+ A
A -
كان «لويس الرابع عشر» شغوفا بالعمران، وقد أحاط نفسه بكبار مهندسي أوروبا وأعظمهم في ذلك الوقت، وكان المعماري الشاب «جول مانسار» لا يحصل إلا على طلبات صغيرة من لويس، أما المشاريع الكبرى فكانت من نصيب المهندسين والمعماريين الأكثر شهرة.
ولكن «مانسار» كان رجلا حاذقا جدا، وكان يتعمد حين يعرض رسوماته الأولية على لويس أن يترك فيها خطأ وشيئا من النقص، يعرف يقينا أن «لويس» سينتبه له، وبالفعل كان «لويس» بسبب شغفه بالعمران يفطن للنقص الذي تعمد «مانسار» فعله، وعندما كان «لويس» يطلب منه تعديل هذا الخطأ، كان «مانسار» يتظاهر بالذهول من خبرة الملك المعمارية، وبراعته الهندسية، ويشيد بالحل الذي اقترحه لتلافي هذا النقص!
وعلى مدى سنوات بقي «مانسار» يعتمد على الأسلوب نفسه، ويزداد حظوة عند «لويس»، وعندما بلغ «مانسار» الثلاثين من عمره، تلقى طلبا ملكيا مميزا:
توسيع مدينة فرساي!
كان «مانسار» أقل خبرة وموهبة من كثير من المهندسين حول الملك، ولكن الملك اختاره لهذه المهمة لأنه كان يشبع رغبته وشغفه بأن يظهره خبيرا في الهندسة والعمران!
في كل إنسان ميل لشيء ما، وأسرع طريقة للوصول إلى قلبه هي أن تشترك معه في هذا الميل!
وما طبقه «مانسار» للوصول إلى قلب «لويس» يمكننا تطبيقه في حياتنا، بشيء من البراعة، بكثير من التعمد غير المصطنع يمكن الدخول إلى القلوب!
اشتكت خطيبة أحد الأطباء من تعلقه الشديد بالطيور، كان غالبا ما يصحبها حيث يحتفظ بطيوره، ولا يعيرها الاهتمام الكافي! وفكرت جديا بفسخ الخطبة، ولكن أحد العقلاء أشار عليها أن تتعرف إلى عالم الطيور، وعاداته، وطعامه، ووقت تزاوجه، وأنواعه!
وبالفعل حين بدأت تتعمق في هذا المجال، وتتحدث به مع خطيبها لاحظت منه إقبالا عليها، واهتماما بها لم تكن تجده من قبل، حتى أنها لم تعد تختار ماذا ستهديه في المناسبات، كانت فورا تختار شيئا يتعلق بالطيور، طير جديد، قفص مميز، طعام لطير عنده! وهكذا دخلت عالمه بسهولة.
لم يطلب أحد منك أن تكون خبيرا في «الديكور» إذا أحبته زوجتك، ولا مصمم أزياء إذا كانت هي شغوفة به، ولا طباخا عالميا إذا كانت هي تحب الطبخ! الإلمام البسيط بالأشياء يكفي، شيء من قاعدة مشتركة للحديث، حتى في المطبخ ما يمنع أن تكون حشريا وتأتي لتخفق معها بيضة، أو لتحرك محتويات قدر على النار، الناس غالبا يميلون لصحبة من يشاركهم اهتماماتهم!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
22/05/2022
771