+ A
A -
على مدى عامين من السؤال المتكرر لعراقيي المهجر، كانت كل الأجوبة تشير إلى أن شعبية داعش متدنية في الموصل، وقبل أيام قليلة كان الجواب أن الولاء لداعش يخص أعضاء التنظيم فقط، وبغض النظر عن دقة هذه المعلومة التي تشهد لها مصادر أخرى، خاصة من سكان الموصل الذين نزحوا منها، فإن احتمال وصول شعبية داعش إلى نسبة %5 مستبعد وأنها أقل من ذلك.
لكن ذلك لن يغيّر مطلقا من خطة الحرب لاجتياحها، والقرار الأميركي- الإيراني الاستراتيجي بشأن ضمها القهري للعملية السياسية المحتكرة بيد طهران، وموضوع المقال اليوم، هو التساؤل عن إمكانية تحقيق مهمة مستحيلة، بجسر تواصلي مع داعش، لتأمين المدنيين بعد انسحابها، وهو أمرٌ يكاد يكون حصريا للإنقاذ رغم غرابته للكثير.
إن مهمة إيقاف الحرب على الموصل، منعدم تماما إمكانية تحقيقها، كما أن داعش ستخوض آخر معركة كبرى لحماية مشروعها، قبل أن تنهار خلافتها في عاصمتها، وتتحول لتنظيم جديد على بقايا تنظيمها القديم، أو تتحول كفكرة عنف متجولة عربياً وعالمياً، بذات التيه الذي عاشته القاعدة، بعد فقدان عقلها المدبر أبو مصعب السوري، وقادة العقل الاستراتيجي فيها.
لكن تحوّل داعش سيكون أخطر، وقد يرتد على مناطق أخرى، شاركت في ضرب العراق مع المعسكر الدولي والقوات الإيرانية، وتلك قصة أخرى لا مجال لتفصيلها اليوم.
لكن ما يمكن أن يؤسس عليه، هو حاجة داعش عند أي لحظة إلى تأمين مدنييها، في مستقبل حرب الموصل، وما قد يَرشح معه، من حضور بعض التقييم العقلي، في التنظيم، للتواصل مع شخصيات عشائرية، لضمان دخول قواتها وقوات كردية مشتركة، تمنع القوات الإيرانية وميليشياتها الإرهابية من اجتياحها، عبر تأمين هذا الحضور في اول الانسحاب.
وهي عملية معقدة وليست سهلة، لكن الوصول إلى تنسيق مع خط داعشي عبر العشائر ممكن وليس جديداً، ولن تتعامل داعش مع أي من هذه القوى أو الدول الراعية خارج دول الاجتياح، إلا بمنطق المصالح المشتركة لحياة المدنيين، والحفاظ على المدينة ذات الكثافة السكانية الضخمة، عبر تسليمها لقوات مؤتمنة على أهلها، وقوات لها مصالح من منع الإيرانيين، من تسلمها كما جرى في الفلوجة، وما ترتب عليه من استعادة النفوذ الإيراني المركزي.
إن المشكلة العميقة مع هذا المقترح، تكمن في غياب أي توازن يباشر قرار دولة مركزية، يؤثر على الميدان الإقليمي، باستثناء تركيا، وهناك مخاوف كبيرة من أن أنقرة استغرقتها مصالح أمنها القومي، في التنظيم الجديد للدولة، والذي حقق انتصاراً دبلوماسياً وسياسياً بعد سحقه للانقلاب وإخضاع الجيش لقرار الدولة المدنية.
وبالتالي تترك معركة الموصل، بلا أي تحفظ منها لانشغالها بترتيبات الشمال السوري، خاصة بعد قناعة أنقرة أن المساحة التي حققتها السلفية الجهادية من النصرة وداعش، تحولت لضربها في السنتين الأخيرتين بقوة واستهدفت مصالحها، وتداخلت عمليات داعش الإرهابية في داخل تركيا، مع مجموعات حزب العمال الكردستاني.
والمخرج، كمقترح ممكن أن ينفذ، أن تقوم الدوحة بتشجيع هذا الدور التركي، والحصول على غطاء تنسيقي من انقرة يضمن موافقة واشنطن، على وقف الإيرانيين ومن تحت هيمنتهم، كالحشد والقوات الحكومية من اجتياح الموصل، حتى تتسلمها المفارز العشائرية المشتركة، مع بشمركة كردستان العراق الموالية لمسعود برزاني، وحماية كامل المدينة وشوارعها.
وعدم الثقة بين العشائر العربية والبشمركة عميق، لكن توازنات اللعبة، قد تسمح بهذا الحلف لمصالح مشتركة، تكون انقرة والدوحة الضامن لها، ومهما قيل عن وحشية داعش وجنون العنف، فإن شعور النجاة للأهالي وبعضهم ينتمون إليهم، محرك فطري لهم، قد يُنظم عبره، مخرج الإنقاذ الوحيد للموصل وأهلها، سواء استبقت الحرب، أو بعد بدأها.
