المحامي‏ د. محمد حسن الكعبي
التحكيم هو إحدى الوسائل البديلة لفض المنازعات بعيداً عن سلطة المحاكم الوطنية، أي أنه طريق استثنائي لحل النزاعات القانونية، ويكتسب التحكيم مؤخراً أهمية كبيرة محلياً ودولياً، فمثلاً تقدر الكثير من الدراسات أن أكثر من 90 % من النزاعات في الولايات المتحدة الأميركية يتم حلها بواسطة أحد الوسائل البديلة لفض المنازعات.
ولعل أحدث الجهود في دولة قطر هو صدور قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية في 2017، وذلك ليساير المشرع التطورات التجارية والظروف الاقتصادية للدولة من حيث التبادل التجاري الواسع، فدولة قطر طبقاً لبيانات العام 2017، احتلت المركز الـ 67 عالمياً كمستورد للبضائع بما يتجاوز قيمته 21 مليار دولار، مقارنةً بعدد سكانها الذي يحتل الـ 140 عالمياً، وكذلك وجودها في صدارة منتجي الغاز، مما يجعل الدولة في مركز لا بد أن يقرن نشاطها التجاري بنشاط قانوني مقابل.
وهذا المقال -كما يدل عنوانه- يحتوي على تفاصيل ضرورية عند صياغة شرط التحكيم. وعرّف المشرع القطري اتفاق التحكيم في المادة (7/‏1) من القانون رقم (2) لسنة 2017 بإصدار قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية بأنه: «اتفاق الأطراف سواءً كانوا من الأشخاص المعنوية أو الأشخاص الطبيعيين الذين يتمتعون بالأهلية القانونية للتعاقد، على الالتجاء إلى التحكيم، للفصل في كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو التي قد تنشأ بينهم بشأن علاقة قانونية محددة، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية، ويجوز أن يكون اتفاق التحكيم منفصلاً أو في صورة شرط تحكيم وارد في عقد».
مما مفاده أنه إذا نشأ اتفاق التحكيم صحيحاً، فإن ذلك يعني تنازل أطراف الاتفاق عن حقوقهم في الالتجاء إلى المحاكم الوطنية المختصة، مع التزامهم بطرح النزاع على محكم أو أكثر للفصل فيه بحكم ملزم للطرفين.
ويكون اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في العقد، أو في اتفاق منفصل، ولا بد من الحرص عند صياغة شرط التحكيم وإلا أدى ذلك للإطاحة تمامًا باتفاق التحكيم، أو على الأقل التسويف والمماطلة من الطرف المستفيد من ذلك.
لذلك وجب تطابق إرادة الأطراف في شأن المنازعات الخاضعة للتحكيم، وأن يظهر ذلك جلياً في الصياغة، فالمحكّم يستمد سلطانه من العقد الذي تم الاتفاق فيه على التحكيم، فإذا لم يبين الاتفاق مواضيع التحكيم بالتحديد لا تمتد سلطاته إلى هذه المواضيع.