+ A
A -
الرباط- الوطن- عماد فواز
الحسانية، أو قبائل بني حسان، قبائل عربية تنحدر من منطقة شبه الجزيرة العربية، أبحرت في الصحراء الواسعة من المشرق العربي «الخليج» نحو المغرب العربي «المحيط» ما بين القرنين «الخامس عشر والسابع عشر الميلادي»، وتركت فروعاً لها خلال مشوارها الطويل في جنوب تونس والجزائر وليبيا والمغرب، إلى أن استقرت نهائياً في شمال موريتانيا، وتقوقع الحسانيون على أنفسهم ورفضوا الاختلاط بأي من القبائل الأمازيغية أو السكان الأصليين للمناطق التي استقروا بها ليحافظوا على لهجتهم «الحسانية» وعلى عاداتهم وتقاليدهم وقوانينهم التي وضعوها لأنفسهم عرفاً لا يحيد عنه أحد منذ القرن الخامس عشر وحتى الآن، فالحسانيون لا يتزوجون إلا من بعضهم، ويحظر الزواج من خارج القبيلة، فالحسانية للحساني، والحساني للحسانية، لذلك حافظ الحسانيون على لهجتهم العربية الفصحى كما هي دون تبديل «اللهجة الحسانية»، بسبب انغلاقهم وعدم تأثرهم بالتغيرات المحيطة، ولذلك أيضاً حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم ونسبهم الحساني الصرف.
يقول مراد رمضاني الحساني، من قبيلة الحسانية بوادي الذهب، لـ الوطن، إن قبيلة بني حسان التي رحلت من شبه الجزيرة العربية في القرن الخامس عشر الميلادي، قطعت الصحراء تجاه المغرب العربي بحثاً عن المراعي لقطعانهم، وكانوا دائماً يسيرون في الصحراء الجنوبية لكل البلاد التي مروا بها، وكان أول تمركز لهم في صحراء الواحات البحرية في مصر، فتركوا هناك فرعاً من القبيلة، اندمج مع القبائل الصعيدية في جنوب مصر، ثم رحل جزء منهم جنوباً نحو السودان واستقروا في شمال السودان، ورحلت باقي القبيلة إلى الصحراء الغربية وتحديداً صحراء سيوة المصرية، وتركوا هناك فرعاً أيضاً للقبيلة، ومازالت موجودة إلى الآن لكنها أيضاً اندمجت مع عرب السلوم ولم تحافظ على هويتها الحسانية الصرفة، ثم رحلوا إلى ليبيا في صحراء الكفرة جنوباً، وبعدها إلى جنوب تونس، ثم إلى جنوب الجزائر ومنها إلى جنوب المغرب ثم استقروا نهائياً في شمال موريتانيا، وفي كل مكان كانوا يعسكرون فيه للاستراحة كانوا يتركون فرعاً من القبلية، فانتشرت الحسانية على طول صحراء شمال إفريقيا، وجميع الفروع «الفخود» التي انفصلت عن القبيلة الأم التي استقرت في النهاية في موريتانيا، كونت قبيلة «حسانية» عاشت في البلد الذي استقرت فيه واختلطت بقبائلها وسكانها وتصاهروا بهم، ماعدا فرع المغرب، فقد حافظ «الحسانيون» الذين استقروا في المغرب على نسبهم، وأضافوا لعرف القبيلة الأم بند يحظر نهائياً الزواج من خارج القبيلة، ولا مجال لمخالفة قوانين القبيلة التي استقرت في صحراء «وادي الذهب والساقية الحمراء» جنوب المغرب، وانغلقت القبيلة على نفسها ومنعت الاختلاط بقبائل الأمازيغ الموجودين في المنطقة والسكان الأصليين لها، فحافظ «بنو حسان» المقيمون في جنوب المغرب على لهجتهم العربية الفصحى «الحسانية»، دون تحريف كما ورثوها من الأجداد قبل أكثر من ستة قرون، ومن يخالف قوانين القبيلة يتعرض لـ «التشميس»، أي الطرد من القبيلة واللعنة منها مدى الحياة، ويحظر على جميع أفراد القبيلة وفروعها التعامل معه أو حتى ذكر اسمه، ومن يخالف الحكم يطرد هو أيضاً.
