+ A
A -
أكد مواطنون ومهتمون بشؤون البيئة والخضرة، على أهمية تشجير الشوارع والفضاءات الخارجية، وطالبوا في حديثهم مع الوطن ، بضروة زيادة الاهتمام بأشجار النخيل في تشجير الكثير من المواقع والفضاءات، بالإضافة إلى النباتات التي تتحمل الحرارة قلة المياه وملوحتها، كما إنهم أشاروا إلى أهمية اختيار نوعية النباتات المراد بها عملية التشجير والإخضرار، لأن وجود الأشجار وتوزيعها بعناية في أماكن مختلفة من الدولة يخفف من درجات الحرارة، ويساهم في تلطيف الأجواء، خاصةً في فصل الصيف.
وقد ثبت بالأدلة العلمية إننا إذا أتينا بميزان حرارة في منطقة أو شارع به عدد كثيف من الأشجار، وقسنا درجات الحرارة، وتم تنفيذ ذات التجربة في مكان خال من الأشجار، سيكون هنالك فرق كبير في درجات الحرارة، وهذه العملية بحسب الذين استطلعناهم قد تم تجريبها في أكثر من منطقة بالدولة، وأضافوا أن الإخضرار والتشجير يريح البصر ويعطي الإحساس بالراحة النفسية، مطالبين بضرورة التوسع أكثر من ذلك في خطة التشجير، خاصة وان هناك مناطق بالدولة بالفعل تحتاج إلى تشجير وتعاني من انعدام الأشجار أو المساحات الخضراء مثل المنطقة المجاورة للمنطقة الصناعية على سبيل المثال وغيرها من المناطق.
وثمن المهتمون بشؤون البيئة والخضرة جهود وزارة البلدية والبيئة في التشجير وإنشاء الحدائق العامة والمساحات الخضراء، معربين عن شكرهم وتقديرهم لوزارة البلدية والبيئة، ممثلة في إدارة الحدائق العامة، التي أثمرت جهودها في السنوات القليلة الماضية، عن إنشاء الكثير من الحدائق العامة وحدائق الفرجان، والمساحات الخضراء، وتشجير العديد من المناطقة والحدائق مما ساهم في التقدم نحو رؤية قطر خضراء التي يطمح لها الجميع، وطالب هؤلاء بالاستفادة من مياه المجاري والصرف الصحي ومعالجتها لتستخدم في ري المزروعات بدلا من تحلية مياه البحر ذات التكلفة العالية، والتي يجب أن تبقى الاستفادة منها مقتصرة على الاستخدام الآدمي، ما دام الخبراء يتحدثون عن أن مشاكل المستقبل ستكون بسبب المياه التي تعاني المنطقة العربية من ندرتها.
أدلة علمية
بدايةً تقول الدكتورة لطيفة النعيمي الأستاذة في قسم الكيمياء وعلوم الأرض بكلية العلوم بجامعة قطر، أن هنالك أشجارا معينة وذات مواصفات محددة تكون دائمة الخضرة وتتحمل الحرارة وقلة المياه وملوحتها أيضاً، يعني أربعة نقاط مهمة تتحملها، الأمر الذي يؤكد أهمية اختيار نوعية النباتات المراد بها التشجير والإخضرار، وطبعاً وجود الأشجار وتوزيعها بعناية مهم جداً، لأن وجود الأشجار في أماكن مختلفة من الدولة يخفف درجات الحرارة، وخصوصاً في فصل الصيف، الذي يهرب فيه الناس من حرارة الأجواء، وثبت بالأدلة العلمية إننا إذا أتينا بميزان حرارة في منطقة مشجرة أو شارع به عدد كثيف من الأشجار، وقمنا بقياس درجة الحرارة وقورنت بنسبة الحرارة في مكان خالي من الأشجار، سنجد أن هنالك فرقا كبيرا في درجة الحرارة بين المكان