+ A
A -


*((انظُرْ إلى نفسك ما أروعك وأنتَ تستلقي على سريرك أو أريكتك المُريحة تاركا المجالَ للكتاب المعشوق ليقول كلمتَه)).
*((لا أَظُنُّكَ تُنْكِرُ حقيقةَ أن هذا السفر الجميل في زمن العاطفة المبتور من خريطة الوقت يأسرك أسراً ويجعلك تنتشي وأنتَ تقطف عنقودَ الحُبّ من حديقة كاتبك الروائي المفضَّل، ومن ثم تلتهم حَبَّاتِ عِنَبِ الحُبّ التي تُسْكِرُكَ حدّ الثمالة كلما مضيتَ تُنْصِتُ بأرهف ما فيك من مشاعر خبيئة قد لا يسمح لها شريكُك في الحياة بالكشف عن نفسها)).
*((في كلمتين نقول إنها الرواية الرومانسية، الرواية الرومانسية ملاذُ القارئ الحالِم)).


ماذا تَفعلُ وأنتَ سَيِّدُ مشهدٍ باردٍ؟
مشهد بارد؟!
أنحن على خشبة مسرح؟!
صحيح أنه قد يكون سؤالا مراوغا، سؤالا مُرْبِكاً إلى أبعد مدى، لكنه الواقع..
وأنتَ في أَوْجِ التقلُّص تحت تأثير عواصف المشاعر الباردة التي طَفَقَتْ تفرض وجودَها بقوة في ظل غياب الدفء وفيض العواطف التي تعطي لحياتك معنى، ها أنتَ تَجِدُ (من حيث تدري ولا تدري) حاجتَك الماسَّةَ إلى التهام كتب الأدب الرومانسي.
الأدب الرومانسي!
أمازال على قيد الحياة الأدبُ الرومانسي.. أم مات؟!
ما حاجتنا إلى الأدب الرومانسي؟!
لِمَ حاجتنا إلى الأدب الرومانسي؟!
هل يُفْلِحُ الأدبُ الرومانسي في إصلاح ما أفسده الزمنُ الجارح؟!
أم أن الزمنَ الذي يُجَرِّعُنا القسوةَ على مضض يقودنا إلى قطيعة مع الأدب الرومانسي؟!
***
عندما يُذْكَرُ الأدبُ الرومانسي تَشْرَئِبُّ الروايةُ العاطفية لتحاول أن تمارس عليك نوعا من أفعال الْمَحْوِ، محو ما تكتبه الحياةُ الموحشة بقلم القسوة ومداد الجفاف العاطفي.
تتراءى لك الروايةُ الرومانسية في منتهى الغواية، فتَسْتَدْرِجُكَ إلى معانقتها باستسلام تامٍّ عساك تعطي (ما أمكن) لكينونتك معنى أنتَ الذي تَفْعَلُ بك الحياة القاسية فِعْلَ الريح بقَشَّةٍ لا تقوى على تأكيد وجودها إلا مُسَيَّرَةً لاغية وجودها القَلْبي بالكامل.
وانظُرْ إلى نفسك ما أروعك وأنتَ تستلقي على سريرك أو أريكتك المريحة تاركا المجالَ للكتاب المعشوق ليقول كلمتَه.
لا شك في أنك ستتساءل هنا عن أي كتاب نتحدث؟
قبل أن أجيبك تَأَكَّدْ أنك ستجيب نيابةً حين يرتفع صوتُ قلبك ليقول نبضا ما يتعذر قوله، فالفَمُ المسكينُ لا يقوى على ترجمة كل شيء.
لا يختلف اثنان (مُتَعَطِّشان للدفء والحنان) في أن أسعد اللحظات بل أحلى الأوقات تتجسد في المشهد الذي وَصَفْتُه لك للتو: جلسة حميمة مع نفسك تحت غيمةِ كِتابِ روايةٍ رومانسيةٍ رقيقةٍ تُمْطِرُك مطرَ الحُبّ (الحُبّ الغائب) في أبهى وأزهى تجلياته.
جَرِّبْ فقط أن تكون بطلَ مشهدٍ على هذه الشاكلة، ولْتَحْكُمْ بعدها بنفسك.