عادات وتقاليد
ويضيف الراضي خليل بن حسان، من سكان الساقية الحمراء– جنوب المغرب- لـ الوطن،: إن فرع قبيلة بني حسان التي استقرت في جنوب المغرب، هي قبيلة «امحند بن حسان»، واستقرت في منطقة وادي الذهب، ثم تفرع عنها سبع قبائل منذ القرن السادس عشر الميلادي وحتى الآن، وتعداد بني حسان بالمغرب– أحفاد امحند بن حسان- يبلغ اكثر من 300 ألف نسمة، جلهم يقيم في منطقة الساقية الحمراء والقلة فقط تتمركز في وادي الذهب، ومازالت قبائل بني حسان بالمغرب محافظة على عاداتها وتقاليدها، لأنها حتى الآن لم تختلط بأي من القبائل المحيطة، ويحكم القبيلة بالكامل– الفروع السبعة- شيخ القبيلة «سفيان الحساني»، ولكل فرع من القبيلة شيخ يخضع لأحكام الشيخ الكبير أو شيخ المشايخ، ولقبيلة بني حسان عرفها الذي تحكم به، ولا يستطيع أي من أفراد القبيلة بفروعها مخالفة قوانين القبيلة، وأهمها الزواج والاختلاط بالقبائل الأخرى، واحترام الصغير للكبير، وتوزيع المراعي، والتضامن الاجتماعي بين الأسر وتوزيع الحرف بين الجميع بالتساوي، وإعانة الفقير ومساعدة المريض والعاجز، ولا يمكن أن تسمع داخل قبائل بني حسان عن حالات تحرش جنسي أو سرقة أو قتل، أو غيرها من أفعال الخروج على قوانين القبيلة الصارمة.
اكتفاء ذاتي
ويضيف: يعمل أغلب رجال القبيلة في الزراعة ورعي الإبل والأغنام، أما النساء فيعملن في صناعة مشتقات الألبان وغزل الصوف وصناعة المنسوجات اليدوية مثل الزربيات «سجاجيد يدوية»، والملاحف «زي نسائي صحراوي»، والقفف والشنط اليدوية المصنوعة من الجلد، وغيرها من الحرف اليدوية، التي تتقنها النساء في القبيلة ويسوقها الرجال في المدن القريبة مثل أكادير ومراكش والعيون، وحتى مدن شمال المغرب مثل طنجة وفاس ومكناس والرباط والدار البيضاء، ويحقق أبناء قبيلة بني حسان بفروعها الاكتفاء الذاتي لهم من الغذاء والملبس وغيرها من متطلبات الحياة.
اللهجة والإبداع
ويشير عبدالرحيم بن حذيفة الحساني، من سكان وادي الذهب، إلى أن الحسانيين في المغرب حافظوا على لهجتهم «الحسانية» بأنماطها التعبيرية الشفاهية المتنوعة، وتناقلوا جيلاً بعد جيل قصائد الشعر والقصص القصيرة التي صاغها الأجداد خلال سنوات الترحال، وكذلك السير الذاتية للجدود وبطولات القبيلة للحفاظ على هويتها، ومغامرات فرسان القبيلة ومعاركهم ضد الغزاة والمتعرضين لقبيلتهم خلال فترة الترحال وحتى بعد الاستقرار، ونظراً لجهل الأجداد والآباء وحتى وقت قريب بفنون الكتابة، كانت التعبيرات الشفاهية غنية بالصور الناقلة للمفردات والحكايات، واعتمد الحسانيون على مر تاريخهم على الحفظ لتوثيق تراثهم، وتحويل إبداعهم الشعري والأدبي إلى أغانٍ ومواويل مازالت عالقة في أذهان الجميع بسبب التكرار، وبعد أن عرف الحسانيون التعليم والتحقوا بالمدارس خرج من القبيلة أدباء وشعراء وفنانون تشكيليون، قاموا بتوثيق أدب الأجداد في مئات الإصدارات الموجودة في السوق داخل المغرب، باللغة العربية وباللهجة الحسانية، لمبدعين حسانيين مثل «الحسين الشعبي» و«حجيبة ماء العينين» و«ميمونة السيد» و«ميلود بوشايد» و«باه النعمة»، وغيرهم من الأدباء والشعراء الذين ترجموا حياة الحسانيين وعاداتهم وتقاليدهم إلى أعمال أدبية انتشرت في شتى ربوع المغرب، وأغلب إبداعهم كان عبارة عن قصص واقعية أو شبه واقعية من حياتنا في البادية، وعرف هؤلاء المبدعون المغرب بحياة الحسانيين وعاداتهم وتقاليدهم وقوانينهم.
ويضيف: إن وزارة الثقافة المغربية قامت منذ بداية الألفية الجارية بتنظيم مهرجان دوري في منطقة السايقة الحمراء- وادي الذهب باسم المهرجان الوطني للشعر والتراث الحساني، يقام في مايو من كل عام، للحفاظ على التراث الحساني وتعريف العالم به، ويتم خلال المهرجان التعريف بتاريخ الحسانية ولهجتها وفنونها والحرف اليدوية وكل ما يخص قبائل بني حسان في جنوب المغرب.
