منطقة المغرب العربي أكثر هدوءا مقارنة بنظيرتها المشرقية ولم تعرف من الأزمات والحروب الكبرى ما عرفت الثانية باستثناء ثورات الربيع وما خلفته من هزات عنيفة في ليبيا وتونس. لكنّ هذه المنطقة تشهد اليوم تصعيدا خطيرا في أزماتها الداخلية بعد التشنج الذي طبع العلاقات المغربية - الجزائرية ثم اصطفاف تونس إلى جانب الجزائر بعد استقبال رئيس ما يسمي «الجمهورية الصحراوية».لا يتعلق الأمر هنا بالانتصار لهذا الطرف أو ذاك فالأمر الأهم هو كيفية نزع فتيل الأزمة المتصاعدة وسط أزمات عالمية أشد إلحاحا تهدد كامل القارة بالجوع والجفاف. ففي ليبيا تحول المسار الثوري للتخلص من عقود الاستبداد إلى حرب طاحنة من أجل السلطة بين حفتر الطامح لإعادة ليبيا إلى مربع حكم الفرد وبين وجوه سياسية جديدة لم تنجح في تحقيق الحد الأدنى من التوافق للقضاء على مشروع عودة الاستبداد. أما تونس فقد تحولت إلى مجال نفوذ للقوى الخارجية ومنها النظام الجزائري الذي نجح مؤخرا في الزج بها في صراعه مع المغرب حول قضية الصحراء الغربية.في الجزائر.. الثروات التي في حوزتها قادرة على تحويلها إلى قوة إفريقية ودولية ضاربة.هذا التطور الخطير قد يُلحق المنطقة المغاربية بالمنطقة المشرقية خاصة مع تصاعد الأطماع الدولية بين الصين وروسيا وأوروبا، وهو الأمر الذي يوجب على كل الفرقاء أكثر من أي وقت مضى تغليب العقل والحكمة على الأطماع الضيقة والحسابات الشخصية التي لن تكون إلا في مصلحة أعداء المنطقة وشعوبها وأنظمتها.