في حكايا بلاد فارس الشعبية، أن صيادا كان يصطاد الطيور في يوم عاصف، فجعلت الريح تدخل في عينيه الغبار فتذرفان الدموع!

وكان كلما اصطاد عصفورا كسر جناحه وألقاه في الكيس.

فقال عصفور لصاحبه: ما أرقه علينا، ألا ترى دموع عينيه؟

فقال له الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه، ولكن انظر إلى عمل يديه!

عندما حدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الخوارج، قال فيهم وصفا بليغا تقشعر له الأبدان في العبادة، ويدمى له القلب من سوء العمل!

فقال: تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان!

الخوارج لسنا أنا وأنت من نحقر صلاتنا مع صلاتهم ونستقلها، وإنما الصحابة أنفسهم! فتخيل لتلك العبادة ما أشدهم فيها، ثم انظر إليهم يقتلون خليفة المسلمين، ويستحلون دماء المساكين!

إنه التناقض في أبشع صوره!

يقول «ابن المقفع»: من علامات اللئيم المخادع، أن يكون حسن القول سيئ الفعل!

ويقول «ابن الجوزي» في «صيد الخاطر»: لقيت مشايخ أحوالهم مختلفة، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم، وكان أنفعهم لي في صحبته، العامل منهم بعلمه، وإن كان غيره أعلم منه!

ويقول «الثعالبي» في رائعته «لطائف اللطف»: دخل أحد الأدباء على نصر، وفي يده كتاب، وكان ممن يسيؤون آدابهم، فقال له: ما هذا؟

فقال: كتاب أدب النفس!

فقال له: فلم لا تعمل به!

ليس المقصود أننا إذا فعلنا الشر أن نقول الشر أيضا، فنجمع على أنفسنا قبح الفعل وقبح القول. على العكس، جميل جدا أن يعترف الإنسان أن الباطل الذي قام به هو باطل فعلا، فلا يستحله ولا يبيحه، ولكن الأجمل أن يوافق فعله قوله!