+ A
A -
لن نرد على هواة «الثرثرة» ومحترفي «العك الصحفي» وكتبة «معلقات الهجاء والمديح»
شعبنا ووطننا ليس ليناً فيعصر
ولا صلباً فيكسر ولا تابعاً فيؤمر
لنترك الكلمات والعبارات الإنشائية جانباً، دعونا نتحدث بالأرقام.. تقول شبكة بلومبرغ الاقتصادية العالمية: «قطر لم تهتز»، وتشير إلى أنه في حين تهاوت معظم بورصات الخليج نتيجة الأزمة الدبلوماسية الناجمة عن قرار المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين سحب سفرائها من قطر، فإن الاقتصاد القطري يبدو في موقف قوي ولم تهتز له شعرة، ورأينا مؤشر قطر يرتفع باضطراد وهو ما يعد علامة مهمة على منعة وقوة الوضع السياسي والاقتصادي في قطر.
روبرت فليمنغ، السفير السابق لدي الأمم المتحدة وخبير الشرق الأوسط، أكد للشبكة أن الدول الخليجية الثلاث ستكون مجبرة على إعادة الأمور إلى طبيعتها مع دولة قطر إذا ما استمر الوضع كما هو عليه، حيث يبدو أن قطر لم تخسر شيئاً على الإطلاق من هذه الأزمة الخليجية، بينما أدت القرارات إلى حالة انزعاج داخلية ظهرت على شكل ارتباك في أسواق الدول الثلاث.
لنترك الأرقام جانباً، دعونا «نهذر» قليلاً..
هل في مقدورنا الرد على ما ينشره هواة «الثرثرة»، ومحترفو «العك الصحفي»، وكتبة «معلقات الهجاء والمديح»، نعم.
هل في مقدورنا دحض «خزعبلاتهم» من باب تسلية القارئ وإضاعة الوقت على الأقل، نعم.
هل يمكن اعتبار هذه الكتابات، إن صح تصنيفها في هذا الباب، نوعاً من التسلية كما هو الحال في الكلمات المتقاطعة التي يحتاج إعدادها إلى «مخ»، وليس قطعة لحم، تسمى تجاوزاً لدى من قصدناهم، «لسان»، نعم.
دعونا نتوقف عند اللسان، إذ قالوا فيه: لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت، وقلب الجاهل من وراء لسانه، فإن هم بالكلام تكلم به.
وقالوا: اللسان سبع عقور، ولسانك سبع، إن أطلقته أكلك، وقيل: مقتل الرجل بين فكيه، واللسان أجرح جوارح الإنسان.
هل تنطبق هذه الحكم البليغة على ما سمعناه وقرأناه خلال الفترة الماضية من جانب مجموعة اختارت التهويل والتضليل والتطبيل والتزمير في محاولة يائسة للإساءة إلى قطر؟
هل تنطبق هذه الحكم البليغة على ما وصل إليه البعض من انحدار وإسفاف، وهو يقود حربه المقدسة ضد قطر وكأننا في مواجهة نهاية العالم؟
هل بهذه الطريقة يمكن الرد على التاريخ الذي صهرنا، والجغرافيا التي جمعتنا، والقيم والعادات والآمال والمشاعر التي وحدتنا؟
هل بهذا «السفه»، من قبل البعض، وهم قلة والحمد لله، يمكن أن يكون الحوار؟
هل هذا هو إعلام القرن الحادي والعشرين؟
لنترك الأرقام و«الهذر» جانباً،
دعونا نتحدث بلغة العقل والمنطق..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضاً»، ويقول عليه أفضل الصلاة والتسليم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».
هذا هو موقفنا في قطر، وهكذا نحن، وبهذه الطريقة رأينا على الدوام مستقبل أمتنا، وإذا كنا قد استشهدنا بالحديث الشريف: المؤمن للمؤمن، فلأن قناعتنا راسخة وموقفنا ثابت، بأنه إذا وقع الشقاق والبغضاء في الأمة لا تلبث أن يتفرق رجالها، وإذا تفرقوا آل أمرهم إلى انحلال قواهم بتشتتها وتفرقها، وهنا الخسارة الكبرى حيث يمسون لا أمة ولا أسرة ولا ذوي شأن في العالم.
