+ A
A -
توقفت كثيرا أمام إحصائية حول مجموع الناتج القومي العربي لدوله مجتمعة وهي اثنتا وعشرون دولة يصل إلى «تريليون و48 مليار دولار» بعدد سكانه الذي يزيد على 300 مليون إنسان، ومتوسط دخل الفرد العربي لا يزيد على 11 ألف دولار في العام، وهذا الناتج لا يصل إلى الناتج القومي الألماني وقدره «تريليون و49 مليارا و700 مليون دولار» ونصيب الإنسان الألماني حوالي 21 ألف دولار، فيما عدد سكان ألمانيا حوالي 82 مليون ومساحتها نصف مساحة الصومال، وثرواتها لا تصل إلى ربع الثروات الموجودة في العالم العربي والسؤال الذي يطرح نفسه: أين يذهب الناتج القومي العربي؟ فإما أنه يبقى بغير استغلال أو أنه يذهب في الهواء الطلق، أو أنه ينهب ويذهب في الصراعات الداخلية، وأشعر بحزن حين أجد أن نصيب الفرد العربي في بعض الدول العربية لا يزيد على 2000 دولار في السنة كما هو الحال في العراق، وأشعر بالسعادة حين أرى أن نصيب الفرد في بعض الدول يصل إلى 22 ألف دولار في العام، وهي بعض دول الخليج وأبكي لحال الإنسان العربي الذي لم يجد وظيفة مع أن الدخل القومي لبلده يعتبر جيدا في مقارنة مع دول عربية أخرى، ولا أدري كيف يدير إنسان حياته حين يكون نصيبه من الدخل القومي سنويا 600 دولار كما هو الحال في الصومال، و1200 دولار في جيبوتي، وأقف حائرا أمام السؤال: لماذا لم توجه كل الجهود الاقتصادية والاستثمارية نحو هذا العالم المليء بالخيرات، فلماذا لا تستعل الثروة في السودان، وفي مصر، والصومال هل نحن عاجزون إلى هذه الدرجة التي نستطيع معها أن نزرع القمح في سلة غذاء العالم العربي، وحتى يمكن لنا أن نستطيع اتخاذ قرارنا بأنفسنا دون رهبة من أحد، أسئلة كبيرة وعريضة والإجابة عنها يعرفها مولود سقط الليلة من رحم أمه، وهي إذا استمرت التبعية، والفرقة، والخلاف بين أوطان هذه الأمة لن يجرؤ أحد على اتخاذ قرار لا ترضي عنه «الصهيونية العالمية» فإسرائيل ترسل عيونها إلى كل جزء من العالم العربي، وإذا حاول فلاح بسيط أن يكتفي غذائيا من مزرعته فقد تشعل حربا عسكرية على هذا البلد أو ذاك، فلم تكن الحرب على العراق من أجل أسلحة الدمار الشامل وإنما لأن العراق اتخذ قرار الاكتفاء الذاتي رغم سوء إدارة البلاد اقتصاديا وإداريا وما زلت أقف حائرا أمام جواب رئيس عربي عن سؤال صحفي يقول: لماذا لا تستغلون الثروة المائية التي حباكم الله بها لزراعة القمح لإنتاج رغيف الخبز بدل الاعتماد على القمح الأميركي؟! حيث هزأ الرئيس من السائل، وقال له: هل تريد أن تحرقنا أميركا، فامتعض الصحفيون من الإجابة، لكن رحم الله أمرأ عرف قدر نفسه، فاليد الواحدة لا تصفق، ولو اجتمعت الأيادي العربية تحت مظلة واحدة وصفقت صفقة واحدة وقالت «لا» ولو لمرة واحدة، فسوف تعيد الدول الكبرى النظر في التعامل مع قضايانا لكن حين تنظر تلك الدول إلى دخلنا القومي ودخل الفرد عندنا وتقارنه بأصغر دولة أوروبية فإنها بالتأكيد سوف تتشدد في التعامل معنا، باعتبارنا آخر الأمم وآخر الأمم في نظرهم يجب أن تبقى في المؤخرة.
بقلم : سمير البرغوثي
بقلم : سمير البرغوثي