فهل تَقْبَلُ خَوْضَ التجربة؟
أَتَحَدَّاكَ أن تقولَ «لا» لِقِطْعَةٍ من الحياة تحملك على بساط اللذة وأنتَ تُنْصِتُ لدواخل شخصيات تُقاسمها أنتَ الحرمان قبل أن تبلغ هي مداها فيه وتتجاوزه إلى ما سواه.
شخصياتك هذه هي نسخة طبق الأصل منك، كل ما هنالك من اختلاف هو أنها تنال مُبْتَغاها من الإحساس الذي يعطي لوجودها معنى، بينما تظل أنتَ مُعَلَّقاً بين سماء الرغبة وأرض العجز.
حتى وأنتَ مُعَلَّق بين سماءٍ وأرضٍ فإنك تحقق نصفَ الحُلم بالتمدد والاستيطانِ التصاقاً بأحضانِ العاطفة، العاطفة في زمنك الْمُتَقَشِّف، العاطفة المهجورة بحقّ، كيف لا والحُبُّ في زمنك يُشكِّل النصَّ الغائبَ.
الحُبّ!
الحُبّ، ذلك الكوكب الْمُعَلَّقُ الذي تحملك الروايةُ الرومانسية إليه وتَصِلُكَ به يُهَوِّنُ عليك من وطأة الاحتراق فوق صفيح ساخن يسمى المادة..
أَوتدري ما المادة؟!
صَدِّقْ أنها المادة، المادة التي تُغَيِّبُ كُلَّ مفاهيم الرِّقَّة والجمال والحُبّ وما إلى ذلك مما تختزنه جَنَّتُكَ المفقودةُ التي تسمى العاطفة.
كلما أغمضْتَ عينيك، تتبادر إلى ذهنك العاطفة ُكأنها حمامة بيضاء، حمامة سلام، حمامة تقول ما لا يقوله أي كلام.
وإذا كانت هذه العاطفةُ قَلَّما تتحقق على الأرض بشكلها السامي الأرقى من الرُّقي والأَرَقّ من الرقة، فإنك تلتمس لها الحياة (العاطفة) في الْمُتَخَيَّل الرومانسي الضَّارِب في المثالية ذاك الذي تَنْقُلُكَ إليه شخصياتُ الروايةِ الرومانسية كلما أَبْحَرْتَ في واحدة منها.
لكن مهلا، أي علاقة هنا تجمع بين الرواية الرومانسية والمثالية؟!
هذا بَيْتُ القصيد عزيزي. صحيح أن المثاليةَ رَحَلَتْ عند أكثر بَنِي طِينَتِكَ مع رحيل أفلاطون، لكنها مازالت تتجسَّدُ عند قِلَّةٍ من البشر الذين مازالوا يؤمنون بالْمُثُل ويحاربون باستماتةٍ من أجل أن تحيا القيمُ.
ولهذا تُشَكِّلُ الروايةُ الرومانسيةُ القالبَ النموذجي الذي يمدُّ لك جسرا إلى القيم المقبورة والموؤودة بفعل اختلال الجانب الإنساني في النفوس المتحَجِّرَةِ تلك التي قليل عليها أن تَسْخَرَ من العاطفة..
العاطفة.. تَصَوَّرْ نفْسَك بدونها وكأنك جُثَّة، وكأنك جماد، وكأنك أي شيء إلا أن تكون إنسانا، إنسانا ما أروع أن تُزْهِرَ فيه العاطفةُ فَيَتَلَأْلَأ ماءُ الحُبّ في وجنتيه وترقص غَمَّازَتاهُ احتفاءً بدبيب المشاعر في صدره..
العاطفة جَنَّتُكَ. العاطفةُ عنوان لوجودك إذا كُنْتَ حيّاً حقيقةً (ولَسْتَ ميتَ الأحياءِ كما قال الشاعر).
كلما شربتَ من كأس الحياة نَخْبَ العاطفةِ تُرَفْرِفُ أنتَ كفراشةٍ ترقصُ نشوةً وفرحا وتتمايلُ كعصفورٍ يقول للسماء: «هذه جَنَّتي» بقدر ما يُفشِي من أسرارِ مَنْطِقِ الطَّيْرِ التي ما خَبَرَها سِواهُ وقد صَقلَتْ شَدْوَهُ العاطفةُ ملء الإيحاء..