لذلك آثرنا أن نبتعد منذ البداية عن «الهذر» وشحن النفوس بالبغضاء، والتصدي لكل من كتب شيئاً مسيئاً لقطر، فهو أول ما يسيء لنفسه، وليس لنا، فمكانتنا محفوظة في العالم بأسره، ومنجزاتنا حديث وسائل الإعلام العالمية، وحرصنا على أمتنا جاء تثمينه وتأييده منذ يومين فقط في بيان مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الذي رحب «بالوساطة القطرية الهادفة لإنهاء الخلاف القائم بين جمهورية جيبوتي ودولة إريتريا بالطرق السلمية وإعادة الوضع في منطقة رأس دوميرا وجزيرة دوميرا إلى ما كان عليه قبل 4 فبراير 2008».
كما رحب المجلس في القرار الذي أصدره في ختام أعمال دورته العادية 141 تحت عنوان «الحل السلمي للنزاع الجيبوتي - الإريتري» بالاتفاق الموقع بين جيبوتي وإريتريا بتاريخ 6 يونيو 2010 تحت رعاية دولة قطر، ودعم تنفيذ هذا الاتفاق من أجل معالجة جميع القضايا المطروحة وتعزيز تطبيع العلاقات بين البلدين، معرباً عن الأمل في أن ينعكس هذا التطور الإيجابي على الوضع في منطقة القرن الأفريقي بصفة عامة.
وطلب المجلس من الجانبين «تنفيذ بنود الاتفاق الذي يمنح تفويضاً لدولة قطر لوضع حد للأزمة التي اندلعت منذ فبراير 2008 في منطقة رأس دوميرا، وتبادل إطلاق الأسرى بينهما».
ورحب المجلس الوزاري أيضاً بالبيان المشترك الصادر عن مجلس السلم والأمن بتاريخ 19 ديسمبر 2010 للجامعة العربية والاتحاد الإفريقي حول النزاع بين جيبوتي وإريتريا، وطلب من الأمين العام للجامعة العربية «متابعة تطورات المستجدات على ضوء الوساطة القطرية وتقديم تقرير إلى الدورة المقبلة للمجلس على المستوى الوزاري».
هذا أحدث بيان فحسب، ولن نعود لما فعلته قيادتنا الرشيدة من أجل رص الصفوف، وحل النزاعات والخلافات بين الأشقاء، فالقائمة تطول، وهي معروفة للجميع، وعندما فعلنا ما فعلناه على هذا الصعيد، لم نطلب مقابلاً، ولم ننتظر عائداً، إنه نداء الواجب، يدفعنا إليه تقاعس المتقاعسين، وتخاذل المتخاذلين، وانشغال المشغولين، فلكل ظروفه وإمكانياته ومسبباته، ونحن نلتمس الأعذار للجميع، ونبادر طالما كان في وسعنا، وطالما وجدنا قبولاً من المتخاصمين.
كل وساطات قطر الخيرة ومبادراتها الطيبة كانت محل تقدير وإشادة وتقريظ، إقليمياً وعربياً وعالمياً، وما أحسبنا بحاجة لزيادة ونحن نتناول البيان الأخير لمجلس الجامعة، ففيه إجابة شافية، وردود وافية، وعندما كنا نفعل ذلك فمن منطلق واجبنا تجاه أشقائنا وأمتنا، ومع ذلك فإننا لا نقبل تزويراً لحقائق ولا ترويجاً لأكاذيب، فنحن فعلنا ما فعلناه إيماناً واحتساباً، ولأننا نكثر من الأفعال ونقلل من الأقوال فإن هناك من رأى في ذلك ضعفاً أراد استثماره، وعجزاً عمل على ترداده ، لكننا في قطر لم نلتفت إلى كل ذلك، وطالما مضى البعض في استهتاره فإن عليه أن يدرك أن شعبنا ووطننا ليس ليناً فيعصر ولا صلباً فيكسر، ولا تابعاً فيؤمر، إنه شيء آخر يستمد قوته من إيمانه بالحق، وبعدالة القضايا التي يدافع عنها، ولطالما كان ذلك مدعاة لإثارة العواصف، وقد واجهناها جميعاً ودرأنا شرورها، بحمد الله.
