+ A
A -

قال محمد بن يحيى المروزي: كنت آكل مع هارون الرشيد يوما، فرفع رأسه، ونادى على خادم له، وكلمه بالفارسية.

فقلت له: يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد أن تسر إليه شيئا فإني أفهم الفارسية.

فاستحسن الرشيد ذلك مني، وقال لي: يا أبا بكر، إن هذا من المروءة!

من المروءة ألا تستمع إلى حديث لا يخصك، وألا تسعى لمعرفة ما لا يعنيك، وألا ترفع الغطاء عن أي شيء مستور ليس لك في كشفه إلا الفضول!

في الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي أن عمرو بن العاص قال:

أعجبتني كلمة من جارية، معها طبق مستور، قلت لها: ما في الطبق يا جارية؟

فقالت: فلم غطيناه إذن؟!

محادثات الواتساب بين زوجتك وأمها ليست لك، وليس من المروءة أن تطلع عليها دون إذنها، دع الطبق مستورا، النساء يفضفضن لأمهاتهن، هذا طبعهن، إنهن لا يشكيننا، ولا يردن تغيير شيء، فلِمَ تنزع غطاء قد يزعجك ما تحته؟!

ولِمَ تعرف سرا ليس من حقك أن تعرفه!

فلانة التي تركت خطيبها لها أسبابها، ما شأنك أنت بمعرفة هذه الأسباب؟، أليس من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه؟!

الضيوف الذين زاروا جيرانك ما شأنك وشأنهم؟، تريد أن تعرف من هم، وماذا يريدون، قاتل الله الفضول!

البيوت أسرار فلا تسع لتهتك سترا.. فمن تتبع عورات الناس تتبع الله عورته، ومن ستر مسلما ستره الله!

ما وصل إليك اكتمه، وما لم يصل إليك لا تسع إليه، بعض الجهل نعمة، وأحيانا يكون من الموجع أن تعرف!

copy short url   نسخ
09/10/2022
365