مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل - مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةيفصلنا 12 عاما عن مقال قديم كتبته عن الداعية الإسلامي الكويتي الشيخ نبيل العوضي، ولا تزال الفكرة قائمة ولكنها ترسخت بصورة أكبر، لقد كان ولا يزال لي رأيٌ في أن المشايخ التربويين لا أُفضّل أن يدخلوا مجال السياسية، رغم موقفي ومؤلفاتي في الفكر السياسي، وأن بلاغ الموقف الإسلامي الحاسم من قضايا العدالة ورفض الظلم، هو من بلاغ الرسالة الإسلامية الأصيل، لكن المهمة التي يُغطّيها الأخ الشيخ نبيل العوضي وأمثاله لها بعد خاص وبالذات في عالمنا اليوم.
إن هذا العالم الصاخب اليوم يقذف على النشء وعلى النفس الإنسانية، حمما من الأباطيل والتصورات الشاذة والصراع مع الفضيلة، والانغماس في عوالم من السوشيال ميديا، أو المجموعات البشرية المتأثرة بتلك المواد الأسوأ من السوائل الكيماوية، لأنها تحرق الوجدان، أو تهوي بالسلوك أو تخلق محيطاً من فوضى حول الشباب، يهوي بهم في أودية سحيقة، فإما أن تذهب روحه هدراً أو أن يستيقظ بعد فوات الأمر، وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب، فلم تعد هناك من مساحة إلا الندم، وإن كانت رحمة الله بالعباد قد تنتشلهم روحاً رغم فقدان الجسد بمرض أو عاهة.
إننا اليوم تحت قصف متلاحق من تلك الأجواء التي تقتلع الطمأنينة الإيمانية، هذه الطمأنينة ليست محددة بتوجهات دينية، ولكنها حياة الفطرة وتسبيح الروح التي يحتاجها كل فرد، ولذلك فإن حضور الشيخ نبيل العوضي وأمثاله، في أوساط المجتمعات العربية المسلمة بات ضرورة لا حاجة، ولذلك قلتُ إن مثله لا يجب أن يُعرّض رحلته للقطع والتوقف، فهو اليوم محطة وقود في ظل تعطيل محطات أخرى في الوطن العربي وحاضر العالم الإسلامي، بقوة القمع السياسي.
هنا مسألة مهمة ميّزت الشيخ نبيل وأمثاله، وأظنه يحافظ عليها، وهي تجنب خلط رسائله التربوية والإيمانية، بالتبكيت على المقصرين، أو الاستهزاء من الشباب الذين تخالطهم بعض الشكوك، أو ذلك الوعظ القاسي العنيف في تعبيره، وهي منابر لا يزال (الإسلام المزيف) يمارسها ويروج لها تحت الاستبداد في ظل تقاطعهم مع الغرب أو الثقافة الصهيونية، وهو ما يزيد الطين بلة.
ولسنا بذلك نرفض وعظ الإنسان في مآله الأخير، فللوعظ رسالة مثبتة في الذكر الحكيم وفي السُنّة النبوية، ولكنه الخلط بين قسوة الواعظ وسوء تعبيره على الناس، ووداعته كالقط مع الظلمة، أو سك ما يعتبره البعض من صحيح الاعتقاد تحت منابر المستبدين وظلمهم لشعوبهم.
وما أعرفه في الشيخ نبيل وخاصة في مساحة المتاح في الكويت، أنهُ يتجنب تلك الصور التي تنتشر في الوطن العربي، وقد تكون للشيخ وللداعية رسائل تواصل وعلاقات مع مؤسسات الحكم أو النفوذ مفهومة ومقدرة، لكن لا يتحول فيها إلى حامل عمامة يبصم على أقوال الحاكم، فهذا أيضاً من متطلبات الابتعاد عن السياسة، حتى يصفو الطريق للرسالة التربوية الإيمانية فتصل لكل ضمير يحتاجها.
