لا تسير الحياة كما نريدها دوماً، بل كثيراً ما تعاندنا وتجور علينا بمفاجآتها غير السارة. إنها كالرياح المتقلبة كلما هدأت ثارت من جديد، وكأمواج البحر لا تعرف سكوناً أو استقراراً. من يلقي أسلحته جانباً ويعلن استسلامه يخسر المعركة، ومن يحارب حتى النفس الأخير يفوز في حربه مع ذاته ومع التحديات. لكن هذا لا يعني أن ما يجري في حياتنا خارج نطاق سيطرتنا كلياً.. صحيح أن العديد من الأحوال والظروف الخارجية لا نملك شيئاً تجاهها، لكن في المقابل فإننا في كثير من الحالات والمواقف نستطيع أن نوجه شراع السفينة إلى حيث نشاء.عشرات الناجحين على مر العصور أثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك، أن الإنسان أقوى من الرياح العاتية، ومتغيرات العصر. مئات الموهوبين والعباقرة ورواد الأعمال برهنوا للعالم أن الإنسان يملك القدرة على أن يرسم حاضره ومستقبله، ويستطيع أن يقود حياته إلى حيث يريد، إن هو آمن بنفسه وبقدرته على بلوغ النجاح.لا جَرَم أن الواقع مليء بالصعاب والعقبات التي تنخر في صميم أحلامنا، لكن شتان بين من ييأس بمجرد أن تعترضه عقبة صغيرة، وبين من يتحدى العقبات ويتجاوزها وصولاً إلى الوجهة المنشودة. شتان بين من يقضي أيامه في التذمر والشكوى وتعليق أخطائه وإخفاقاته على شماعة الناس والظروف، وبين من يتحمل مسؤولية الكفاح من أجل تحقيق أحلامه وأهدافه.إن الفرق بين الناجح والفاشل، هو أن الأول يدرك بأن الواقع لن يزفّ له كل مرة خبراً ساراً، فيؤصل في نفسه الاستعداد لمجابهة العراقيل والأخبار غير المفرحة، ويمضي في طريقه قدماً مهما اعترضته المشكلات والصعوبات حتى يبلغ القمة. أما الثاني فيترك نفسه ريشة في مهب الرياح، لا يتقبل الواقع لكنه لا يعمل في الوقت ذاته من أجل تغييره. عالق بين عالم اليقظة وعالم المعاناة، لأنه يفضل الراحة على الكد، والشكوى على الأمل، ولوم الناس بدلاً من تحمل المسؤولية؛ فتكون خاتمته هي الفشل الذريع، وعيش حياة أبعد ما تكون عما حلم به!إذا أردت تغيير واقعك، فلا بد أن تعمد إلى تغيير باطنك. كل ما تراه في هذا العالم ليس سوى انعكاساً لما يجري في داخلك. إن آمنت بنفسك وبقدرتك على تحقيق ما تريده، ثم كافحت وعملت بجد في سبيل آمانيك، فسوف تصل إلى وجهتك مهما طال الزمن. أما إذا تقاعست وتذرعت بالأعذار الواهية دون تقديم جهد يذكر، فلن تحصد في نهاية المطاف سوى الحسرة وخيبة الأمل.كل إنسان هو قبطان سفينته الخاصة، يستطيع أن يدير شراع السفينة ودفتها كيفما يريد، بشرط أن يحمل على عاتقه مهمة الوصول إلى وجهته المأمولة. لا يمكنك أن تربح الحرب دون أن تقدم الغالي والرخيص، ولا تستطيع بلوغ القمة إلا إذا اتخذت قراراً حازماً بتغيير حياتك نحو الأفضل.تكمن الخطوة الأولى في اتخاذ قرار جدي بشأن واقعك، ثم التخطيط لما تريد تحقيقه، وإتباع ذلك بالكثير من الجهد والعمل. دعني أخبرك أمراً مهماً؛ إن المتع الآنية التي تضيع حياتك من أجلها، لن تجلب لك سعادة حقيقية، ولن تحقق لك أحلامك. هناك خياران لا ثالث لهما: إما أن تظل عبداً للأشياء الصغيرة التي تعطيك لذة عابرة، أو تصبح محارباً شجاعاً يحارب من أجل تحقيق الأشياء الكبيرة. كن على ثقة تامة أن الإنجازات العظيمة تجلب سعادة تفوق تلك التي تشعر بها من خلال ممارسة الأنشطة المسلية الفارغة، والبقاء في منطقة الراحة. صحيح أنك ستتعب كثيراً، وستتمنى في بعض الأيام التوقف عن خوض الحروب؛ لكنك إن صبرت وحاربت حتى النهاية، فستدرك معنى الانتصار الحقيقي، ولذة الفوز العظيم، وستشرب حينها من كأس السعادة الحقيقية.
آراء و قضايا
شراع سفينة الأحلام
حمد حسن التميمي
Aug 29, 2022
شارك