الحسانية، أو قبائل بني حسان، قبائل عربية تنحدر من منطقة شبه الجزيرة العربية، أبحرت في الصحراء الواسعة من المشرق العربي «الخليج» نحو المغرب العربي «المحيط» ما بين القرنين «الخامس عشر والسابع عشر الميلادي»، وتركت فروعاً لها خلال مشوارها الطويل في جنوب تونس والجزائر وليبيا والمغرب، إلى أن استقرت نهائياً في شمال موريتانيا، وتقوقع الحسانيون على أنفسهم ورفضوا الاختلاط بأي من القبائل الأمازيغية أو السكان الأصليين للمناطق التي استقروا بها ليحافظوا على لهجتهم «الحسانية» وعلى عاداتهم وتقاليدهم وقوانينهم التي وضعوها لأنفسهم عرفاً لا يحيد عنه أحد منذ القرن الخامس عشر وحتى الآن، فالحسانيون لا يتزوجون إلا من بعضهم، ويحظر الزواج من خارج القبيلة، فالحسانية للحساني، والحساني للحسانية، لذلك حافظ الحسانيون على لهجتهم العربية الفصحى كما هي دون تبديل «اللهجة الحسانية»، بسبب انغلاقهم وعدم تأثرهم بالتغيرات المحيطة، ولذلك أيضاً حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم ونسبهم الحساني الصرف.
يقول مراد رمضاني الحساني، من قبيلة الحسانية بوادي الذهب، لـ الوطن، إن قبيلة بني حسان التي رحلت من شبه الجزيرة العربية في القرن الخامس عشر الميلادي، قطعت الصحراء تجاه المغرب العربي بحثاً عن المراعي لقطعانهم، وكانوا دائماً يسيرون في الصحراء الجنوبية لكل البلاد التي مروا بها، وكان أول تمركز لهم في صحراء الواحات البحرية في مصر، فتركوا هناك فرعاً من القبيلة، اندمج مع القبائل الصعيدية في جنوب مصر، ثم رحل جزء منهم جنوباً نحو السودان واستقروا في شمال السودان، ورحلت باقي القبيلة إلى الصحراء الغربية وتحديداً صحراء سيوة المصرية، وتركوا هناك فرعاً أيضاً للقبيلة، ومازالت موجودة إلى الآن لكنها أيضاً اندمجت مع عرب السلوم ولم تحافظ على هويتها الحسانية الصرفة، ثم رحلوا إلى ليبيا في صحراء الكفرة جنوباً، وبعدها إلى جنوب تونس، ثم إلى جنوب الجزائر ومنها إلى جنوب المغرب ثم استقروا نهائياً في شمال موريتانيا، وفي كل مكان كانوا يعسكرون فيه للاستراحة كانوا يتركون فرعاً من القبلية، فانتشرت الحسانية على طول صحراء شمال إفريقيا، وجميع الفروع «الفخود» التي انفصلت عن القبيلة الأم التي استقرت في النهاية في موريتانيا، كونت قبيلة «حسانية» عاشت في البلد الذي استقرت فيه واختلطت بقبائلها وسكانها وتصاهروا بهم، ماعدا فرع المغرب، فقد حافظ «الحسانيون» الذين استقروا في المغرب على نسبهم، وأضافوا لعرف القبيلة الأم بند يحظر نهائياً الزواج من خارج القبيلة، ولا مجال لمخالفة قوانين القبيلة التي استقرت في صحراء «وادي الذهب والساقية الحمراء» جنوب المغرب، وانغلقت القبيلة على نفسها ومنعت الاختلاط بقبائل الأمازيغ الموجودين في المنطقة والسكان الأصليين لها، فحافظ «بنو حسان» المقيمون في جنوب المغرب على لهجتهم العربية الفصحى «الحسانية»، دون تحريف كما ورثوها من الأجداد قبل أكثر من ستة قرون، ومن يخالف قوانين القبيلة يتعرض لـ «التشميس»، أي الطرد من القبيلة واللعنة منها مدى الحياة، ويحظر على جميع أفراد القبيلة وفروعها التعامل معه أو حتى ذكر اسمه، ومن يخالف الحكم يطرد هو أيضاً.