لقد عبر عن كل ذلك سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية، عندما تطرق إلى موضوع سحب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين سفراءها من قطر، أمام معهد الدراسات السياسية في باريس، إذ أوضح أن دولة قطر تنتهج سياسة خارجية مستقلة خالية من أي تأثير خارجي وهي لا تتبع «عقلية المحاور» السائدة في منطقة الشرق الأوسط، التي يختار الأطراف بموجبها الانضمام لمعسكر أو لآخر بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فمبادئنا وقيمنا لم تتغير على مر الزمن، ويجري تناقلها من جيل إلى آخر، فقطر تتخذ قراراتها وتتبع مساراً خاصاً بها.
وأكد «أن استقلال السياسة الخارجية لدولة قطر هو ببساطة غير قابل للتفاوض وعليه فأنا أؤمن إيماناً قوياً بأن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها إخواننا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين لا علاقة لها بالأمن الداخلي لدول مجلس التعاون الخليجي، وإنما هي نابعة قبل كل شيء من تباين واضح في الآراء بشأن المسائل الدولية».
لنترك كل شيء جانباً،
دعونا نختم بحديث القلب إلى القلب..
نحن شعب واحد بطموحاتنا وآمالنا وتطلعاتنا، نواجه التحديات ذاتها، يجمعنا كل شيء: الدين والعادات والتقاليد، يجمعنا مأكلنا وملبسنا ولهجتنا، كيف يمكن والحال هذا أن نتباعد ونتنابذ ونتجادل بتلك اللغة الصفراء التي تطالعنا، صباح مساء، عبر مطبوعات أكثر اصفراراً؟
كيف يمكن أن تصل الأمور بالبعض إلى درجة حرق كل الجسور، ولماذا؟
كيف يمكن لصحف خليجية أن تنحدر إلى هذا الدرك، وتسمح بمقالات فيها من «الردح» ما فيها، وفيها من «الإسفاف» ما فيها، غير عابئة بوشائج القربي، وأحكام التاريخ، وضرورات الجغرافيا، كيف يمكن أن يحدث ذلك كله، ولماذا، ولمصلحة من؟
أسهل أنواع الكتابة الصحفية، إن جاز اعتبارها من صنوف الصحافة وأبوابها، هي تلك القائمة على توجيه الشتائم، وأصعبها هي تلك التي تقوم على التحليل الرصين، والتقارير الجادة، والمواقف الموضوعية، وقد اخترنا هذه الأخيرة منذ أن نشأت صحافتنا، وكل إعلامنا، ولن نحيد، ولن ننحدر إلى ذلك الدرك المشين.
شعبنا ووطننا ليس ليناً فيعصر
ولا صلباً فيكسر ولا تابعاً فيؤمر
لنترك الكلمات والعبارات الإنشائية جانباً، دعونا نتحدث بالأرقام.. تقول شبكة بلومبرغ الاقتصادية العالمية: «قطر لم تهتز»، وتشير إلى أنه في حين تهاوت معظم بورصات الخليج نتيجة الأزمة الدبلوماسية الناجمة عن قرار المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين سحب سفرائها من قطر، فإن الاقتصاد القطري يبدو في موقف قوي ولم تهتز له شعرة، ورأينا مؤشر قطر يرتفع باضطراد وهو ما يعد علامة مهمة على منعة وقوة الوضع السياسي والاقتصادي في قطر.
روبرت فليمنغ، السفير السابق لدي الأمم المتحدة وخبير الشرق الأوسط، أكد للشبكة أن الدول الخليجية الثلاث ستكون مجبرة على إعادة الأمور إلى طبيعتها مع دولة قطر إذا ما استمر الوضع كما هو عليه، حيث يبدو أن قطر لم تخسر شيئاً على الإطلاق من هذه الأزمة الخليجية، بينما أدت القرارات إلى حالة انزعاج داخلية ظهرت على شكل ارتباك في أسواق الدول الثلاث.
لنترك الأرقام جانباً، دعونا «نهذر» قليلاً..
هل في مقدورنا الرد على ما ينشره هواة «الثرثرة»، ومحترفو «العك الصحفي»، وكتبة «معلقات الهجاء والمديح»، نعم.
هل في مقدورنا دحض «خزعبلاتهم» من باب تسلية القارئ وإضاعة الوقت على الأقل، نعم.
هل يمكن اعتبار هذه الكتابات، إن صح تصنيفها في هذا الباب، نوعاً من التسلية كما هو الحال في الكلمات المتقاطعة التي يحتاج إعدادها إلى «مخ»، وليس قطعة لحم، تسمى تجاوزاً لدى من قصدناهم، «لسان»، نعم.