منذ متى بَدَأْتَ أنتَ رحلتَك إلى مدينةِ العاطفةِ العائمةِ على امتداد كِتَابٍ؟!
لا أَظُنُّكَ تُنْكِرُ حقيقةَ أن هذا السفر الجميل في زمن العاطفة المبتور من خريطة الوقت يأسرك أسراً ويجعلك تنتشي وأنتَ تَقْطِفُ عنقودَ الحُبّ من حديقة كاتبك الروائي الْمُفَضَّل، ومِنْ ثَمَّ تلتهم حَبَّاتِ عِنَبِ الحُبّ التي تُسْكِرُك حدّ الثمالة كلما مَضَيْتَ تُنْصِتُ بِأَرْهَف ما فيك من مشاعر خبيئةٍ قد لا يَسْمَحُ لها شريكُك في الحياة بالكشف عن نفسها.
وأنتَ تُعاقِرُ كَأْسَ العاطفةِ روايةً تَجِدُكَ تتقاسم مع الشخصياتِ أقدارَها وتُشاركها في المصير، فتفرح لفرحها، وتدمع عيناك لوجعها وتستكينُ مُتَحَسِّراً لانكسارها وتنتصرُ بِزَهْوٍ لانتصارها..
ومهما آلَمَتْكَ شخصياتُك وأَبْكَتْكَ، فإنك في النهاية تنسى كُلَّ أوجاعك عندما ينتصر صوتُ الحُبِّ الذي تَعْلُو رايتُه مهما تَمَادَتِ الظروفُ في القسوة على شخصياتك، ومهما ذَرفْتَ أنتَ من دموع وناضَلْتَ باستماتةٍ (قراءةً وانفعالا وتفاعلا) فإنك في النهاية يكفيك أن تبلغَ شخصياتُك خيطَ السعادةِ الرفيعِ الذي يُذِيبُ كُلَّ ما تَكَدَّسَ من هزائم وانتكاسات ومحطات دامية.
صَدِّقْ يا عزيزي أن الروايةَ العاطفيةَ تُعَادِلُ المهدِّئَ والْمُسَكِّنَ الذي يحاول بِكُلِّ الطُّرق الممكنة والمستحيلة تخليصَك مما أنتَ فيه من أوجاع وحسراتٍ بِحَجْمِ العُمْرِ والحياةِ.
لا أَدْعوك إلى أملٍ كاذبٍ، لكنْ دَعْني أُساعدك بطريقتي لِتُنَمِّيَ ما أنتَ غافل عنه من قُدُراتٍ، قدرات كامنة فيك راسخة في ذاتك، كل ما عليك هو أن تحاول بعضَ المحاوَلة وتترك لها العنان لتقول لك: «أنا هنا.. أنا أراك.. فهل أنتَ تراني؟»..
في كلمتين نقول إنها الرواية الرومانسية، الرواية الرومانسية مَلاذ القارئ الحالِم.
لا تَنْسَ أن أَقَلَّ شيءٍ يمكنك استفادته منها هو تحفيز مهارة التذوق وتَصَوُّرُ كَمٍّ من العوالِم التي تدور فيها أحداث الرواية، بل تثمين حِسّ الكتابة الروائية إذا كنت مَيَّالاً إلى الكتابة في هذا الجنس (الرواية).
من أَقَلِّ ما يُحمَدُ لهذه الرواية هو أنها بِسَخَاءٍ تَقِفُ بك عند شُرْفَةِ الصراع بين الرجل والمرأة وتَبَايُن طُرُقِ تفكيرهما وبالتالي نظرتهما للأمور.
من هنا يمكنك التسلل إلى العالَم الغامض الذي يجمعهما (الرجل والمرأة)، لكن في النهاية (حسب ما تقول الرواية) تَذوبُ كُلُّ هذه الفوارق عندما يُشْرِقُ ثَغْرُ شمسِ الحُبِّ بابتسامةٍ وتَتَفَتَّحُ وردةُ الحُبِّ لِيَتَضَوَّعَ عِطْرُها الفَوَّاحُ.
