منذ دخول الألفية الحالية تزايد الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي أثبتت دورها في تحقيق الأهداف التنموية، من خلال مساهمتها في بناء اقتصاد عادل ومتوازن عبر خلق بيئة جذابة لريادة الأعمال؛ حيث أصبحت هذه المشاريع ذات رأس المال المحدود شريكا لا غنى عنه لتلبية احتياجات المستهلك بمختلف شرائحه والسوق، بل ومتطلبات الشركات الكبرى والعملاقة في حد ذاتها من خلال تقديم خدمات تكميلية.
وقد وجد رواد الأعمال أصحاب الكفاءة والنشاط والطموح في دول التعاون الخليجي الفرصة والبيئة المثلى لإطلاق مشاريعهم لا سيما في ضوء اهتمام دول الخليج بهذه المشاريع الطموحة، حيث تم استحداث هيئات خاصة لدعم هذه المشاريع وإقامة ندوات، ومؤتمرات وقمم خليجية خاصة بها بهدف دعمها وتعزيز نشاطها وآخر هذه اللقاءات كان المنتدى الخليجي لرواد الأعمال بنسخته الثانية والذي نظمته الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت» بالمملكة العربية السعودية وانعقد الأسبوع الماضي بمشاركة خمسة رواد أعمال قطريين.
وقد تمت خلال هذا المنتدى مناقشة التحديات والفرص الريادية لرواد الأعمال الخليجيين على غرار صعوبة الحصول على التمويل في كافة مراحل المشروع لأغراض التوسع، أو الانتشار وضرورة العمل على مواكبة التطور التكنولوجي بما يتناسب مع طبيعة المشروع، كذلك وضع مجموعة من المقترحات التي من شأنها أن تدفع عجلة الاقتصاد وتساعد هذه الشركات على تعزيز تواجدها في الساحة الاقتصادية لكي تجد لها موطئ قدم بين الشركات العملاقة كما شهد المنتدى الإعلان عن إنشاء منصة لرواد الأعمال الخليجيين، والتي توفر البيانات والمعلومات للتعرف على الفرص الاستثمارية في المنطقة والعديد من المعلومات المفيدة التي تساعد المستثمر على تطوير وتحسين نطاق عمله، وأيضا للتحاور والتشاور بين رواد الأعمال وكافة الأطراف ذات العلاقة.
وتعد هذه اللقاءات فرصة مهمة لتسليط الضوء في البداية على نقاط الالتقاء والاشتراك بين مختلف الدول المشاركة نظرا لطبيعة البيئة والمناخ والنظام الاقتصادي والأطر القانونية، وأيضا للتعرف على التجارب الرائدة والناجحة التي تشجع على التجديد والابتكار، والأهم من ذلك التحدي والإصرار والاستمرار في ظل التحديات الكبيرة والكثيرة التي يشهدها المجال الاقتصادي المتقلب، بالإضافة إلى أهميتها للتعرف على الفرص الاستثمارية ولدراسة آفاق والتوسع في دول الخليج والتعرف على التسهيلات المتاحة لرواد الأعمال وتبادل الخبرات في القطاعات المختلفة والمتشابكة.
مثل هذه اللقاءات الثرية إن دلت على شيء فهي تدل على أن هذه المشاريع تسير في المسار الصحيح وقادرة على تحقيق المعجزات والنجاح لكنها تحتاج دراسة البيئة، ورسم المسار بعيون متبصرة ومستنيرة والتخطيط المحكم مواكبة التغيرات ومجاراة نسق التطور التقني والاستفادة من التجارب السابقة وَتَوْسِيع دائرة النقاش حول التحديات والفرص ورسم خطط دقيقة لمواجهة جميع المشاكل التي قد تطرأ وفقا للتغيرات التي يعيشها العالم لسد جميع الثغرات لضمان النجاح والنمو وَنَحْنُ ننتظر مخرجات ملموسة على أرض الواقع عقب التوصيات المهمة التي خرج بها المنتدى الخليجي لرواد الأعمال، ونأمل أن نرى نتاج وحصاد مثل هذه المنتديات على أرض الواقع، من خلال مزيد تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة ولا سيما الجديدة والتي هي في أشد الحاجة إلى التوجيه والإرشاد للاستفادة من الفرص المتاحة وتجنب الثغرات والعثرات.