في خضم علاقاتنا مع الناس في هذه الدنيا يسير أغلبنا في خط ثابت لا يحيدون عنه برغم كل الإشارات الكونية التي تخبرهم بأن عليهم التوقف عن تكرار نفس السلوكيات الخاطئة والتعامل غير المجدي مع من حولهم، في مقابل مراجعة تصرفاتهم وإحداث تغيير في حياتهم وطريقة تعاطيهم مع الغير.في المقابل، يحدث أحياناً أنه وفي الوقت المناسب يصحو بعض الأشخاص من غفلتهم بعد مدة زمنية قصيرة أو طويلة ليدركوا أنهم لا بد أن يتغيروا، وأن يسلكوا طريقاً آخر حتى يخرجوا من دوامة الفشل والإخفاق في مجال العلاقات الاجتماعية، وإلا سيظلون يعانون طيلة حياتهم من نفس المشكلات وخيبات الأمل المتكررة دون فكاك منها ولا خلاص.بشكل عام، يعتاد الآخرون عليك بنفس الشخصية والسلوكيات، فلا يستطيعون تقبل أي تغير طفيف في طريقة تعاملك معهم. ذلك أن معظمنا في الغالب يعيشون بنمط شخصية ثابت لا يتبدل، ويكررون نفس الأقوال والأفعال بصورة يومية، لهذا السبب يعتاد علينا من يعرفنا ضمن قالب معين يصعب عليهم أن يتعرفوا إلينا ويتعايشوا معنا إن نحن تغيرنا، لأنهم يألفون تصرفاتنا وطريقة كلامنا النمطية.إن اعتياد أصدقائك ومعارفك على طريقة تعامل معينة من طرفك، لا يعني أن عليك تلبية مطالبهم إلى آخر العمر، فتظل تعاملهم بنفس الأسلوب طيلة الوقت. فإذا تعارضت سلوكياتك مع راحتك النفسية ومستقبلك الشخصي أو المهني، فهذا يشير إلى ضرورة تغيير مسلكك وتصرفاتك، ومحاولة إيجاد طرق أكثر جدوى في التعاطي مع من حولك.إن من أكثر الأشياء التي تُحدث تغييراً في شخصية الإنسان هي التحديات التي يواجهها في حياته، وخصوصاً خيبات الأمل والصدمات العاطفية التي تجعلنا نصحو من سبات قد يطول أمده. عندما يتخلى عنك صديق أو يخونك حبيب فإنك تدرك فجأة كم أضعت من الوقت وأنت تعيش وسط عالم هلامي بعيداً عن الواقع، وكم استنزفت من طاقة وجهد لإنجاح العلاقة أو إنعاشها بعدما ماتت بلا طائل، بدلاً من التركيز على مستقبلك والارتقاء بذاتك فكراً وروحاً، بحيث تجد السعادة الداخلية، وتحقق النجاح الذي لطالما كنت تحلم بتحقيقه. إذا كنت إلى اليوم ما تزال ترتكب نفس الأخطاء والحماقات في حياتك الشخصية أو العملية، فقد آن أوان إحداث تغيير جذري. حان الوقت لتبدأ عيش الحياة التي تريدها، وتصنع مستقبلاً أجمل. ولأنك ستتغير فلا بد أن يلاحظ الناس تبدلاً في طريقة تعاملك معهم فيستاء البعض، ويظن آخرون أنك لم تعد تحبهم أو تولي اهتماماً لعلاقتك بهم. في هذه الحالة حاول توضيح موقفك للمقربين منك فقط، وأخبرهم أنك ما تزال تحبهم وتكن لهم كل تقدير واحترام، لكنك الآن بصدد إحداث تغيير في حياتك، وعليهم أن يقفوا إلى صفك ويدعموك حتى تنجح. إذا كانوا يحبونك بحق ويقدرونك فسيتفهمون موقفك، وسيحاولون مساعدتك على بلوغ مساعيك. أما إذا كانوا رفاق سوء أو أحبة مزيفين فسينفرون ويبتعدون وربما حتى يضعون في وجهك العراقيل كي لا تنجح فتصبح أكثر استقلالية وقوة.أما من ظلمك ولم يقدرك حق قدرك، ولم تعنه أي تضحيات قدمتها في سبيله شيئاً، فهو لا يستحق منك توضيحاً ولا إجابة سوى الإجابة التالية بشكل صريح أو ضمني. فإن سألك لماذا تغيرت؟ قل له دون تردد: أنا لم أتغير، أنا فقط صحوت، وازددت وعياً ونضجاً، وتفتحت مداركي أخيرا لأستوعب حقيقة الحياة والناس. أنا انصدمت، وآسيت، وخذلت من أقرب الأشخاص، وتعبت وتعذبت وظلمت على طول الطريق. لكنني والحمد لله تعلمت من تجاربي، فنهضت، ومضيت في طريق جديد. فلا تأتِ الآن لتسألني: لماذا تغيرت؟!
لماذا تغيرت؟
- 14/09/2022
- /
- آراء و قضايا
رأي
+ A
A -