وأخيرا، من باب التَّذْييل، لا أقول: إليك قائمة من كُتَّابِ الرواية الرومانسية التي تُقرِّبُك من جزيرة الحُب المهجورة، لكنْ أَفْتَحُ لك نافذةً لانتقاء ما تشتهي عيناك وقلبُك، على أمل أن تُجَرِّبَ قراءةَ بعضِ ما يُناسِبُك منها (خُذْ نموذجاً الكاتبة الروائية سارة مورغن SARAH MORGAN). قراءة ممتعة.
- مُلَخَّصُ رواية «ملاك بلا قلب» للكاتبة سارة مورغن:
قصةُ حُبٍّ غريبة من نوعها تُولَدُ في مكان فريد من نوعه، إنها أدغال الغابات الاستوائية (ريو) حيث تُورِقُ شجرةُ الحُبّ بعد الحرمان والضيق والشدة والأزمات التي مَرَّتْ بها البطلةُ قبل تَعَلُّقِها بالبطل وتَعَلُّقِه بها.
البطلةُ «غرايس» هي صاحبة مجموعة مقاهي برازيل التي أَسَّسَتْها بقَرْضٍ من الثري رافاييل (البطل) الذي يُقيم في قصر فاخر مغروس في تلك الأدغال حيث ترتفعُ أصواتُ الحيوانات المفترسة ويَحْلُو للعناكب والأفاعي المقام.
هل كان كُلّ من غرايس ورافاييل يعرف ما كان يُخبِّئه لهما القَدَرُ الذي أمعن في تعذيبهما قبل أن يُقَدِّمَ لهما كأسَ السعادة؟!
الأُسلوبُ الشَّيِّقُ لكتابة الرواية يُضْفي عليها بهاءً آخر، ومِنْ ثَمَّ تأتي الروايةُ في أجمل حُلَّةٍ: تشويق، إثارة، تَرَقُّب، حُلم، إحساس، نَشْوَة، غضب، دموع، انتظار، تضحية.. وقس على ذلك مما يَزْخَرُ به الكونُ الروائي.
تَغُوصُ الكاتبةُ سارة مورغن في أعماق النفس الإنسانية لتكشف لنا عَالَمَي الخير والشرّ وخبايا الأنوثة في صراعها المصيري مع الرجل..
في النهاية ينتصرُ الخير على الشر، وترتفع أَسْهُمُ النُّبْلِ والوفاء والامتنان والعرفان بالجميل والإحسان إلى من يستحق وتعزيز الثقة بالنفس ونبذ الخيانة في بورصة القِيَمِ الإنسانية التي تدعو الرواية إلى إحياء النبيل منها وتأصيله ورَدْمِ كلّ ما دون ذلك إذا لم تنجح محاولة إصلاحه وتقويمه..
عَمَل مُجْهِد تَبْذُلُهُ البطلةُ غرايس من أجل التقدم بمجموعة المقاهي التي تُسَيِّرُها مستفيدةً من مساعدة والدها، لكنَّ الأرباحَ غير متوفرة رغم طول ساعات العمل.
الثَّرِيُّ رافاييل الذي مكَّنَ غرايس من القرض على أُهْبَةٍ واستعدادٍ لتشريد مُوَظَفِي غرايس وإنهاء أَمْرِ شركتها المديرة للمقاهي التي لم تدرّ عليه أي ربح، وليس أمامها سوى عشر دقائق لإقناع صاحب القرض بضرورة الحصول على فرصة ثانية للاستعانة بأفكار جديدة تُعَجِّلُ بتحقيق الأرباح.
عَشْرُ دقائق هذا كل ما في وسع رافاييل أن يعطيه لغرايس لمحاولة إنقاذ شركتها. عشر دقائق تَطَلَّبَتْ منها السفرَ إليه طيرانا من لندن إلى قلب الأدغال الاستوائية في ريو.
هل يتفهَّمُ رافاييل وضعَ غرايس المادي الْمُتَأَزِّم؟! هل يفعلُ ذلك هو الملياردير القاسي القلب المتصلب الذي لا يَعْرِفُ معنى كلمة رحمة؟! كيف ذلك وهو مثال للشرّ الْمُتَجَسِّد في صورة رجل؟! هكذا هي صورة رافاييل في عيون الآخرين.