وكم هو كارثي أن تكون كل أمة الشرق المسلم، عاجزة عن تأمين الموصل ومليونين من البشر ولو بالصفقات السياسية، التي مارستها طهران وواشنطن مرارا على الأرض، فهل سيتحقق الأمل، فتكون المهمة المستحيلة التي تحققت؟
بقلم : مهنا الحبيل
لكن ذلك لن يغيّر مطلقا من خطة الحرب لاجتياحها، والقرار الأميركي- الإيراني الاستراتيجي بشأن ضمها القهري للعملية السياسية المحتكرة بيد طهران، وموضوع المقال اليوم، هو التساؤل عن إمكانية تحقيق مهمة مستحيلة، بجسر تواصلي مع داعش، لتأمين المدنيين بعد انسحابها، وهو أمرٌ يكاد يكون حصريا للإنقاذ رغم غرابته للكثير.
إن مهمة إيقاف الحرب على الموصل، منعدم تماما إمكانية تحقيقها، كما أن داعش ستخوض آخر معركة كبرى لحماية مشروعها، قبل أن تنهار خلافتها في عاصمتها، وتتحول لتنظيم جديد على بقايا تنظيمها القديم، أو تتحول كفكرة عنف متجولة عربياً وعالمياً، بذات التيه الذي عاشته القاعدة، بعد فقدان عقلها المدبر أبو مصعب السوري، وقادة العقل الاستراتيجي فيها.
لكن تحوّل داعش سيكون أخطر، وقد يرتد على مناطق أخرى، شاركت في ضرب العراق مع المعسكر الدولي والقوات الإيرانية، وتلك قصة أخرى لا مجال لتفصيلها اليوم.
لكن ما يمكن أن يؤسس عليه، هو حاجة داعش عند أي لحظة إلى تأمين مدنييها، في مستقبل حرب الموصل، وما قد يَرشح معه، من حضور بعض التقييم العقلي، في التنظيم، للتواصل مع شخصيات عشائرية، لضمان دخول قواتها وقوات كردية مشتركة، تمنع القوات الإيرانية وميليشياتها الإرهابية من اجتياحها، عبر تأمين هذا الحضور في اول الانسحاب.
وهي عملية معقدة وليست سهلة، لكن الوصول إلى تنسيق مع خط داعشي عبر العشائر ممكن وليس جديداً، ولن تتعامل داعش مع أي من هذه القوى أو الدول الراعية خارج دول الاجتياح، إلا بمنطق المصالح المشتركة لحياة المدنيين، والحفاظ على المدينة ذات الكثافة السكانية الضخمة، عبر تسليمها لقوات مؤتمنة على أهلها، وقوات لها مصالح من منع الإيرانيين، من تسلمها كما جرى في الفلوجة، وما ترتب عليه من استعادة النفوذ الإيراني المركزي.
إن المشكلة العميقة مع هذا المقترح، تكمن في غياب أي توازن يباشر قرار دولة مركزية، يؤثر على الميدان الإقليمي، باستثناء تركيا، وهناك مخاوف كبيرة من أن أنقرة استغرقتها مصالح أمنها القومي، في التنظيم الجديد للدولة، والذي حقق انتصاراً دبلوماسياً وسياسياً بعد سحقه للانقلاب وإخضاع الجيش لقرار الدولة المدنية.
وبالتالي تترك معركة الموصل، بلا أي تحفظ منها لانشغالها بترتيبات الشمال السوري، خاصة بعد قناعة أنقرة أن المساحة التي حققتها السلفية الجهادية من النصرة وداعش، تحولت لضربها في السنتين الأخيرتين بقوة واستهدفت مصالحها، وتداخلت عمليات داعش الإرهابية في داخل تركيا، مع مجموعات حزب العمال الكردستاني.
والمخرج، كمقترح ممكن أن ينفذ، أن تقوم الدوحة بتشجيع هذا الدور التركي، والحصول على غطاء تنسيقي من انقرة يضمن موافقة واشنطن، على وقف الإيرانيين ومن تحت هيمنتهم، كالحشد والقوات الحكومية من اجتياح الموصل، حتى تتسلمها المفارز العشائرية المشتركة، مع بشمركة كردستان العراق الموالية لمسعود برزاني، وحماية كامل المدينة وشوارعها.
وعدم الثقة بين العشائر العربية والبشمركة عميق، لكن توازنات اللعبة، قد تسمح بهذا الحلف لمصالح مشتركة، تكون انقرة والدوحة الضامن لها، ومهما قيل عن وحشية داعش وجنون العنف، فإن شعور النجاة للأهالي وبعضهم ينتمون إليهم، محرك فطري لهم، قد يُنظم عبره، مخرج الإنقاذ الوحيد للموصل وأهلها، سواء استبقت الحرب، أو بعد بدأها.
وكم هو كارثي أن تكون كل أمة الشرق المسلم، عاجزة عن تأمين الموصل ومليونين من البشر ولو بالصفقات السياسية، التي مارستها طهران وواشنطن مرارا على الأرض، فهل سيتحقق الأمل، فتكون المهمة المستحيلة التي تحققت؟
بقلم : مهنا الحبيل