في العام 1984 كتبت زاوية على الصفحة الأخيرة من جريدة الوطن الكويتية باسم (الزمن الأسود) وقصدت فيه زمنا أسود لمن اغتصب وقتل وشرد شعبنا الفلسطيني.. ولا أعتقد أن الكاتبة الفرنسية فيفيان فورستييه قرأت تلك المقالة حين وضعت كتابها (حتمية اليوم الأسود) تتحدث فيه عما تحدثت عنه في مقالتي عن جريمة وعد بلفور البريطاني في اليوم الثاني من نوفمبر 1917 بمنح اليهود جزءا من فلسطين، وصفت في مقالتي هذا المنح بأنه جريمة الغرب بحق الفلسطينيين.. وأنه سيقود اليهود إلى يوم أسود.كتاب فيفيان الذي صدر في أوروبا تحت عنوان: Le Crime de l’occident، شرحت فيه الكاتبة كيفية ارتكاب الغرب جريمته بحق الشعب الفلسطيني، وهي في عمقها جريمة أوروبية ارتكبت بحق اليهود، ومن ثم أطلقوا وعد بلفور البريطاني، وبتأييد من الأوروبيين، الذين منحوا اليهود حق ارتكاب مجازرهم البشعة بحق الشعب الفلسطيني، وفي تشريدهم وتهجيرهم، وصولاً لاحتلال وطنهم فلسطين.في هذا الكتاب وجهت الكاتبة الفرنسية فيفيان فورستييه للحكومات الأوروبية وللمجتمع الأوروبي أسئلة واضحة: * مَن أحرق مَن؟ أهم عرب فلسطين الذين أحرقوا يهود أوروبا أم الأوروبيون هم الذين ارتكبوا المحرقة؟* مَن جوّع مَن؟ أهم عرب فلسطين الذين جوّعوا يهود أوروبا أم إننا نحن من قام بذلك؟ وغيرها من الجرائم التي ارتكبها الغرب بحق اليهود إلى أن قالت: إن اليهود كانوا يعيشون مع العرب في الأندلس؛ كانوا مستشارين في مصارف بيروت وبغداد والقاهرة وسوريا والعراق،، وفي المغرب العربي كان لهم شأن ومقام كسواهم.تضيف الكاتبة نحن- الأوروبيين- صنعنا هذه المأساة للشعب الفلسطيني والفوضى للعالم العربي، نحن- الأوروبيين- لفظنا اليهود ورمينا بهم في فلسطين. نحن- الأوروبيين- غسلنا عارنا بدماء الفلسطينيين، وتركنا اليهود يتفننون في قتل وذبح وهدم بيوت الفلسطينيين، وتهجيرهم والاستيلاء على أرضهم، واحتلال بلدهم تحت أعيننا، وجعلنا من المظلومين إرهابيين ظالمين.وتختم الكاتبة قائلة: ردوهم إلى أوروبا، وابحثوا عن محارق اليهود وأفران الغاز في أوروبا وليس في فلسطين.حين تنشر صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مقالاً تحت عنوان «الهجرة المعاكسة وشراء شقق خارج إسرائيل تحسباً لليوم الأسود» فذلك يعني استحالة قيام دولة يهودية واليقين بتفكك الكيان الإسرائيلي صار متجذراً في وجدان الصهاينة، أما جملة، تحسباً لليوم الأسود، فهي تعني أن عمق الوجدان الصهيوني صار متيقنا من حتمية زوال دولة إسرائيل.