بمجرد أن تبلغَ غرايس الغاباتِ الاستوائيةَ حيث ينتصبُ قصر رافاييل تجده في انتظارها ليتعامل معها بصرامة دون أدنى حِسّ إنساني ويعدّ الدقائق عَدّاً قبل أن ينتهي الوقتُ الذي حدَّدَه، فإما يعطيها فرصة ثانية إذا أَقْنَعَهُ مَنْطِقُ دفاعها عن فشلها الذريع في تحقيق الأرباح وإما يفسخ العقدَ.
تَجِدُ غرايس مَشَقَّةً في اجتماعها بالرَّجُل اجتماعا مصيريا عُمرُه عَشْر دقائق، وبمجرد أن تدلي بأوراق الحسابات يكتشف غرايس حقيقةَ الاختلاسات في شركة غرايس، ومِنْ ثَمَّةَ يُثْبِتُ عليها الجريمةَ فَيُمَدِّد فترةَ توضيح الحقائق.
يتحول عمرُ اللقاء من عَشْر دقائق إلى أيَّام يدعو رافاييل فيها غرايس إلى التعرف إلى مزرعة البُنّ الممتدة في قلب الأدغال والْمُزَوِّدَة لمقاهي غرايس بالبُنّ الفاخر اللازم.
يحاولُ رافاييل الإيقاعَ بغرايس بمختلف الطرق لجعلها تعترف بأنها المستفيدة من الاختلاسات التي سَجَّلَها في حساباتها، والأسوأ أنه يَتَعَمَّدُ تجريحَ غرايس والسخرية منها لاعتقاده بأنها مُذْنِبَة ومُقَصِّرَة في موافاة صاحِبَيْ مزرعةِ البُنّ بمستحقاتهما المادية كاملة.
خلال فترة إقامة غرايس في قصر رافاييل يُولَدُ الحُبُّ الكبير بينهما دون أن يَتَجَرَّأَ أَحَدُهما على الاعتراف به للآخر.
المشكلةُ دائما في قسوة رافاييل الذي حتى عندما صعقَه الحُبُّ كان يتعامل مع غرايس بجفاءٍ مُقِرّاً بأنها الْمُذْنِبَةُ.
مع توالي الأحداث تَلُوحُ الحقائقُ في الأُفُقِ، ويكتشفُ رافاييل براءةَ غرايس عند اكتشافه بأنها مصابة بالديسلكسيا، مما يُجْبِرُها على الخلط بين الاتجاهات (وهو سبب ضياعها في الأدغال) ومن ثَمَّة الإخفاق في لغة الأرقام.
الْمُؤْسِفُ أن رافاييل يكتشفُ بأن والدَ غرايس هو المسؤول عن الاختلاسات وهو المستفيد من المبالغ المالية التي كان يتقاسمها مع شخص آخر يساعده، كلّ هذا لماذا؟ لأن غرايس لا يمكنها النظر إلى الحسابات والأرقام بحُكْمِ مَرَضِها الذي أَخْفَتْ حقيقتَه عن رافاييل يوم اقترضتْ منه المال..
يتأكدُ رافاييل من براءة غرايس ويستعيدُ ثقتَه بها هي الوحيدة على الأرض هو الذي لا يثق بإنسان يُذْكَر.
يتمسَّكُ رافاييل بغرايس ويحاولُ إبقاءها معه بعد مساعدتها على فهم لغة الأرقام، لكنها تطلب منه السفرَ إلى لندن من أجل مواجهة والدها المختلِس.
يقدم رافاييل لغرايس خدماتِ طائرته الخاصة عند رحلتها إلى والدها بلندن ويَضَعُ سيارتَه الخاصة هنالك ورجالا من فريق عمله رهنَ إشارتها حتى تُنْهِيَ التزاماتِها ويُعيدها إليه.
