+ A
A -

أصدر نحو ثلاثين عضوا بمجلس النواب الليبي بيانا يطالبون فيه بالعودة إلى دستور 1951م الذي أسس لليبيا الحديثة عبر الائتلاف بين ثلاثة أقاليم هي طرابلس وبرقة وفزان. وربما ليس المراد العودة إلى الدستور بمجمله، بل القصد هو ما تضمنه من تنظيم للعلاقة بين الأقاليم التاريخية وفق نظام لا مركزي يمنح الأقاليم صلاحيات واسعة في التشريع والتنفيذ عبر مجلس تشريعي وسلطة تنفيذية.

وهنا تبرز أولى الإشكاليات، وهي أن الدعوة إلى دستور 1951 يستوجب العودة أيضا إلى النظام الملكي، حيث يعتبر الدستور النظام ملكيا نيابيا، ويمنح الملك صلاحيات مطلقة تمكنه من حل مجلس النواب وتعيين وإقالة رئيس الحكومة والوزراء، وغيرها من الصلاحيات التي لا تلائم نظاما جاء بعد ثورة على الاستبداد وفي الألفية الثالثة، وهو ما لا يقطع به الداعون من أعضاء مجلس النواب للأخذ بالدستور المشار إليه، وقد أكده عضو النواب عيسى العريبي المُطالب بالعودة إلى دستور 1951، في مقابلة مع قناة ليبيا الأحرار.

وهناك حجة من يعارضونه بالقول إنه إذا أردتم العودة إلى الوراء فلمَ لا نعود إلى دستور 1963م الذي انتهى إلى إلغاء النظام الاتحادي، وكان ذلك بإرادة الملك إدريس «البرقاوي» ودعم موافقة مجلس الأمة بغرفتيه، النواب والشيوخ، وبما ضما من نواب عن برقة وفزان؟

المرتكز الأساسي لدعوة الكتلة لنظام الولايات هو المركزية والتهميش والقول إن طرابلس تستحوذ على كل شي وتحرم برقة وفزان، أيضا الموقف المتعنت للغرب في عملية التسوية السياسية. ومع التأكيد على أن هناك مركزية مقيتة وضلوع مجاميع من الغرب الليبي في تأزيم الوضع، إلا أن الواقع أثبت أن جزءا أساسيا من الأزمات المتتابعة منذ العام 2014م تورط فيها مجلس النواب في طبرق، وكان رأس حربة في موقفه التأزيمي الكتلة البرقاوية. والقول إن المسؤول عن الإخفاق هو الغرب الليبي وحده فيه تضليل وتزييف الحقائق.

في المقابل، فإن المركزية يمكن أن تكون حتى داخل الإقليم الواحد، والدليل هو الحال بعد تفجر الثورة وقيادة البلد لمدة سنة تقريبا من مدينة بنغازي، حيث اشتكى فواعل ونشطاء من مدن الشرق من هيمنة بنغازي على القرار، وسمعت أنا شخصيا من بعضهم قوله إن مركزية طرابلس أرحم.

الإشكال ليس في النظام والأدوات بل في الفكر والعقل ودرجة الوعي والمسؤولية الأخلاقية، ولهذا فإنه ومع تصدر شخصيات مصلحية نفعية للمشهد وفي ظل تدني مستوى الوعي العام وغلبة النزوعات القبلية والجهوية التي تصيب حتى حملة الشهادات العليا، فإن نظام الأقاليم والولايات وحتى الانفصال وتشكيل دولة برقة لن ينهي الأزمات.

copy short url   نسخ
03/10/2022
10