دعونا نتوقف عند اللسان، إذ قالوا فيه: لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت، وقلب الجاهل من وراء لسانه، فإن هم بالكلام تكلم به.
وقالوا: اللسان سبع عقور، ولسانك سبع، إن أطلقته أكلك، وقيل: مقتل الرجل بين فكيه، واللسان أجرح جوارح الإنسان.
هل تنطبق هذه الحكم البليغة على ما سمعناه وقرأناه خلال الفترة الماضية من جانب مجموعة اختارت التهويل والتضليل والتطبيل والتزمير في محاولة يائسة للإساءة إلى قطر؟
هل تنطبق هذه الحكم البليغة على ما وصل إليه البعض من انحدار وإسفاف، وهو يقود حربه المقدسة ضد قطر وكأننا في مواجهة نهاية العالم؟
هل بهذه الطريقة يمكن الرد على التاريخ الذي صهرنا، والجغرافيا التي جمعتنا، والقيم والعادات والآمال والمشاعر التي وحدتنا؟
هل بهذا «السفه»، من قبل البعض، وهم قلة والحمد لله، يمكن أن يكون الحوار؟
هل هذا هو إعلام القرن الحادي والعشرين؟
لنترك الأرقام و«الهذر» جانباً،
دعونا نتحدث بلغة العقل والمنطق..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضاً»، ويقول عليه أفضل الصلاة والتسليم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».
هذا هو موقفنا في قطر، وهكذا نحن، وبهذه الطريقة رأينا على الدوام مستقبل أمتنا، وإذا كنا قد استشهدنا بالحديث الشريف: المؤمن للمؤمن، فلأن قناعتنا راسخة وموقفنا ثابت، بأنه إذا وقع الشقاق والبغضاء في الأمة لا تلبث أن يتفرق رجالها، وإذا تفرقوا آل أمرهم إلى انحلال قواهم بتشتتها وتفرقها، وهنا الخسارة الكبرى حيث يمسون لا أمة ولا أسرة ولا ذوي شأن في العالم.
لذلك آثرنا أن نبتعد منذ البداية عن «الهذر» وشحن النفوس بالبغضاء، والتصدي لكل من كتب شيئاً مسيئاً لقطر، فهو أول ما يسيء لنفسه، وليس لنا، فمكانتنا محفوظة في العالم بأسره، ومنجزاتنا حديث وسائل الإعلام العالمية، وحرصنا على أمتنا جاء تثمينه وتأييده منذ يومين فقط في بيان مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الذي رحب «بالوساطة القطرية الهادفة لإنهاء الخلاف القائم بين جمهورية جيبوتي ودولة إريتريا بالطرق السلمية وإعادة الوضع في منطقة رأس دوميرا وجزيرة دوميرا إلى ما كان عليه قبل 4 فبراير 2008».
كما رحب المجلس في القرار الذي أصدره في ختام أعمال دورته العادية 141 تحت عنوان «الحل السلمي للنزاع الجيبوتي - الإريتري» بالاتفاق الموقع بين جيبوتي وإريتريا بتاريخ 6 يونيو 2010 تحت رعاية دولة قطر، ودعم تنفيذ هذا الاتفاق من أجل معالجة جميع القضايا المطروحة وتعزيز تطبيع العلاقات بين البلدين، معرباً عن الأمل في أن ينعكس هذا التطور الإيجابي على الوضع في منطقة القرن الأفريقي بصفة عامة.
وطلب المجلس من الجانبين «تنفيذ بنود الاتفاق الذي يمنح تفويضاً لدولة قطر لوضع حد للأزمة التي اندلعت منذ فبراير 2008 في منطقة رأس دوميرا، وتبادل إطلاق الأسرى بينهما».
ورحب المجلس الوزاري أيضاً بالبيان المشترك الصادر عن مجلس السلم والأمن بتاريخ 19 ديسمبر 2010 للجامعة العربية والاتحاد الإفريقي حول النزاع بين جيبوتي وإريتريا، وطلب من الأمين العام للجامعة العربية «متابعة تطورات المستجدات على ضوء الوساطة القطرية وتقديم تقرير إلى الدورة المقبلة للمجلس على المستوى الوزاري».
