+ A
A -
المحامي‏ د. محمد حسن الكعبي
يعد عقد العمل من أهم العقود المدنية وذلك لتعلقه بشريحة كبيرة من شرائح المجتمع، وخاصة في دولة قطر، حيث تبلغ القوى العاملة ما نسبته 88 % من تعداد السكان، أغلبها من العمالة الأجنبية التي ترتبط بعقود عمل مع شركات ومؤسسات القطاع الخاص. وعقد العمل هو اتفاق بين صاحب عمل وعامل، محدد أو غير محدد المدة، يتعهد بمقتضاه العامل أن يؤدي عملاً معيناً لصاحب العمل تحت إدارته وإشرافه، لقاء أجر.
وتميّز عقد العمل عن باقي العقود المدنية يتمثل في عنصري التبعية والأجر، والتبعية قانونية أي إدارية وتنظيمية، بمعنى أن ينصاع العامل لأوامر وتعليمات صاحب العمل ويخضع لسلطته وإشرافه ورقابته وتوجيهه. أما الأجر فهو مقابل لعمل العامل، فعقد العمل من عقود المعاوضة بمعنى أن كل طرف يحصل على مقابل لما يعطيه، وهو من العقود الملزمة لجانبين كذلك، أي أن كل طرف يلتزم أمام الطرف الآخر بالتزامات محددة.
ولعل من أخطر الالتزامات التي يريد كل صاحب عمل أن يلتزم بها العامل، هو الالتزام بعدم منافسة صاحب العمل، ويكون ذلك بعدم إفشاء أسرار صاحب العمل المهنية، ويعد هذا الالتزام مهماً لصاحب العمل حتى لا ينافسه العامل ويزاحمه بعد أن دربه وأعلمه بأسرار مهنته، الأمر الذي يستدعي حماية صاحب العمل.
وقد نصت المادة (43) من قانون العمل القطري على أنه: «... وإذا كانت طبيعة العمل تسمح للعامل بمعرفة عملاء صاحب العمل أو الاطلاع على أسرار عمل المنشأة، جاز لصاحب العمل أن يشترط على العامل في عقد العمل ألّا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسته أو بالاشتراك أو بالعمل في أي مشروع منافس له في القطاع ذاته، على ألّا تزيد مدة هذا الشرط في جميع الأحوال على سنة...».
لذا، فشرط عدم المنافسة والانتقال إلى مشروع منافس ليس التزاماً مفترضاً بل لا بد من اشتراطه صراحةً على العامل في بنود عقد العمل أو بإيراده في اتفاق لاحق. ويشترط لصحة هذا الشرط: 1 - أن يكون لصاحب العمل مصلحة جدية ومشروعة من وراء هذا الشرط: وتتحقق المصلحة الجدية المشروعة لصاحب العمل إذا كانت طبيعة عمل العامل تسمح له بالاطلاع على الأسرار الصناعية أو التجارية لصاحب العمل، أو تتيح له معرفة زبائنه، على نحوٍ يسمح له بعد انتهاء عقده أن ينافس صاحب العمل. 2 - أن يكون الحظر نسبياً: فالمشرع قصر حظر المنافسة من ناحية نوع العمل وذلك بنصه أن يكون مشروعاً منافساً في القطاع ذاته، وحدده كذلك زمانياً عندما نصّ على عدم زيادة مدة الشرط على سنة.
ختاماً، نوصي أصحاب العمل بتضمين شرط عدم المنافسة في عقد العمل أو في اتفاق لاحق، إلا أنه لا بد من التذكير دائماً أن في ذلك قيد على حرية العامل في ممارسة العمل، لذلك يجب أن تقوم مصلحة جدية ومشروعة لرب العمل، وأن يكون القيد لمدة زمنية (سنة واحدة كما نصّ المشرع) لا بالمطلق.
copy short url   نسخ
04/06/2021
3580