+ A
A -
كان «لين بياو» أحد أقرب أصدقاء ومستشاري الزعيم الصيني الشيوعي «ماو تسي تونغ»، وكان يشغل مركزا مرموقا في الحزب، كما كان يعتبر الخليفة المحتمل لماو تسي تونغ.
وفي بداية سبعينيات القرن الماضي لاحظ ماو تسي تونغ تغيرا في سلوك «لين بياو»، لقد أصبح شديد الود تجاهه، صحيح أن الجميع كانوا يخشون تونغ، ويمتدحونه، ولكن مديح «لين بياو» كان مبالغا فيه، لهذا ارتاب تونغ من هذا التغير المفاجئ، ووضع صديقه تحت المراقبة، واكتشف بالفعل أنه يخطط للقيام بانقلاب عليه!
التغير المفاجئ مريب!
من النادر جدا أن يتغير الناس هكذا دون غاية!
الاهتمام الشديد بعد الإهمال يجب أن يكون مفزعا أكثر مما هو مطمئن!
والإهمال الشديد بعد الاهتمام هو في الغالب رسالة أن هذا المرء يحزم حقائبه وسيغادر عما قليل!
الود شيء جميل لا شك، ولكن الود الطارئ يخفي خلفه شيئا لا محالة!
حتى الوقاحة الطارئة لا تعني بالضرورة أنك ارتكبت الأخطاء فتمت مقابلتك بها، هذا قد يعني أن البعض قد سئموا من ارتداء أقنعتهم وهذه الآن هي وجوههم الحقيقية، فإما أنهم قد بلغوا مرادهم منك، أو أنهم سئموا من الانتظار وأيقنوا أنهم ليسوا بالغيه!
فلا تنخدعوا بالتغير المفاجئ، تريثوا قليلا قبل أن تتجاوبوا معه!
هل يعني هذا الكلام أن البشر لا يتغيرون أبدا؟
على العكس تماما!
يتغير البشر بشكل مذهل، وتنقلب أحوالهم رأسا على عقب، من قمة الكفر والجحود إلى قمة الإيمان، ومن قمة الإيمان إلى قمة النكران!
من الخطأ إلى الصواب، ومن الصواب إلى الخطأ!
من الانحراف إلى الاستقامة، ومن الاستقامة إلى الانحراف!
عمر الفاروق، الملهم المحدث، معجزة الإسلام في الرجال، مر عليه وقت كان يعبد صنما من تمر في النهار ويأكله آخر الليل!
بشر الحافي كان في أول حياته مستهترا، وبقي بن مخلد شيخ البخاري ومسلم كان في شبابه من أصحاب اللهو!
والعكس صحيح أيضا..
فكم من قدم زلت بعد ثبوتها، وقد كان إبليس أول الأمر يسابق الملائكة في العبادة!
كل ما في الأمر أن التغير المفاجئ يحتاج إلى شيء من العقل، والتريث، لا وسوسة، ولا انجرار، شيء من الحذر فقط حتى تنجلي الأمور!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
17/05/2022
996