بقلم- سمير البرغوثي
كاتب صحفي فلسطيني
انجلت أزمة كورونا في قطر وانخفضت الحالات إلى معدل الأمان، بفضل الله أولاً ثم الإجراءات التي اتبعها النظام الصحي في قطر كما يقول الدكتور حجر أحمد حجر وزير الصحة الأسبق في رسالة واتس مفعمة بالأمل والفخر بالنظام الصحي القطري وبالسياسة القطرية الصحية والإنسانية.
نعم، كل من تابع السياسة الصحية والإنسانية سيرفع القبعة لدولة قطر، وسيكتب التاريخ بأحرف من نور المواقف الإنسانية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، خلال الأزمة.. هذه الأزمة العالمية التي زلزلت أركان الأرض وأثارت حالة غير مسبوقة من الرعب والارتباك والاضطراب، ودفعت العديد من دول العالم للإنكفاء على نفسها ومحاولة التعامل مع الوباء الذي هز أعظم أنظمة الصحة في دول العالم الأول.
سيسجل التاريخ، أن قيادة دولة قطر، أظهرت قدرا كبيرا من التحلي بروح المسؤولية في أوقات الأزمات.. وفي حين كانت أجهزتها الرسمية المختلفة تتكاتف وتعمل بتنسيق وتكامل في التصدي للوباء في الداخل، لم ينس حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى دوره كقائد إنساني، في خير أمة أخرجت للناس.. أمة ذات إرث وقيم حضارية، إذ كانت توجيهات سموه حاضرة منذ بداية تفشي الوباء في ووهان الصينية، للوقوف مع كل الدول الشقيقة والصديقة في هذه الاوقات العصيبة.
ومنذ ذلك الوقت، لم تتوقف دولة قطر، تنفيذا لتوجيهات سمو الأمير، عن توظيف كل قدراتها وطائراتها سواء العسكرية منها أو خطوطها الجوية المدنية لنقل العالقين في دول العالم المختلفة وإرسال المساعدات لكل الدول الموبوءة بفيروس كورونا.
ومن الصين إلى إيران وفلسطين وباريس ونيويورك وهيوستن مرورا بدول عديدة منها ايطاليا ولبنان وحتى الجزائر وتونس ونيبال ورواندا، كانت يد التعاون والمساعدات القطرية حاضرة في إطار جهود دولة قطر وموقفها الداعم للدول الشقيقة والصديقة، ومساعدتها على تجاوز هذه الأزمة، كما تأتي انطلاقا من باب المسؤولية الدولية المشتركة في محاربة تفشي هذا الوباء الذي يمثل تهديداً مشتركاً يواجه العالم أجمع
فقد حلقت الطائرات القطرية في سماء عواصم الدول الصديقة وهبطت في مطارات اكثر من عشرين دولة في القارات الخمس تمد يد العون لجهود الأشقاء والأصدقاء، لمحاربة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد كوفيد - 19،
كانت أولى الدول التي قدمت لها قطر المساعدات هي الصين، التي ظهر بها الفيروس لأول مرة في ديسمبر العام 2019، إذ أطلقت الخطوط الجوية القطرية 8 طائرات، في فبراير 2020، حاملةً معها 300 طن من المستلزمات الطبية العاجلة لمحاربة فيروس كورونا. واحتوت المساعدات القطرية على 2.5 مليون كمامة طبية، و500 ألف عبوة معقم لليدين؛ لدعم الإجراءات الوقائية في الصين، بالإضافة إلى المساعدات الطبية الأخرى. وسلمت قطر أول دفعة من مساعدات الإغاثة الطبية الحرجة إلى شنغهاي في 2 فبراير الماضي، وشملت 100 ألف قناع واق و2700 قفاز مطاطي.
وقال أكبر الباكر، الأمين العام للمجلس الوطني للسياحة والرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية: إن «الخطوط القطرية شركة الطيران العالمية الوحيدة التي عرضت نقل المساعدات الطبية إلى الصين مجاناً، وهي لم توقف تسيير طائرات الشحن إلى هناك». وسيرت الشركة -حسب الباكر- 8 طائرات إلى الصين، من بينها طائرتان إلى بكين، و3 طائرات إلى شنغهاي، و3 طائرات إلى غوانزو، وحملت هذه الطائرات مساعدات طبية قدمتها الحكومة القطرية والناقلة القطرية، ومن الدول، وبالإضافة للسفارات الصينية. وسارعت الصين إلى شكر قطر على لسان سفيرها لدى الدوحة تشو جيان، الذي قال: «في هذه الأوقات العصيبة التي ضرب فيها الفيروس بلادنا، فتحت الخطوط الجوية القطرية ممراً آمناً لنقل المساعدات والتبرع بالإمدادات الطبية إلى الصين».
