الزائر كان يحمل وعدا مميزا في حقيبته: «نريد علاقة استراتيجية خاصة بين شعبينا، وهذه العلاقة ليس لها حدود»، كما عبر بحماس عن ذلك رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك خلال زيارته الأولى إلى جنوب السودان، وأضاف أن العاصمة جوبا هي بالنسبة إليه بيته الثاني.
استمع ضيوفه إلى ذلك بكل سرور، لا سيما أن علاقة خاصة كانت دوما تربط بين السودان وجنوب السودان، لكنها قلما كانت إيجابية. فحتى 2011، كان البلدان يشكلان دولة مشتركة هزتها حرب أهلية دموية على مدى عقود. متمردون من الجنوب قاتلوا ضد الشمال.
والرئيس المخلوع عمر البشير يجسد هذه الفترة أكثر من أي شخص آخر، فالجنرال السابق الذي وصل إلى السلطة بعد انقلاب في 1989 راهن طويلا على الحل العسكري عوض الدخول في مفاوضات.
الحاجة إلى علاقة جيدة
سقوط البشير جاء بالتحول المنشود. «فكلا البلدين يحتاجان في الحقيقة إلى علاقة جيدة مع بعضهما البعض»، تقول مارينا بيتر، خبيرة شؤون السودان من منظمة الإغاثة «الخبز للعالم»، مثلا لحل النزاعات المتعددة. ففي جنوب السودان، يقاتل تحالف من المتمردين بزعامة نائب الرئيس السابق ريك مشار ضد حكومة الرئيس سلفا كير. «يكون الآن مهما بالنسبة إلى كير أن لا يحصل زعيم المعارضة ريك مشار على دعم كبير من السودان، لا سيما في شكل أسلحة»، كما تقول بيتر. والرئيس السابق البشير كان يريد بمساعدة مشار الحصول على منفد لاحتياطات النفط الرابحة في الجنوب.
وحتى في السودان تشتعل نزاعات متورط فيها الجنوب مثلا في جبال النوبة: تاريخيا وثقافيا تشعر المنطقة أنها جزء من الجنوب، والمتمردون المقاتلون هناك لهم اتصالات مع جوبا. وهذه العلاقات المتحسنة تُظهر مفعولها: «كلا البلدين يؤكدان العمل كوسطاء لحل النزاعات في البلد الآخر ـ ليس أخيرا لأن لديهم تأثير كبير على حركة المعارضة الموجودة هناك»، تقول روزاليند ماردسين، مندوبة خاصة سابقة للاتحاد الأوروبي إلى السودان.
حدود مفتوحة وفرص جديدة
وكلا الطرفين يأملان في إقامة علاقات اقتصادية أحسن، فالسودان يعاني من أزمة اقتصادية حادة. أسعار المواد الغذائية المرتفعة والتضخم المتزايد تسببا في خروج مظاهرات احتجاجية حاشدة كلفت الرئيس البشير في النهاية منصبه. وجنوب السودان ينتمي في كل الأحوال إلى البلدان الأكثر فقرا في العالم، وبعد ست سنوات من الحرب الأهلية فإن الوضع سيئ. والآن يأمل كلا البلدين في أن يباشر جنوب السودان صادرات النفط، والأنبوب الوحيد لذلك يمر عبر الشمال بحيث إن السودان سينتفع أيضا من رسوم المرور، «وهناك أمل في أن تُفتح الحدود مجددا وأن تتطور التجارة»، تقول مارينا بيتر من منظمة «الخبز للعالم»، واتفاقية بين الطرفين تتضمن هذا الأمر إلا أنها ما تزال تنتظر التنفيذ.
ويُظهر حجم الآمال حاليا اقتراح آخر أيضا، فبعض الأصوات في السودان وجنوب السودان تحلم على المدى الطويل بإقامة كونفيدرالية بين الدولتين، كما تفيد بيتر. مثل هذا التقارب بدا بعد الاستقلال المحقق بصعوبة في 2011 غير ممكن في الحقيقة، فهل سيتحقق هذا الحلم؟ هذا يبقى رهنا باستقرار الصداقة الجديدة بين العدوين اللدودين السابقين. كما أنه رهن تطور الوضع في السودان، لأن الحكومة الجديدة موجودة لفترة انتقالية إلى حين تنظيم انتخابات. أما ما سيحصل بعدها، فأمر غير واضح المعالم.