ونُذكّر أيضاً اليوم بأن أزمة الروح وتيارات هدم الأخلاق، وإسقاط الأُسرة الفطرية في العالم، وزراعة الشقاق بين أعضاء الأسرة، بات مشروعاً ينتشر في الأرض بقوة التوحش الرأسمالي، الذي سقط القناع عنه في الحرب الأوكرانية - الروسية، وفي زيف التعاطي الغربي (الإنسانوي) مع الحروب، وكلا الطرفين له سجلٌ مخزٍ ضد المستضعفين من المسلمين وغيرهم.
وهناك أمر مهم وهو تجنب المعارك الوهمية في الصراعات، التي تقوم على انتصار تيار سياسي له بعد ديني، وليس لذلك الأمر الذي يصر عليه التيار قاعدة شرعية صلبة، وبالمقابل يُهمل حق المعذبين من النساء وغيرهم من الضعفاء، فيُفتن قطاع من المجتمع حين يرى الازدواجية بل المعيار التطفيفي، ولا يرى صوت الدفاع عن النساء ومظالمهن التي أوصانا بها رسول الله صلى الله عليهم وسلم.
وأحسب أن الشيخ نبيل يتجنب هذه المصادمات الموسمية ذات الغرض السياسي، حتى تتوجه إلى القلوب المضطرة والمحتاجة، فيقطر فيها ترياق الإيمان الروحي، وهو ترياق لا يعادله شيء، فإن الجدل العلمي وإن بقيت أهميته، في قضايا الإلحاد وشذوذ الأفكار، يظل يدور في فلكه وقد يُهدى الشباب إلى الحق فيه، لكنهم يحتاجون إلى نداء الروح ورسائل الإيمان التربوية، لاستعادة الوجدان وسكينة القلب التي لا يعادلها شيء..
وفق الله الشيخ نبيل وأكثر من أمثاله ونفع به أجيالنا المسلمة في كل مكان.
باحث عربي مستقل - مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةيفصلنا 12 عاما عن مقال قديم كتبته عن الداعية الإسلامي الكويتي الشيخ نبيل العوضي، ولا تزال الفكرة قائمة ولكنها ترسخت بصورة أكبر، لقد كان ولا يزال لي رأيٌ في أن المشايخ التربويين لا أُفضّل أن يدخلوا مجال السياسية، رغم موقفي ومؤلفاتي في الفكر السياسي، وأن بلاغ الموقف الإسلامي الحاسم من قضايا العدالة ورفض الظلم، هو من بلاغ الرسالة الإسلامية الأصيل، لكن المهمة التي يُغطّيها الأخ الشيخ نبيل العوضي وأمثاله لها بعد خاص وبالذات في عالمنا اليوم.
إن هذا العالم الصاخب اليوم يقذف على النشء وعلى النفس الإنسانية، حمما من الأباطيل والتصورات الشاذة والصراع مع الفضيلة، والانغماس في عوالم من السوشيال ميديا، أو المجموعات البشرية المتأثرة بتلك المواد الأسوأ من السوائل الكيماوية، لأنها تحرق الوجدان، أو تهوي بالسلوك أو تخلق محيطاً من فوضى حول الشباب، يهوي بهم في أودية سحيقة، فإما أن تذهب روحه هدراً أو أن يستيقظ بعد فوات الأمر، وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب، فلم تعد هناك من مساحة إلا الندم، وإن كانت رحمة الله بالعباد قد تنتشلهم روحاً رغم فقدان الجسد بمرض أو عاهة.
إننا اليوم تحت قصف متلاحق من تلك الأجواء التي تقتلع الطمأنينة الإيمانية، هذه الطمأنينة ليست محددة بتوجهات دينية، ولكنها حياة الفطرة وتسبيح الروح التي يحتاجها كل فرد، ولذلك فإن حضور الشيخ نبيل العوضي وأمثاله، في أوساط المجتمعات العربية المسلمة بات ضرورة لا حاجة، ولذلك قلتُ إن مثله لا يجب أن يُعرّض رحلته للقطع والتوقف، فهو اليوم محطة وقود في ظل تعطيل محطات أخرى في الوطن العربي وحاضر العالم الإسلامي، بقوة القمع السياسي.
