يقول «فريدريك دوغلاس» في كتابه «عبوديتي وحريتي»:
إن سماعي من وقت لآخر لسيدة البيت وهي تقرأ الإنجيل بصوت عال، سرعان ما أيقظ في داخلي الرغبة في التعلم. فطلبت منها أن تعلمني القراءة، فوافقت بلا تردد، وبوقت قصير حفظت حروف الأبجدية، وصرت قادرا على قراءة كلمات من ثلاثة أو أربعة حروف.
وقد تعجب السيد «هيو» من سذاجة زوجته، فأفصح لها للمرة الأولى عن الفلسفة الحقيقية للعبودية، وقال لها: إن تعليم هذا العبد القراءة أمر غير آمن، ولا ينتج عنه إلا الضرر!
وكزوجة مطيعة توقفت السيدة عن تعليمي!
لقد وقعت كلمات السيد هيو في قلبي عميقا، وكشفت لي عن لغز موجع لطالما سعيت عبثا لفهمه: إن قوة الرجل الأبيض على إدامة عبودية الرجل الأسود قائمة على حرمانه من المعرفة!
فأدركت من تلك اللحظة الدرب المباشر من العبودية إلى الحرية هي أن أعرف!
على مر التاريخ كان الذين يستعبدون الآخرين، ويستعمرونهم، إنما يبرعون في هذه المهمة التي هي ضد الفطرة البشرية عن طريق إدامة جهل المستعبدين، فالعبودية لا تعني قيدا في اليدين وإنما قيد وحيد على العقل، في اللحظة التي يعرف فيها الإنسان، في اللحظة التي يحرر فيها عقله ويدرك جيدا، ستكون خطوته الأولى التالية هي كيف يتحرر!
في الهند إبان الاستعمار البريطاني، وأثناء مرور القنصل البريطاني برفقة الحاكم العسكري، قام شاب هندي بركل بقرة، وقد صرخ وهو يركلها: هذا الشيء لا يستحق أن يكون إلها!
سارع القنصل بدفع الشاب عن البقرة، وأخذ يمسح عليها كأنه يعبدها فعلا، وقام الناس بضرب هذا الشاب وركله، ولم يكتف القنصل بهذا بل أنه أخذ شيئا من بول البقرة ومسح به على شعره!
وعندما عاد، قال له الحاكم العسكري: سيدي القنصل لا تقل لي إنك تعبد البقر!
فقال له: الأمر كما قال الشاب، هذا الشيء لا يستحق أن يكون إلها! ولكن كي يبقوا في أيدينا، يجب أن يستمروا في عبادتها!
يقول الشيخ محمد الغزالي: الإنسان مخير فيما يعلم، مسير فيما لا يعلم، بمعنى أنه كلما اتسعت معرفته، اتسعت دائرة حريته!
المعرفة هي الحرية!بقلم: أدهم شرقاوي
إن سماعي من وقت لآخر لسيدة البيت وهي تقرأ الإنجيل بصوت عال، سرعان ما أيقظ في داخلي الرغبة في التعلم. فطلبت منها أن تعلمني القراءة، فوافقت بلا تردد، وبوقت قصير حفظت حروف الأبجدية، وصرت قادرا على قراءة كلمات من ثلاثة أو أربعة حروف.
وقد تعجب السيد «هيو» من سذاجة زوجته، فأفصح لها للمرة الأولى عن الفلسفة الحقيقية للعبودية، وقال لها: إن تعليم هذا العبد القراءة أمر غير آمن، ولا ينتج عنه إلا الضرر!
وكزوجة مطيعة توقفت السيدة عن تعليمي!
لقد وقعت كلمات السيد هيو في قلبي عميقا، وكشفت لي عن لغز موجع لطالما سعيت عبثا لفهمه: إن قوة الرجل الأبيض على إدامة عبودية الرجل الأسود قائمة على حرمانه من المعرفة!
فأدركت من تلك اللحظة الدرب المباشر من العبودية إلى الحرية هي أن أعرف!
على مر التاريخ كان الذين يستعبدون الآخرين، ويستعمرونهم، إنما يبرعون في هذه المهمة التي هي ضد الفطرة البشرية عن طريق إدامة جهل المستعبدين، فالعبودية لا تعني قيدا في اليدين وإنما قيد وحيد على العقل، في اللحظة التي يعرف فيها الإنسان، في اللحظة التي يحرر فيها عقله ويدرك جيدا، ستكون خطوته الأولى التالية هي كيف يتحرر!
في الهند إبان الاستعمار البريطاني، وأثناء مرور القنصل البريطاني برفقة الحاكم العسكري، قام شاب هندي بركل بقرة، وقد صرخ وهو يركلها: هذا الشيء لا يستحق أن يكون إلها!
سارع القنصل بدفع الشاب عن البقرة، وأخذ يمسح عليها كأنه يعبدها فعلا، وقام الناس بضرب هذا الشاب وركله، ولم يكتف القنصل بهذا بل أنه أخذ شيئا من بول البقرة ومسح به على شعره!
وعندما عاد، قال له الحاكم العسكري: سيدي القنصل لا تقل لي إنك تعبد البقر!
فقال له: الأمر كما قال الشاب، هذا الشيء لا يستحق أن يكون إلها! ولكن كي يبقوا في أيدينا، يجب أن يستمروا في عبادتها!
يقول الشيخ محمد الغزالي: الإنسان مخير فيما يعلم، مسير فيما لا يعلم، بمعنى أنه كلما اتسعت معرفته، اتسعت دائرة حريته!
المعرفة هي الحرية!بقلم: أدهم شرقاوي