+ A
A -

في لقاء جميل، صباح أمس مع أخوة أحباب، زملاء وأصحاب، دار حديث عن المال والأموال، والأسهم والبنوك والثراء وواقع الحال، وقال البعض «المال وسخ الدنيا»، و«القناعة كنز لا يفنى» وقال البعض ما قال في التهوين من المال وكسبه وادخاره، وقد سمعنا هذا الكلام سابقاً مراراً وتكراراً، ولكن نعتقد أن مثل هذا الكلام المرسل لم يعد صالحاً للتداول في عصرنا وأيامنا وواقعنا، الحياة بمتطلباتها والظروف الراهنة بمنغصاتها تغيرت، والعقل استنار، والغلاء جار، والكلام المرسل الذي حفظناه ونحن صغار، ما عاد له محل من الإعراب، نعم كلام جميل لكن ليس على إطلاقه، فـ «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» (الكهف)، والفقر بلاء، وقلة اليد من أبغض الظروف، المال أعذب من الماء، وأرفع من السماء، وأحلى من الشهد، وأعطر من الورد، يأتي بالعروس، وتهدأ به النفوس، وفي الجيب أنيس، دافئ وونيس، وهلا بالخميس، لا يكسر الرجل إلا المال، وأسوأ ثلاثة في الدنيا قرين السوء، وامرأة السوء، وقلة اليد، الفاقة تذهب البهاء والحياء، لذلك نسعى، لا نكل ولا نمل، ونصبر ونصابر، ونسأل الله من فضله، أقوالنا القديمة ما عادت تناسب عصرنا (مد رجلك على قد لحافك) طيب وبعدين؟ إذا كان لحافي قصيراً، هل أموت من البرد وأتخشب، إذاً السعي يزيد في طول اللحاف، الطموح مطلوب، والتخطيط مطلوب، والنظرة الاستشرافية مطلوبة، نحن مع القناعة مع ما قدر يكون، مع التسليم بقضاء الله، ولكن قلة المال غربة، به تسعد وبدونه الحياة لا تطيب، السعادةُ هي في أنْ يعيشَ الإنسانُ في أمنٍ وأمانٍ، وصحةٍ وعافيةٍ، ويكون عنده ما يكفيه من طعامٍ وماءٍ وعقار ومركبة ومال، وهذا لا يتعارض مع البحث عن السعادة في الدارين، المالُ ليس أصفارا تُضاف في الرصيدِ ! ولكنه أشجار مثمرة تساقط عليك رطباً جنيا، جالب للطمأنينة وراحة البال، واستقرار الحال، لا يأتي بالهم ولا بالغم، بل بالتفاؤل والحرائر، يهدي النفوس، ويأتي بالعروس، يجعلك واثقًا مستقراً، متفائلاً بغدٍ أفضل، وراضيًا وسعيدًا بما قسمه اللهُ لك، ورحم الله الشاعر العربي حين قال:

المال يستر كل عيب في الفتى... والمال يرفع كل وغد ساقط

فعليك بالأموال فاقصد جمعها، واضرب «بكلام البعض» عرض الحائط.

وعلى الخير والمحبة نلتقي

copy short url   نسخ
15/09/2022
35