استمع ضيوفه إلى ذلك بكل سرور، لا سيما أن علاقة خاصة كانت دوما تربط بين السودان وجنوب السودان، لكنها قلما كانت إيجابية. فحتى 2011، كان البلدان يشكلان دولة مشتركة هزتها حرب أهلية دموية على مدى عقود. متمردون من الجنوب قاتلوا ضد الشمال.
والرئيس المخلوع عمر البشير يجسد هذه الفترة أكثر من أي شخص آخر، فالجنرال السابق الذي وصل إلى السلطة بعد انقلاب في 1989 راهن طويلا على الحل العسكري عوض الدخول في مفاوضات.
الحاجة إلى علاقة جيدة
سقوط البشير جاء بالتحول المنشود. «فكلا البلدين يحتاجان في الحقيقة إلى علاقة جيدة مع بعضهما البعض»، تقول مارينا بيتر، خبيرة شؤون السودان من منظمة الإغاثة «الخبز للعالم»، مثلا لحل النزاعات المتعددة. ففي جنوب السودان، يقاتل تحالف من المتمردين بزعامة نائب الرئيس السابق ريك مشار ضد حكومة الرئيس سلفا كير. «يكون الآن مهما بالنسبة إلى كير أن لا يحصل زعيم المعارضة ريك مشار على دعم كبير من السودان، لا سيما في شكل أسلحة»، كما تقول بيتر. والرئيس السابق البشير كان يريد بمساعدة مشار الحصول على منفد لاحتياطات النفط الرابحة في الجنوب.
وحتى في السودان تشتعل نزاعات متورط فيها الجنوب مثلا في جبال النوبة: تاريخيا وثقافيا تشعر المنطقة أنها جزء من الجنوب، والمتمردون المقاتلون هناك لهم اتصالات مع جوبا. وهذه العلاقات المتحسنة تُظهر مفعولها: «كلا البلدين يؤكدان العمل كوسطاء لحل النزاعات في البلد الآخر ـ ليس أخيرا لأن لديهم تأثير كبير على حركة المعارضة الموجودة هناك»، تقول روزاليند ماردسين، مندوبة خاصة سابقة للاتحاد الأوروبي إلى السودان.
حدود مفتوحة وفرص جديدة
وكلا الطرفين يأملان في إقامة علاقات اقتصادية أحسن، فالسودان يعاني من أزمة اقتصادية حادة. أسعار المواد الغذائية المرتفعة والتضخم المتزايد تسببا في خروج مظاهرات احتجاجية حاشدة كلفت الرئيس البشير في النهاية منصبه. وجنوب السودان ينتمي في كل الأحوال إلى البلدان الأكثر فقرا في العالم، وبعد ست سنوات من الحرب الأهلية فإن الوضع سيئ. والآن يأمل كلا البلدين في أن يباشر جنوب السودان صادرات النفط، والأنبوب الوحيد لذلك يمر عبر الشمال بحيث إن السودان سينتفع أيضا من رسوم المرور، «وهناك أمل في أن تُفتح الحدود مجددا وأن تتطور التجارة»، تقول مارينا بيتر من منظمة «الخبز للعالم»، واتفاقية بين الطرفين تتضمن هذا الأمر إلا أنها ما تزال تنتظر التنفيذ.
ويُظهر حجم الآمال حاليا اقتراح آخر أيضا، فبعض الأصوات في السودان وجنوب السودان تحلم على المدى الطويل بإقامة كونفيدرالية بين الدولتين، كما تفيد بيتر. مثل هذا التقارب بدا بعد الاستقلال المحقق بصعوبة في 2011 غير ممكن في الحقيقة، فهل سيتحقق هذا الحلم؟ هذا يبقى رهنا باستقرار الصداقة الجديدة بين العدوين اللدودين السابقين. كما أنه رهن تطور الوضع في السودان، لأن الحكومة الجديدة موجودة لفترة انتقالية إلى حين تنظيم انتخابات. أما ما سيحصل بعدها، فأمر غير واضح المعالم.