تعتبر الحبوب حجر الزاوية في الحضارات كافة، حيث توفر وسيلة منتظمة للغذاء، ومن هنا تم بناء الحضارات في أوروبا أو الشرق الأوسط حول القمح، وحضارات الشرق الأقصى حول الأرز، وحضارات الهنود الحمر حول الذرة وتلك الموجودة في أفريقيا جنوب الصحراء حول الدخن، لكن هذا الحال بدأ يتغير منذ أن اندلعت الحرب الأوكرانية، حيث تواجه الدول العربية عددًا من مخاطر الأمن الغذائي بسبب اعتمادها الكبير على واردات القمح، وفي حين تتحدث بعض الدول العربية عن احتياطات تكفيها بضعة أشهر، فإن دولا أخرى تتحدث عن أيام فحسب.
تتقلب هذه الدول على جمر الحرب الأوكرانية، ومع أنها تضم الأراضي الخصبة والأجواء الملائمة والمياه والأيدي العاملة الماهرة، إلا أنها اختارت أن تقف متفرجة تقرع أجراس الإنذار من أزمة لن تلبث أن تنفجر كلما طال أمد الحرب الأوكرانية، واتسعت رقعة المعارك فيها، وللأسف الشديد لم نشهد أي تداعٍ لاجتماعات رسمية على أعلى المستويات من أجل مواجهة هذه المشكلة بشكل جماعي، عبر الاستثمار في العالم العربي لتأمين الغذاء المستدام، ودرء أي مخاطر مرتبطة به.
بحسب تقرير أميركي فإن «9» من الدول العربية استوردت نحو «40.2» مليون طن من القمح خلال العام «2019-2020»، وهو ما يمثل «21.9 %» من واردات القمح العالمية، الأمر الذي يجعلنا ندرك مدى القلق، وربما الذعر، الذي تشعر به عدة دول عربية نتيجة الحرب في أوكرانيا، ومع ذلك فلم نشهد أي تحركات جادة من جانب هذه الدول لتغيير نمط التفكير السائد والعمل على الاستثمار داخل العالم العربي، ومن يتأمل أرقام إنتاج الحبوب في الدول العربية فسوف يصاب بالإحباط الشديد، على اعتبار أن ما تنتجه هذه الدول لا يكفي لتلبية ولو جزء يسير من الاحتياجات، الأمر الذي يفترض التداعي إلى مؤتمر عربي هدفه النهوض بالقطاع الزراعي، وصولا لتأمين كافية الاحتياجات محليا.
بقلم: رأي الوطن