العالم كله- ممثلا في زعاماته- في نيويورك الآن، والمناسبة: التظاهرة الأممية السنوية، في بيت الأمم. مثل كل عام، تنتظم الجمعية العامة للأمم المتحدة. يتبادل الزعماء الخطب الرصينة، ويلتقون جانبيا يتبادلون وجهات النظر، في مصير هذا العالم، لكن يمر عام وتجيء التظاهرة التالية، وهذا العالم يتردى في كل يوم في ذات المصير: حروب وأزمات وكوارث إنسانية. هل فشلت الأمم- ككيان جامع بمواثيقه وقوانينه وأدبياته وجمعيته العامة وسلطتها التنفيذية ممثلة في مجلس الأمن- في جعل هذا العالم أكثر أمنا، وجديرا بالعيش فيه؟
للأسف، واقع الحال في العالم، يقول نعم..
هنا، لابد ان نستذكر ان قطر كانت سباقة إلى المطالبة بأهمية إعادة بناء المنظومة الأممية، خاصة على صعيد السلطة التنفيذية، تلك التي تخضع كليا- بالفيتو- لمصالح الخمسة الكبار. مطالبة قطر ارتفعت في بيت الأمم بلسان الأمير الوالد صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قبل سنوات.. وتكررت المطالبة- بصورة أكثر إلحاحا- في بيت الأمم أيضا، وحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يخاطب الزعماء، منبها إلى أن قضايا المجتمع البشري في هذه الألفية، قد تعقدت، وإلى الدرجة التي باتت تحتاج فيه إلى موقف أممي أكثر فهما، وصلابة..
مطالبة قطر، لم تقتصر في المناسبة الأممية وحدها. معظم مباحثات سمو الأمير المفدى، الثنائية، مع الزعامات العالمية، تناولت أهمية إعادة تأهيل المنظومة الأممية.
مطالبات قطر- والعالم بما هو فيه الآن من وضع مأساوي- ينبغي الالتفات إليها، بمنتهى الجدية، هذا العام.. وبمنتهى الإخلاص، والفهم.. لأنها في جملة واحدة، مطالبات تحمل هما أمميا على مصير هذا العالم.
نعم. إننا نريد كيانا أمميا قادرا بالفعل على مجابهة كافة التحديات. كيان يملك القوة الضاربة فعلا.. يكيل بكيل واحد. كيان لا تحكمه مصالح الكبار، وإنما تحكمه موازين العدل والاعتدال.. وتحكمه كل قيم الخير والانضباط والسلام.