عادات وتقاليد
ويضيف الراضي خليل بن حسان، من سكان الساقية الحمراء– جنوب المغرب- لـ الوطن،: إن فرع قبيلة بني حسان التي استقرت في جنوب المغرب، هي قبيلة «امحند بن حسان»، واستقرت في منطقة وادي الذهب، ثم تفرع عنها سبع قبائل منذ القرن السادس عشر الميلادي وحتى الآن، وتعداد بني حسان بالمغرب– أحفاد امحند بن حسان- يبلغ اكثر من 300 ألف نسمة، جلهم يقيم في منطقة الساقية الحمراء والقلة فقط تتمركز في وادي الذهب، ومازالت قبائل بني حسان بالمغرب محافظة على عاداتها وتقاليدها، لأنها حتى الآن لم تختلط بأي من القبائل المحيطة، ويحكم القبيلة بالكامل– الفروع السبعة- شيخ القبيلة «سفيان الحساني»، ولكل فرع من القبيلة شيخ يخضع لأحكام الشيخ الكبير أو شيخ المشايخ، ولقبيلة بني حسان عرفها الذي تحكم به، ولا يستطيع أي من أفراد القبيلة بفروعها مخالفة قوانين القبيلة، وأهمها الزواج والاختلاط بالقبائل الأخرى، واحترام الصغير للكبير، وتوزيع المراعي، والتضامن الاجتماعي بين الأسر وتوزيع الحرف بين الجميع بالتساوي، وإعانة الفقير ومساعدة المريض والعاجز، ولا يمكن أن تسمع داخل قبائل بني حسان عن حالات تحرش جنسي أو سرقة أو قتل، أو غيرها من أفعال الخروج على قوانين القبيلة الصارمة.
اكتفاء ذاتي
ويضيف: يعمل أغلب رجال القبيلة في الزراعة ورعي الإبل والأغنام، أما النساء فيعملن في صناعة مشتقات الألبان وغزل الصوف وصناعة المنسوجات اليدوية مثل الزربيات «سجاجيد يدوية»، والملاحف «زي نسائي صحراوي»، والقفف والشنط اليدوية المصنوعة من الجلد، وغيرها من الحرف اليدوية، التي تتقنها النساء في القبيلة ويسوقها الرجال في المدن القريبة مثل أكادير ومراكش والعيون، وحتى مدن شمال المغرب مثل طنجة وفاس ومكناس والرباط والدار البيضاء، ويحقق أبناء قبيلة بني حسان بفروعها الاكتفاء الذاتي لهم من الغذاء والملبس وغيرها من متطلبات الحياة.
اللهجة والإبداع
ويشير عبدالرحيم بن حذيفة الحساني، من سكان وادي الذهب، إلى أن الحسانيين في المغرب حافظوا على لهجتهم «الحسانية» بأنماطها التعبيرية الشفاهية المتنوعة، وتناقلوا جيلاً بعد جيل قصائد الشعر والقصص القصيرة التي صاغها الأجداد خلال سنوات الترحال، وكذلك السير الذاتية للجدود وبطولات القبيلة للحفاظ على هويتها، ومغامرات فرسان القبيلة ومعاركهم ضد الغزاة والمتعرضين لقبيلتهم خلال فترة الترحال وحتى بعد الاستقرار، ونظراً لجهل الأجداد والآباء وحتى وقت قريب بفنون الكتابة، كانت التعبيرات الشفاهية غنية بالصور الناقلة للمفردات والحكايات، واعتمد الحسانيون على مر تاريخهم على الحفظ لتوثيق تراثهم، وتحويل إبداعهم الشعري والأدبي إلى أغانٍ ومواويل مازالت عالقة في أذهان الجميع بسبب التكرار، وبعد أن عرف الحسانيون التعليم والتحقوا بالمدارس خرج من القبيلة أدباء وشعراء وفنانون تشكيليون، قاموا بتوثيق أدب الأجداد في مئات الإصدارات الموجودة في السوق داخل المغرب، باللغة العربية وباللهجة الحسانية، لمبدعين حسانيين مثل «الحسين الشعبي» و«حجيبة ماء العينين» و«ميمونة السيد» و«ميلود بوشايد» و«باه النعمة»، وغيرهم من الأدباء والشعراء الذين ترجموا حياة الحسانيين وعاداتهم وتقاليدهم إلى أعمال أدبية انتشرت في شتى ربوع المغرب، وأغلب إبداعهم كان عبارة عن قصص واقعية أو شبه واقعية من حياتنا في البادية، وعرف هؤلاء المبدعون المغرب بحياة الحسانيين وعاداتهم وتقاليدهم وقوانينهم.
ويضيف: إن وزارة الثقافة المغربية قامت منذ بداية الألفية الجارية بتنظيم مهرجان دوري في منطقة السايقة الحمراء- وادي الذهب باسم المهرجان الوطني للشعر والتراث الحساني، يقام في مايو من كل عام، للحفاظ على التراث الحساني وتعريف العالم به، ويتم خلال المهرجان التعريف بتاريخ الحسانية ولهجتها وفنونها والحرف اليدوية وكل ما يخص قبائل بني حسان في جنوب المغرب.