في الآدابِ العالميةِ أنَّ الجنديَّ قالَ للضابط: صديقي لم يَعُدْ من ساحةِ القتال، أطلبُ منكَ الإذنَ بالذهابِ للبحث عنه.
فقالَ له الضابط: الإذنُ مرفوض، لا أُريدكَ أن تُخاطرَ بحياتكَ من أجلِ رجلٍ من المُحتملِ أنه قد مات!
ولكن الجندي عصى أمرَ قائده، وذهبَ للبحثِ عن صديقه، وبعد ساعاتٍ عادَ ينزفُ من جرحٍ خطيرٍ أصابه، حاملاً جثة صديقه!
فقالَ له الضابط بغرور: قلتُ لكَ إنه قد مات، ولكن قُلْ لي أنتَ، أكانَ الأمرُ يستحقُّ كل هذه المُخاطرة؟!
فقالَ له الجندي: أجل كانَ يستحق، عندما وجدته كانَ فيه رمق من حياة، وقالَ لي: كنتُ واثقاً من أنكَ ستأتي!
ما أجمل أن يكونَ المرءُ عند حُسنِ ظنِّ الناسِ به، أن يكونَ بحجمِ تلكَ الصورة المرسومة له في العقل، وتلكَ المكانة المُعطاة له في القلب، لأنه لا شيء أقبح من الخذلان!
ما أجمل أن يطرقَ صديقكَ بابكَ عندما يقعُ في ضائقةٍ وكله عشمٌ أنكَ لن ترده، فيجدكَ على مقدارِ العشم!
ما أجمل أن يرسمَ أبواكَ لكَ صورة الابنِ البار، وأنكَ لن تتركهما في لحظاتِ المرضِ والعجزِ ثم أنتَ تترجمُ هذه الصورة إلى مواقف ناصعة في البِر!
ما أجمل أن تأتمنكَ امرأة على قلبها في زمنٍ كَثُرَ فيه الغدر، وصارَ الخذلانُ سِمته، فتجدكَ رجلاً على مقدارِ كلمتك، لم تُفْلِتْ يدكَ، ولم تَهُنْ عليكَ الأعراض والمشاعر!
ما أجمل أن تكونَ الجار المأمون فعلاً، والأخ الكتف حقاً، والزوج العكاز صدقاً، والأب السند حُباً!
ما أجمل أن تكون الجهة الآمنة دوماً!