ووجه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإرسال مساعدات طبية عاجلة إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة، وأيضا مساعدات طبية عاجلة إلى الجمهورية التونسية الشقيقة، ووجه سموه كذلك، بإرسال مساعدات طبية عاجلة إلى كل من جمهورية نيبال الديمقراطية الاتحادية، وجمهورية رواندا، وذلك دعماً لجهود الأصدقاء والاشقاء في هذه البلدان ومساعدتها على تجاوز هذه الأزمة واحتوائها ومحاربة تفشي هذا الوباء الذي يمثل تهديداً للعالم أجمع..
وإلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تم دعمها ب 3 شخنات لتصل اجمالي المساعدات لإيران وحدها نحو 45 طنا، وذلك في إطار تسيير جسور جوية من المساعدات الطبية العاجلة للدول التي تفشى فيها كوفيد - 19.
وتنفيذا لتوجيهات سموه بإرسال مساعدات طبية إلى الجمهورية الإيطالية الصديقة، وصل مجموعها إلى 260 طناً من المساعدات، مقسمة على 12 رحلة، تم نقلها بطائرات النقل الاستراتيجي سي- 17 العملاقة ‏
التابعة للقوات الجوية الأميرية، تحمل مستشفيين ميدانيين ومعدات ومستلزمات طبية. وقد بلغت مساحة المستشفى الميداني الأول حوالي 5200 متر مربع، فيما بلغت مساحة المستشفى الثاني 4000 متر مربع، وذلك بطاقة استيعابية تبلغ 1000 سرير لكلا المستشفيين.
وحظيت فلسطين والقضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المركزية للأمة، بأولوية قصوى لدى قطر، لذا كانت الدوحة في مقدمة الدول التي ساندت الشعب الفلسطيني في مواجهة أزمة كورونا، حيث وجه صاحب السمو بتقديم مساعدة طبية عاجلة للسلطة الفلسطينية، بقيمة 10 ملايين دولار، على شكل معدات وأجهزة طبية. ولم تنس قطر مواصلة مساعداتها، لسكان قطاع غزة المحاصر، لمواجهة فيروس كورونا، حيث وجه صاحب السمو بتقديم دعم مالي للقطاع بقيمة 150 مليون دولار، على مدى 6 أشهر، وذلك استكمالاً لجهود قطر في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، ودعماً لبرامج الأمم المتحدة الإغاثية والإنسانية في غزة.وشملت المساعدات، دعماً لأهالي القطاع المحاصر في مكافحة تفشي فيروس كورونا، ومساهمة من قطر في الجهود العالمية المبذولة للحد من آثاره.
لم تقدم قطر المساعدات فقط للأصدقاء والأشقاء حول العالم، وإنما ساهمت من خلال خطوطها الجوية في إيصال مليون إنسان إلى بلدانهم، بعضهم من خلال رحلات تجارية، وبعضهم الآخر من خلال رحلات إجلاء، شملت على سبيل المثال 100 ألف مواطن بريطاني و70 ألف ألماني و45 ألف فرنسي، وإجلاء الآلاف من رعايا دول أوروبية أخرى وموظفين من الأمم المتحدة في العراق، حيث وصفت الخطوط الجوية القطرية بأنها شريان حياة بين آسيا وأوروبا، وأيضا بين آسيا وأمريكا لمساعدة الناس على العودة إلى ديارهم.
ولكل هذه الجهود التي جاءت في وقت عصيب، تلقى صاحب السمو الشكر والتقدير من كل الدول الصديقة والشقيقة التي اعتبرت ذلك امتداداً للمواقف الأصيلة لدولة قطر تجاه الأصدقاء والأشقاء.
لقد قدمت قطر، من خلال دورها الإيجابي والفاعل سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، في التصدي للوباء، نموذجا فريدا في أهمية العمل الجماعي في أوقات الأزمات والأوبئة والمخاطر التي تهدد حياة الناس في كل مكان من العالم، وذلك من خلال إدراكها العميق بأن البشرية تواجه عدوا مشتركا يتطلب التعاون الجماعي للتصدي له.