمني، فشراكة الدوحة في طرح مقترحات مخارج يتبناها فريق بايدن، ستكون خطوة كبيرة لصالح هذه الشعوب وصالح موقع قطر الجديد، لو انتهز فرصة الاضطراب الأميركي، لإنقاذ الناس من المحرقة.
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةكان من الواضح خلال زيارة سمو الأمير إلى الولايات المتحدة مؤخرا أن موقع قطر قد تقدم كثيراً في حسابات البيت الأبيض، وخاصة في عهد الرئيس جو بايدن، الذي كانت حملته الانتخابية قريبة من الدوحة، وأن خلاصات الموقف من بعد أزمة الخليج العربي، قد ساهمت في دفع قطر لهذا الموقع، أخذاً بالاعتبار موقفها العقلاني، الذي ساهم في طي الأزمة، رغم صعوبة التخلص من آثارها.
ولعل سؤالا يطرح هنا في هذا الصدد، ماذا لو عاد الرئيس ترامب لسدة الحكم في البيت البيضاوي، في ظل تراجع شعبية الرئيس بايدن، وهذه حسابات لا يمكن المراهنة عليها اليوم، حتى لو فشلت محاولة إقصاء ترامب قانونيا، لكن الأهم هنا أن سياسة الدوحة بدأت في كسب موقفها منذ المرحلة الأخيرة لترامب، وأن إدارة الأخير صححت موقفها، والأمرُ الآخر، أن خطة الانسحاب من أفغانستان، بدأت في الأصل في إدارة ترامب، وواصل بايدن التعامل مع علاقات الدوحة بطالبان حتى اليوم.
وعليه تعززت هنا جسور الدوحة والحاجة إليها، في ضمان تأمين خروج القوات الأميركية المحتلة مقابل وقف الحرب، وإن بقي ما هو غاية في الأهمية للشعب، وهو الوصول للمصالحة الوطنية، وانفتاح طالبان على الملف الداخلي، وتغيير طريقة التعاطي مع نموذج الدولة، والتمثيل الشعبي، ومشاركته بكل أطيافه.
ومع مشاريع مشتركة أخرى، خاصة في مصادر الطاقة، بات هناك رصيد قوي لاعتماد التعامل مع الدوحة كشريك، رغم الفارق الضخم بين الدولتين، غير أن مهام الدوحة في التعامل مع النظام الدولي، والمؤسسات الغربية، مع وجود جسور حيوية لها مع أطراف الصراع في الشرق، حقق لها هذا الموقع.
وهو موقع يحتاج إلى مساحة حذر أيضاً، أثبتت خطورته مرحلة الأزمة الأخيرة، لحاجة قطر لتقدير المسافات جيداً، لأجل انعكاس جهودها لصالح السلم الداخلي في دول الصراع، ليكون الارتداد الإيجابي في اتجاه هذه الشعوب أيضاً، فتؤمّن قطر أرضية استراتيجية لها مع الشعوب، وتعالج أي موقف أو صورة قد تؤثر على الدولة وأمنها القومي الخارجي، في دول الصراع ذات العلاقة.
من هنا تبرز الملفات الأخرى خارج الاهتمام الأميركي المباشر، وهي ملفات لها علاقة تقاطعية أيضاً مع واشنطن والعالم الغربي، في ظل صعود الصين والتوتر الكبير مع روسيا، وعليه فالتقاط مساحات نجاح دبلوماسية تعزز الموقع القطري، ومصالحه القومية في المستقبل، تقف عند هذا التقاطع المهم.
فلواشنطن اهتمامات قديمة بشراكتها مع الدول والمجتمعات، بالطبع كانت تتعقب فيها مصالحها وتهوي على مصالح الشعوب، التي تؤثر على نفوذ الأميركيين، ولكن هذا الأمر وفي ظل الفزع الشامل من الزحف الصيني، لا يُلغي حاجة البيت الأبيض إلى تهدئات شاملة في الشرق الأوسط، وفي الوطن العربي تحديداً، لن تؤثر على مراكز نفوذها ولكن قد تخلق مخارج إنسانية، واستقرارا يحمل واقع هذه الدولة وتلك، من مرحلة الصراع العسكري إلى السلم الأهلي.. ومن القمع الأمني السياسي المتوحش، إلى برامج وطنية تعتمد مصالحات وطنية نسبية، ونُشدد على مصطلح النسبية، بناء على الواقع القائم المؤلم في الوطن العربي، وتبرز هنا ملف عودة اللاجئين في سوريا، وتأمين مناطق لهم وهذا لم يتم دون الإقرار بأن النظام يعود اليوم إلى مواقع التمثيل الرسمي عربياً ودولياً.. وهو هنا مساعد أيضاً لتركيا بحيث يُنظم ملف اللاجئين، ويؤمّن الناس من مساحات الصراع التي لا علاقة لها اليوم، بضمان عودة الثورة، الباقية في مبدئها وإن عظمت آلام حصيلة العسكرة، وجحيم الغربة وحصار المخيمات بين الثلوج وعمليات الإبادة الإرهابية للنظام وحلفائه، لكن المحصلة اليوم أنهُ لا يُمكن أن يَبقى الناس في ظل حالة الحرب الموسمية في القصف، والضحايا من المدنيين، في حين أن قرار الحرب المركزي قد حُسم منذ اتفاق سوتشي، وبقي المتضرر الأكبر هو الشعب السوري.
والملف السوري هو الأكثر إلحاحاً، ولكن هناك ملفات أخرى تقاربه كالملف اليمني، فشراكة الدوحة في طرح مقترحات مخارج يتبناها فريق بايدن، ستكون خطوة كبيرة لصالح هذه الشعوب وصالح موقع قطر الجديد، لو انتهز فرصة الاضطراب الأميركي، لإنقاذ الناس من المحرقة.