+ A
A -
كانَ «عيسى بن موسى» وزيراً للخليفةِ «المنصور»، وكانَ يُحِبُّ زوجته حباً شديداً، وقالَ لها يوماً: أنتِ طالق إن لم تكُوني أجمل من القمر!
فقامتْ واحتجبتْ عنه، وقالتْ له: لقد طلَّقتني!
فباتَ حزيناً، ولمَّا كانَ الصباح جاءَ إلى المنصور، وأخبرَهُ بالخبر، وقالَ له: يا أمير المؤمنين إن تمَّ طلاقها كان الموتُ أحب إلىَّ من الحياة!
فأحضرَ المنصورُ الفُقهاءَ، واستفتاهم، فقالوا: قد طُلقَتْ!
إلا رجلاً من أصحابِ أبي حنيفة بقيَ ساكتاً، فقالَ له المنصور: ما لكَ لا تتكلم؟
فقالَ له: يا أمير المؤمنين، لم تُطلق، أليسَ الله قال: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»؟! فلا شيء أجمل من الإنسان!
فقالَ المنصور لوزيره: لقد فرَّجَ اللهُ عنكَ!
وكتبَ إلى زوجته يقولُ: أطيعي زوجكِ فما طلَّقكِ!
يبدو أن المُزاح والاستهتار بكلمةِ الطلاقِ ليس ظاهرة حديثة، وإنَّما قديمة، وليس حِكراً على العامَّةِ فقط، وإنَّما على الخاصةِ كذلك!
فإن كانَ عيسى بن موسى على عراقته في الفهمِ والحُكم، والكياسةِ والسياسةِ قد وقعَ فيه، فلا غرابة أن نجدَهُ مُنتشراً اليوم بين الناسِ على شكلٍ مُثيرٍ للاشمئزاز!
والشيءُ بالشيءِ يُذكر، والكلامُ يستدعي بعضه، دعاني مرةً صديقٌ لي لقضاءِ ليلةٍ في البَرِّ في مخيمٍ لهم، فذهبتُ، وكانتْ تلك أول مرةٍ أعرفُ فيها الصحراء في الليل، مكانٌ مُذهلٌ يدعو إلى السكينة، وكانتْ تلكَ الليلة واحدة من أجملِ ليالي العُمر لم يُنَغِّصها عليَّ إلا مجموعة من الرجالِ من أقاربِ صديقي ومعارفهم، جلسوا يلعبون «بالكوتشينة / أوراق اللعب»، وإني أُقسِمُ باللهِ غير حانثٍ أن كلمةَ الطلاقِ قِيلتْ في ساعةٍ واحدةٍ أكثر من عشرِ مرات!
يا أخي أنتَ وصديقكَ تلعبان، ما شأن تلكَ المَستورة في بيتها بلعبكم هذا؟!
الزواجُ رابطٌ مُقدَّسٌ يجب أن يُراعى، والطلاقُ حلالٌ لا شيء فيه، أما أن يُجعلَ هذا الرباط المُقدس أُلعوبةً، وهذا الحلال علكةً في فمِ الزوج، لا يدري أبقيتْ امرأته على ذمته أم لا.
وفي الحديثِ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدُّ، وهزلُهنَّ جِدُّ: النكاح، والطلاق، والرَّجعة!
فاتقوا الله في نسائكم وفي أنفسكم!بقلم: أدهم شرقاوي
فقامتْ واحتجبتْ عنه، وقالتْ له: لقد طلَّقتني!
فباتَ حزيناً، ولمَّا كانَ الصباح جاءَ إلى المنصور، وأخبرَهُ بالخبر، وقالَ له: يا أمير المؤمنين إن تمَّ طلاقها كان الموتُ أحب إلىَّ من الحياة!
فأحضرَ المنصورُ الفُقهاءَ، واستفتاهم، فقالوا: قد طُلقَتْ!
إلا رجلاً من أصحابِ أبي حنيفة بقيَ ساكتاً، فقالَ له المنصور: ما لكَ لا تتكلم؟
فقالَ له: يا أمير المؤمنين، لم تُطلق، أليسَ الله قال: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»؟! فلا شيء أجمل من الإنسان!
فقالَ المنصور لوزيره: لقد فرَّجَ اللهُ عنكَ!
وكتبَ إلى زوجته يقولُ: أطيعي زوجكِ فما طلَّقكِ!
يبدو أن المُزاح والاستهتار بكلمةِ الطلاقِ ليس ظاهرة حديثة، وإنَّما قديمة، وليس حِكراً على العامَّةِ فقط، وإنَّما على الخاصةِ كذلك!
فإن كانَ عيسى بن موسى على عراقته في الفهمِ والحُكم، والكياسةِ والسياسةِ قد وقعَ فيه، فلا غرابة أن نجدَهُ مُنتشراً اليوم بين الناسِ على شكلٍ مُثيرٍ للاشمئزاز!
والشيءُ بالشيءِ يُذكر، والكلامُ يستدعي بعضه، دعاني مرةً صديقٌ لي لقضاءِ ليلةٍ في البَرِّ في مخيمٍ لهم، فذهبتُ، وكانتْ تلك أول مرةٍ أعرفُ فيها الصحراء في الليل، مكانٌ مُذهلٌ يدعو إلى السكينة، وكانتْ تلكَ الليلة واحدة من أجملِ ليالي العُمر لم يُنَغِّصها عليَّ إلا مجموعة من الرجالِ من أقاربِ صديقي ومعارفهم، جلسوا يلعبون «بالكوتشينة / أوراق اللعب»، وإني أُقسِمُ باللهِ غير حانثٍ أن كلمةَ الطلاقِ قِيلتْ في ساعةٍ واحدةٍ أكثر من عشرِ مرات!
يا أخي أنتَ وصديقكَ تلعبان، ما شأن تلكَ المَستورة في بيتها بلعبكم هذا؟!
الزواجُ رابطٌ مُقدَّسٌ يجب أن يُراعى، والطلاقُ حلالٌ لا شيء فيه، أما أن يُجعلَ هذا الرباط المُقدس أُلعوبةً، وهذا الحلال علكةً في فمِ الزوج، لا يدري أبقيتْ امرأته على ذمته أم لا.
وفي الحديثِ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدُّ، وهزلُهنَّ جِدُّ: النكاح، والطلاق، والرَّجعة!
فاتقوا الله في نسائكم وفي أنفسكم!بقلم: أدهم شرقاوي