بمجرد أن تصل غرايس إلى لندن تكتشف من خلال صورتها في جريدةٍ أن والدَها باع قصتها مع الملياردير للصحافة وجنى المالَ على حسابها بعد أن ذَكَرَ أن الملياردير يعيشُ قصةَ حُبّ في الأدغال رفقة صاحبة مقاهي مُفْلِسَة.
تكون صدمةُ غرايس في والدها مُضاعَفة، ويتأكَّدُ لها إلى أي مدى يمكن لوالدها أن يبيعَ أيَّ شيء من أجل جَنْي المال، ففَعَلَ بنشر خبر ذهاب ابنته للتفاوض مع الملياردير رافاييل ما كانت تفعله النساءُ اللواتي دخلن سابقا في علاقات عاطفية مع رافاييل، فكُنّ يستفدن من نشر قصصهن معه فيحصلن على ثروة صغيرة.
خيبةُ غرايس الكبيرة تجعلُها غاضبةً جدا وناقمةً على والدها الذي تُؤَجِّلُ مواجهتَه لأسبوع تَقْضيه في فندق تَجَنُّباً لرؤية والدها في بيته، كما تُفَكِّرُ في أن رافاييل عندما يعرف أن والدَها نشر أخبارهما سيغضب، وهكذا ترى ضرورةَ إنهاء علاقتها مع رافاييل.
يندمُ رافاييل ندما شديدا لأنه ترك غرايس تسافر إلى والدها بمفردها، ولذلك يقرر الاتحاقَ بها في لندن حيث يوجد منزله الفخم.
يتعقد الأمر أكثر فأكثر حين يستفسرُ رافاييل رجالَه الذين كَلَّفَهم بالاعتناء بغرايس وملازمتها في لندن، ولا يفهم كيف أنها ضاعت منهم بمجرد نزولها من الطائرة.
بعد أسبوع تعودُ غرايس إلى منزل والدها، وبمجرد أن تقتحم غرفتَه تجدُه في موقف لا يُحْسَدُ عليه وهناك من يُحَدِّثُه بتَشَنُّجٍ، حين تَلْتَفِتُ غرايس إلى المتحدث تَجِدُه رافاييل نَفْسَه.
يثورُ رافاييل في وجهها، فتعتذرُ غرايس له وتَفْهَمُ أنه غاضب بسبب نشر قصتهما في الجريدة، لكن غضبَه يشتد ليس لذلك وإنما لأنه فقدها لمدة أسبوع، لأسبوع لم يعرف أَيَّ أخبار عنها، فظنَّ أنها انتهتْ ميتةً في مكان ما على يد شخص أحمق، نظرا لتدفق مشاعرها الإنسانية وقوة إحساسها بالآخرين الذين تبحث لهم هي عن أعذار دائما مهما أذنَبُوا.
تواجه غرايس والدَها بحقيقة اختلاساته وتشكو عدم اهتمامه بها ولماذا هي غير مرغوب بها عنده، فتَثُورُ ثائرةُ الأب ليُسيءَ إليها بكلامه ويصفها بالغبية، وهذا ما جعل رافاييل يشتعل كبركان غاضب ويتدخل ليوقف الأبَ عند حدّه..
يعود رافاييل بغرايس إلى منزله في لندن ويشرح لها حقيقةَ قسوته بعد أن تخلت عنه أمُّه وهو في الثامنة لتتزوج برجل غني رَفَضَ وجودَه، تليها زوجتُه السابقة الممثلة التي أوهمته بأنها تنتظر طفلا منه لإرغامه على الزواج بها وتخصيص دخل شهري دائم لها بعد أن يتزوجها ويكتشف حقيقةَ الحمل الكاذب.
تتفهمُ غرايس حقيقةَ عدم ثقة رافاييل بالنساء بسبب خذلان أُمِّه وزوجته السابقة له، وتؤكد له أنها منذ البدء كانت تراه خِلافا لما يراه عليه الآخرون وتُصِرُّ على أنه طيب وجميل في داخله.
يعترفُ كُلّ منهما للآخر بالحُبّ المشتعل في دواخله، ويستخرج رافاييل خاتما ماسيا يلبسها إياه طالبا منها الزواج على وعد البقاء معا إلى الأبد.
بقلم : سعاد درير
copy short url   نسخ
27/08/2016
2074