+ A
A -

فجأة أصيب زميلي بأعراض السرطان، وقبله أصيبت زميلتي بالأعراض نفسها، المصيبة في هذا المرض أن أعراضه لا تظهر على المريض إلا فجأة بعد عدة سنوات، إنه مرض كارثي مخيف، يجعل المريض يعيش مأساة حقيقية لا يمكن تصور حدودها، وأفراد أسرته يشاركونه المأساة وآلامها، المريض يذوي عوده، ويذبل وينشف ويتحول إلى شخص آخر بجسد آخر، وأفراد الأسرة يذرفون الدموع، ويلهثون بالدعاء لمريضهم وعائلهم، تظل حياتهم بين قلق وانتظار، وبين بكاء ورجاء، أحياناً كثيرة لا علاج مجرد مسكنات، وربما تزيده ألماً على ألم، ومع الهلع والجزع يتلاشى الأمل، إن الوقوف على المرض في بدايته يمكن السيطرة عليه مع العلاجات والمتابعات، وربما يمكن تصويب الانحرافات والاعوجاجات، أما في حالة تمكن المرض من الشخص فأغلب مستشفيات العالم تعتذر للمريض وتبقيه على المسكنات، يعيش مريض السرطان - على مستوى من أعرف على الأقل - في عزلة مع نفسه، وانقطاع عن عمله والناس، ويفقد الإحساس بجمال الحياة، عزلة تنغّص عليه حياته، وغرفة لا تدخلها إلا زوجته إن كانت صالحة، وأبناؤه إن كانوا بارين مهتدين صالحين، أو الزملاء بين فترة وفترة للسؤال عن الحال والأحوال، مريض السرطان يشعر بالآلام على الدوام والأحزان والأسقام، وطول الانتظار، خاصة في ظل غياب العلاج وتلاشي الأمل بالشفاء، بعض المرضى رغم المحنة والغمة لديهم الأمل برحمة الله والهمة في تجاوز المحنة وتحويلها إلى منحة وأجر وثواب في ميزان حسناتهم، لذلك يتحلون بالشجاعة والصبر، وتتهلل وجوههم بالبشر والأمل برحمة رب العالمين، والشجاعة في العلاج وتنظيم أنفسهم والالتزام بحصص ووجبات صحية بعيداً عن السكريات، والمعجنات، ومدمرات الصحة، بشكل صارم ودقيق منقطع النظير، مع الصيام المتقطع، ويتحلون بالشجاعة في مواجهة الأزمة الصحية التي يمرون بها، نعم مريض السرطان نلتمس له العذر في خوفه وقلقه وغيابه، ولكن عليه أن يتحلى بالصبر وأن يكون موقناً برحمة رب العالمين، لأن رحمة الله وسعت كل شيء، يقول لي زميلي المصاب بأعراض السرطان أن القيادة العليا في وزارته اتصلت به وتواصلت معه لتطمئن عليه، ومنا إلى هذه القيادة الجليلة تحية إجلال وتقدير على إنسانيتها، ورحمتها وكرم أخلاقها مع منتسبيها، ونسأل الله أن يشفي ويعافي كل مبتلى ومريض، ويصرف عنا الوباء، وشر الداء، بلطفه ورحمته، إنه على كل شيء قدير، وعلى الخير والمحبة نلتقي.

copy short url   نسخ
12/10/2022
35