هذا أحدث بيان فحسب، ولن نعود لما فعلته قيادتنا الرشيدة من أجل رص الصفوف، وحل النزاعات والخلافات بين الأشقاء، فالقائمة تطول، وهي معروفة للجميع، وعندما فعلنا ما فعلناه على هذا الصعيد، لم نطلب مقابلاً، ولم ننتظر عائداً، إنه نداء الواجب، يدفعنا إليه تقاعس المتقاعسين، وتخاذل المتخاذلين، وانشغال المشغولين، فلكل ظروفه وإمكانياته ومسبباته، ونحن نلتمس الأعذار للجميع، ونبادر طالما كان في وسعنا، وطالما وجدنا قبولاً من المتخاصمين.
كل وساطات قطر الخيرة ومبادراتها الطيبة كانت محل تقدير وإشادة وتقريظ، إقليمياً وعربياً وعالمياً، وما أحسبنا بحاجة لزيادة ونحن نتناول البيان الأخير لمجلس الجامعة، ففيه إجابة شافية، وردود وافية، وعندما كنا نفعل ذلك فمن منطلق واجبنا تجاه أشقائنا وأمتنا، ومع ذلك فإننا لا نقبل تزويراً لحقائق ولا ترويجاً لأكاذيب، فنحن فعلنا ما فعلناه إيماناً واحتساباً، ولأننا نكثر من الأفعال ونقلل من الأقوال فإن هناك من رأى في ذلك ضعفاً أراد استثماره، وعجزاً عمل على ترداده ، لكننا في قطر لم نلتفت إلى كل ذلك، وطالما مضى البعض في استهتاره فإن عليه أن يدرك أن شعبنا ووطننا ليس ليناً فيعصر ولا صلباً فيكسر، ولا تابعاً فيؤمر، إنه شيء آخر يستمد قوته من إيمانه بالحق، وبعدالة القضايا التي يدافع عنها، ولطالما كان ذلك مدعاة لإثارة العواصف، وقد واجهناها جميعاً ودرأنا شرورها، بحمد الله.
لقد عبر عن كل ذلك سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية، عندما تطرق إلى موضوع سحب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين سفراءها من قطر، أمام معهد الدراسات السياسية في باريس، إذ أوضح أن دولة قطر تنتهج سياسة خارجية مستقلة خالية من أي تأثير خارجي وهي لا تتبع «عقلية المحاور» السائدة في منطقة الشرق الأوسط، التي يختار الأطراف بموجبها الانضمام لمعسكر أو لآخر بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فمبادئنا وقيمنا لم تتغير على مر الزمن، ويجري تناقلها من جيل إلى آخر، فقطر تتخذ قراراتها وتتبع مساراً خاصاً بها.
وأكد «أن استقلال السياسة الخارجية لدولة قطر هو ببساطة غير قابل للتفاوض وعليه فأنا أؤمن إيماناً قوياً بأن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها إخواننا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين لا علاقة لها بالأمن الداخلي لدول مجلس التعاون الخليجي، وإنما هي نابعة قبل كل شيء من تباين واضح في الآراء بشأن المسائل الدولية».
لنترك كل شيء جانباً،
دعونا نختم بحديث القلب إلى القلب..
نحن شعب واحد بطموحاتنا وآمالنا وتطلعاتنا، نواجه التحديات ذاتها، يجمعنا كل شيء: الدين والعادات والتقاليد، يجمعنا مأكلنا وملبسنا ولهجتنا، كيف يمكن والحال هذا أن نتباعد ونتنابذ ونتجادل بتلك اللغة الصفراء التي تطالعنا، صباح مساء، عبر مطبوعات أكثر اصفراراً؟
كيف يمكن أن تصل الأمور بالبعض إلى درجة حرق كل الجسور، ولماذا؟
كيف يمكن لصحف خليجية أن تنحدر إلى هذا الدرك، وتسمح بمقالات فيها من «الردح» ما فيها، وفيها من «الإسفاف» ما فيها، غير عابئة بوشائج القربي، وأحكام التاريخ، وضرورات الجغرافيا، كيف يمكن أن يحدث ذلك كله، ولماذا، ولمصلحة من؟
أسهل أنواع الكتابة الصحفية، إن جاز اعتبارها من صنوف الصحافة وأبوابها، هي تلك القائمة على توجيه الشتائم، وأصعبها هي تلك التي تقوم على التحليل الرصين، والتقارير الجادة، والمواقف الموضوعية، وقد اخترنا هذه الأخيرة منذ أن نشأت صحافتنا، وكل إعلامنا، ولن نحيد، ولن ننحدر إلى ذلك الدرك المشين.