هنا مسألة مهمة ميّزت الشيخ نبيل وأمثاله، وأظنه يحافظ عليها، وهي تجنب خلط رسائله التربوية والإيمانية، بالتبكيت على المقصرين، أو الاستهزاء من الشباب الذين تخالطهم بعض الشكوك، أو ذلك الوعظ القاسي العنيف في تعبيره، وهي منابر لا يزال (الإسلام المزيف) يمارسها ويروج لها تحت الاستبداد في ظل تقاطعهم مع الغرب أو الثقافة الصهيونية، وهو ما يزيد الطين بلة.
ولسنا بذلك نرفض وعظ الإنسان في مآله الأخير، فللوعظ رسالة مثبتة في الذكر الحكيم وفي السُنّة النبوية، ولكنه الخلط بين قسوة الواعظ وسوء تعبيره على الناس، ووداعته كالقط مع الظلمة، أو سك ما يعتبره البعض من صحيح الاعتقاد تحت منابر المستبدين وظلمهم لشعوبهم.
وما أعرفه في الشيخ نبيل وخاصة في مساحة المتاح في الكويت، أنهُ يتجنب تلك الصور التي تنتشر في الوطن العربي، وقد تكون للشيخ وللداعية رسائل تواصل وعلاقات مع مؤسسات الحكم أو النفوذ مفهومة ومقدرة، لكن لا يتحول فيها إلى حامل عمامة يبصم على أقوال الحاكم، فهذا أيضاً من متطلبات الابتعاد عن السياسة، حتى يصفو الطريق للرسالة التربوية الإيمانية فتصل لكل ضمير يحتاجها.
ونُذكّر أيضاً اليوم بأن أزمة الروح وتيارات هدم الأخلاق، وإسقاط الأُسرة الفطرية في العالم، وزراعة الشقاق بين أعضاء الأسرة، بات مشروعاً ينتشر في الأرض بقوة التوحش الرأسمالي، الذي سقط القناع عنه في الحرب الأوكرانية - الروسية، وفي زيف التعاطي الغربي (الإنسانوي) مع الحروب، وكلا الطرفين له سجلٌ مخزٍ ضد المستضعفين من المسلمين وغيرهم.
وهناك أمر مهم وهو تجنب المعارك الوهمية في الصراعات، التي تقوم على انتصار تيار سياسي له بعد ديني، وليس لذلك الأمر الذي يصر عليه التيار قاعدة شرعية صلبة، وبالمقابل يُهمل حق المعذبين من النساء وغيرهم من الضعفاء، فيُفتن قطاع من المجتمع حين يرى الازدواجية بل المعيار التطفيفي، ولا يرى صوت الدفاع عن النساء ومظالمهن التي أوصانا بها رسول الله صلى الله عليهم وسلم.
وأحسب أن الشيخ نبيل يتجنب هذه المصادمات الموسمية ذات الغرض السياسي، حتى تتوجه إلى القلوب المضطرة والمحتاجة، فيقطر فيها ترياق الإيمان الروحي، وهو ترياق لا يعادله شيء، فإن الجدل العلمي وإن بقيت أهميته، في قضايا الإلحاد وشذوذ الأفكار، يظل يدور في فلكه وقد يُهدى الشباب إلى الحق فيه، لكنهم يحتاجون إلى نداء الروح ورسائل الإيمان التربوية، لاستعادة الوجدان وسكينة القلب التي لا يعادلها شيء..
وفق الله الشيخ نبيل وأكثر من أمثاله ونفع به أجيالنا المسلمة في كل مكان.