دخلت التاريخ بوميضك، برعدك بحزمك، فخرجت من يافا شهيدا لتسجل بدمك اسمك مع أبطال فلسطين منذ بدأت المقاومة.. هنيئا لك صحبة ياسين والرنتيسي وعرفات.. هنيئا لك مرافقة غسان كنفاني، والكمالين ناصر والعدوان ويوسف النجار.. اهنأ برفقة عبد الرحيم محمود وروحه مع روحك على الكفين اهنأ مع أبي أياد وأبي جهاد.. ومع قرة عينك يحيى عياش.. كنت صامتا فقدمت لحنا بموسيقى الرعد ليزلزل اسمك الكيان من تلابيب إلى كل العالم الذي ينافق الصهيونية ويرحب بعملياتها قتل شعبك ويدين جرح معزة صهيونية.
نعم إنها المقاومة.. قلناها في الأغوار.. وقلناها في الجولان وقالوها في جنوب لبنان وحملوها بأرواحهم في غزة وجنين فالمقاومة هي البدء وفي الوسط وفي الخاتمة...
رعد لم يكن منظما لكنه عاشق لفلسطين ويرى أن الحياة الحرة والقوة المعنوية والعزة النفسية كلها تنشد العدل والإنصاف، وترفض الظلم والاعتساف، والمقاومة حفاظ على الحقوق وصيانة لها، وتضحية في الذود عنها، والتخلي عن الحق، أو الرضا باستلابه دون مقاومة خلل تموت به الكرامة، أو مرض تتمكن به الخيانة؛ فالمقاومة تلازم بين الحق وأصحابه ومالكيه، والحقوق والملكيات لا تسقط بالتقادم، ولا تلغى بفرض الأمر الواقع، بل تبقى ما بقي في أصحاب الحقوق عرق ينبض، ونفَس يتردد، وما ضاع حقٌّ وراءه مقاوم.
رعد يؤمن أن المقاومة عراقة وأصالة وأن الحقوق المعنوية أعظم قدرًا وأكبر أهمية لدى الإنسان من الحقوق المادية؛ فالاعتداء على المقومات الأساسية للأمة (الدين، اللغة، التاريخ) أشد وأعظم من نهب ثروتها واحتلال أرضها؛ لأن المال يُسترد، والأرض تُستعاد، لكن العدوان على الدين واللغة والتاريخ أخطر وأفظع؛ لأنه يأتي البناء من قواعده، ويمسخ الأمة من هويتها، ويلغي ذاكرتها، وينسخ ثقافتها، ويزيل حضارتها؛ فالمقاومة للحفاظ على المقومات هي مقاومة للحفاظ على العراقة والأصالة التي هي صبغة الأمة ومزيَّتُها.
نحن نؤمن أن المقاومة للحفاظ على المقومات والمقدسات تستنفر كل القوى، وتستنفد كل الإمكانات، ولا يُدخر لأجلها مال ولا جهد بل تُبذل لأجلها الأرواح، وهذا في الحق الإنساني فضلاً عن النهج الإسلامي والمبدأ الإيماني؛ فالمقاومة إذن ليست كلمة عادية، وليست عملاً محدودًا في دائرة الماديات، إنها تعني الكثير مما ذكر ومما لم يذكر؛ ولذا فإن مقاومة العدوان تعني الكثير وتعطي الكثير. وهذا ما آمن به المهندس رعد الحازم.. الذي أخرج الأفعى من وكرها.. وقد حان قصفها لعل العالم يرتاح من شرها.
بقلم: سمير البرغوثي