لم تبق دولة في العالم لم تؤيد حل الدولتين، وآخر ما قيل في هذا الشأن ورد على لسان رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي، عندما أعلن تأييده حل «دولتين لشعبين» بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي المرة الأولى التي يعلن فيها رئيس حكومة هذا الموقف في الأمم المتحدة منذ عام «2016»، عندما أعلن بنيامين نتانياهو التزامه بحل الدولتين، على أن تكون الفلسطينية منهما «أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة».
قبل يومين من ذلك، جدد الرئيس الأميركي جو بايدن في الأمم المتحدة دعمه لإقامة دولة فلسطينية لكنه لم يعط أي مؤشر على أي مبادرة سلام جديدة، وبالأمس فقط أعلن السفير الأميركي لدى تل أبيب توم نايدز أن واشنطن تعارض «نمو» المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع الحكومة الإسرائيلية للحد من أي نمو استيطاني خارج الخط الأخضر، وهذا التعبير يُطلق على الخط الفاصل بين الأراضي المحتلة عام «1948» والأراضي المحتلة عام «1967»، لكن سلطات الاحتلال التهمت أكثر من «51.6 %»، من مساحة الضفة الغربية (بما فيها مدينة القدس الشرقية)، على مدار العقود الماضية لصالح الاستيطان، والقواعد العسكرية، وما يسمى بـ«أراضي الدولة».
تهويد الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة يمضي بخطوات متسارعة، والحديث عن «دولتين»، من جانب الإسرائيليين والولايات المتحدة والدول الغربية الأكثر تأثيرا، يبدو وكأنه محاولة لكسب الوقت بحيث لا يتبقى للفلسطينيين الكثير من الأرض التي تصلح لإقامة دولة، وهذا يعيدنا إلى ما كان قد طرحه نتانياهو، «أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة».
دعونا نصدق ما قاله لابيد، وما طرحه الرئيس بايدن، وهذا سيقودنا إلى سؤال بديهي في غاية الأهمية: ما الذي يعيق البدء في محادثات لتحقيق ذلك إذن؟.
هذا السؤال أجاب عنه بايدن بنفسه: إن حل الدولتين بعيد المنال في الوقت الراهن، وهكذا فإن كل ما سمعناه له معنى واحد هو إضاعة الوقت بالشكل الذي يسمح بتفكيك القضية الفلسطينية وفرض واقع قد تصعب العودة عنه كالقدس وتثبيت خريطة الإستيطان، بحيث لا يعود أمام الفلسطينيين سوى القبول بما طرحه نتانياهو، «أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة».
لطالما راهنت تل أبيب على الوقت، ولطالما راهنت على تحويل القضية الفلسطينية من قضية مركزية للعرب جميعا، إلى مجرد قضية تحتاج إلى حل في خضم مشكلاتهم وانشغالاتهم، والمتأمل في حال الدول العربية سوف يجد سريعا أن ما تمر به كان محسوبا بدقة لتمزيقهم وتمزيق قضيتهم المركزية.. فلسطين.