+ A
A -
في «المختار من نوادر الأخبار»، أن رجلا دخل على سالم بن قتيبة بن مسلم الباهلي يسأله عن حاجة، وسالم جالس على الأرض، فوضع الرجل سيفه وهو في غمده على إصبع سالم وهو لا يشعر، واتكأ عليه، وجعل يطلب حاجته، إلى أن نزف إصبع سالم ولكنه لم يكلمه، فلما انتهى الرجل من مسألته، وقضاها له، وخرج، جعل سالم يمسح الدم عن إصبعه، فقالوا له: لِمَ لمْ ترفع السيف عن إصبعك؟
فقال: خفت أن أفعل. فيخجل الرجل من فعلته، وينسى حاجة من مسألته!
عندما يأتيك إنسان في حاجة فاعلم أنه طلبها من الله أولا، فأرشده سبحانه إليك، وجعلك سببا في إجابة الدعاء، فلا تنظر في شأن من تقضي حاجته فقط، وإنما في الذي أراد أن يتكرم عليك ويجعلك سببا في قضاء حوائج الناس!
وعندما تتصدق على فقير، فاعلم أنك تحتاجه أكثر مما يحتاجك، فهو يحتاجك في دنياه، وأنت تحتاجه في آخرتك، وما أنت إلا جامع مال، إما لك أو لورثتك، وإنه ليس لك إلا ما أبقيت، وإن أجمل ما قيل في الصدقة: هي ادخار أموال الدنيا للآخرة، فأنت لا تستطيع أن تصحب مالك إلى القبر، ولكنك تستطيع أن تجعله ينتظرك هناك!
لكل شيء أدب، والعطاء شيء من الأشياء، وله أدب أيضا، وهو حفظ ماء وجه الطالب! فالناس قبل أن يكون لديهم حاجات فإن لديهم كرامات، وترميم كرامة الإنسان لا يقل نبلا عن ترميم حاجته!
إن الذي يطلبك في حاجة في نفسه انكسار وإن لم يبده لك، وفي روحه حزن وإن أخفاه عنك، فلا تكن والدنيا عليه، أشعره بالدفء، لِنْ له بالكلام، وابسط له وجهك، وزين المجلس بابتسامتك، الحاجة مرة ولا يخفف مرارتها إلا حسن الأسلوب في أدائها!
وتذكر دوما أن الجزاء من جنس العمل، ولا أحد أوفى من الله!
من لان للناس ألان الله له قلوب الناس!
ومن قضى حوائج الناس قضى الله له حوائجه على أيسر السبل!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
15/05/2022
1212