الذي فيه أشجار والمكان الصحراوي الذي يخلو من الخضرة، وهذه العملية تم تجريبها في أكثر من منطقة بالدولة، أما الجزء الآخر من المعادلة هو أن الإخضرار يريح العين، يعني مثلاً نحن في الصيف عندما نلبس النظارة الشمسية نشعر أن العين تُجهد من قوة الحرارة واللون الأصفر الصحراوي الذي يغطي كل الدولة تقريباً، لذلك نحن نحاول بقدر الإمكان أن نزيد من الرقع المخضرة، والآن نقود مبادرة لتخضير شارع الشمال، بالتنسيق مع الجهات المسؤولة، لعمل مسطحات خضراء تناسب البيئة على إمتداد الشارع بطوله، بالإضافة إلى المخارج والجسور، وطبعاً وجود مثل هذه المشاريع في الشوارع الصحراوية يخفف من درجات الحرارة ويريح العين، والهدف الأساسي من التخضير إننا عندما نستضيف مونديال العالم في قطر بعد أقل من ست سنوات، يجب أن يرى السياح والزوار الأجانب بلادنا وهي مخضرة، وفيها اهتمام بالبيئة، والأجواء فيها ملائمة ولطيفة لاستضافة هذا الحدث المهم، وفي نفس الوقت زيادة الحدائق ومعدلات التشجير في الشوارع والفضاءات الخارجية، تجعل السائح الذي يزور بلادنا في المونديال يفكر في زيارتها مرة أخرى.
مسؤولية مشتركة
من جانبه يرى الأستاذ عبد الواحد غريب العنزي مؤسس فريق قطر التوعوي الموحد، أن للتشجير أهمية كبرى، قائلاً: حتى الطيور تستظل بالأشجار فإذا لم تجد الأغصان التي تتطاير حولها وتمرح ستهجر المكان، مشيراً إلى أنهم يسعون من خلال فريق قطر التوعوي إلى غرس ثقافة التشجير في المجتمع القطري لمجابهة المناخ الصحراوي الذي تتعرض له البلاد في فترة الصيف، حتى يعلم الناس ما هي النباتات التي يجب زراعتها في فصل الصيف، وما هي التي يجب زراعتها في فصل الشتاء، مبيناً أن الزرع العشوائي قد يؤثر على مسيرة التخضير التي تتبناها الدولة بدعم ومساندة الكثير من الجهات ذات الصلة، مؤكداً أن التشجير وثقافة التشجير مسؤولية مشتركة بين كافة قطاعات الدولة، ووزارة البلدية كانت قد تبنت منذ سنوات استراتيجية زراعة المناطق الخضراء بمختلف مناطق الدولة، سواء وسط الأحياء السكنية والمدن أو على الطرق الخارجية، ونأمل أن تساهم هذه الجهود في رؤية قطر خضراء كما يطمح المواطنون والمسؤولون، لكن هذا يحتاج إلى وضع خطط تعتمد على دراسات وأبحاث بشكل يجعل عملية التشجير وزرع المساحات الفضاء قابلة للاستمرار في ظل ظروف مناخية صعبة، تحتاج إلى اختيار أنواع الأشجار التي تنمو في مثل البيئة القطرية، وفي اعتقادي أن هذا ليس مستحيلا، فقد شاهدنا نجاح تجربة الأشجار المزروعة في حديقة أسباير، والحي الثقافي كتارا، وغيرهم من الحدائق العامة؛ لذا نأمل في أن تمتد هذه الجهود إلى الأراضي الجرداء التي تقع خارج المدن والقرى، وهذا يتطلب توفير كميات كبيرة من المياه لري هذه المزروعات التي تحتاج إلى الري يوميا، خصوصاً في فصل الصيف الذي يستمر لأكثر من 6 أشهر من السنة، فهناك مقومات محددة لا بد أن يتم وضعها في عين الاعتبار لنجاح هذه الجهود.
نواح بيئية
بينما تقول الأستاذة مريم الحمادي الاخصائية في الوعي المجتمعي أن النباتات هي عبارة عن غطاء للأرض وعن طريق المحافظة عليها يمكن أن نحافظ على البيئة، وبالتالي يمكن أن نحقق هدفين من خلال ذلك، واحد على المستوى المحلي وآخر على المستوى الدولي، محلياً بإمكاننا أن نوفر مساحات خضراء نتيح عن طريقها العنصر الجمالي من خلال المساحات الطويلة، وكلما كانت المساحات الخضراء في أكبر، كلما أعطت راحة نفسية تسر جميع الناظرين، وعلى المستوى الدولي من ضمن الأهداف التنموية العمل على المناخ، وموضوع التغير المناخي الذي يحدث حولنا، فالتشجير والغطاء الأخضر من الممكن أن يسهم في تحسين المناخ وحماية الأرض، وبالتالي المحافظة على البيئة، وهذا الأمر قد يحتاج إلى تكلفة عالية وأيد عاملة، لكن بالإمكان تجاوز ذلك الأمر من خلال الإعتماد على التكنولوجيا الحديثة في مجال الزراعة، مثل وسائل الري الحديثة ووضع النباتات المناسبة للزراعة في هذا المناخ، بالإضافة إلى زرع الأشجار المثمرة التي يمكن الاستفادة من محصولها، مثلاً شجرة الليمون مثمرة في ذات الوقت مخضرة، ويمكن أن تكون شجرة مناسبة، لأن النخيل أصبحنا نواجه فيه بمشكلة، أن كلما إرتفعت شجرة النخيل إلى الأعلى إرتفع معها الإخضرار الذي يريح العين، لذلك يفقد خاصية الإخضرار تدريجياً كما أن ثماره عبارة ثورة مهدرة في كثير من المناطق بسبب الإهمال الذي تتعرض له، لكن هنالك نقطة مهمة يجب الإنتباه لها، وهي أن الغطاء النباتي بإمكانه أن يقلل من أثر الزحف الصحراوي والرمال المتحركة، سواء على الشوارع أو الناس الذين يصابون بالحساسية في فترة الرياح، لكن الغطاء النباتي يؤثر بالطبع في تحسين دورة الأكسجين، وهنالك طرق يمكن أن نستفيد فيها من توفر المياه، مثلاً لدينا مشاريع المياه الجوفية، والمياه المعالجة، يعني عملية التشجير هي عملية بيئية من ناحية ودينية من ناحية أخرى أيضاً والرسول عليه الصلاة والسلام أوصانا بقوله: (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل)، لذلك نحن نشجع التشجير للأثر الذي يعود على البيئة والمجتمع.
دائرة المباني
في المقابل أشاد عضو المجلس البلدي لمنطقة الغرافة السيد مبارك بن فريش بجهود إدارة الحدائق العامة فيما يتعلق بالتشجير، وخلق مساحات خضراء في مختلف المناطق، مؤكداً أن هذه الإدارة شهدت تطوراً كبيراً بعد تولي المدير الحالي لها، وأكد أن جهود هذه الإدارة ملموسة للجميع، خصوصاً في منطقة الغرافة التي كانت ساحاتها جرداء، لكن إدارة الحدائق بدأت في تشجير العديد منها، وهو ما أعطى للمنطقة رونقا وجمالا، وهنا أود الإشارة إلى أن السير في هذا الاتجاه يجب أن يتعزز ويتواصل حتى نرى قطر خضراء، فلا زلنا نعاني من تصحر مساحات شاسعة من أرض الوطن، خصوصاً تلك التي تقع خارج دائرة المباني، وبإمكاننا تحويلها إلى غابات وحدائق غنّاء، وننتظر مواصلة الجهود حتى يتحقق هذا الحلم في أقرب الآجال؛ لأن هذا يعود بكثير فائدة على أرض الوطن، فهو يساهم في تلطيف الأجواء صيفا، وفوائده البيئية لا تحصى.
copy short url   نسخ
14/08/2016
7226