+ A
A -

في كتاب «الصمت» لابن أبي الدنيا،

قال مجاهد بن جبر: كان لي صديق من قريش، فقلت له: تعال حتى أواضعك الرأي، فانظر أين تقع من رأيي، وأين أقع من رأيك!

فقال لي: لا تفعل ودع الود كما هو!

فغلبني القرشي بقوله!

الجدال نوعان: جدال محمود، وجدال مذموم!

فأما الجدال المحمود فهو ما كان تبيانا للحق، وهو دأب الأنبياء عليهم السلام في دعوتهم، وفي القرآن: «قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا»، وهو دأب الصالحين من بعدهم، وقد استطاع عبد الله بن عباس أن يعيد إلى الحق ثلاثة آلاف رجل من الخوارج بعدما ناظرهم!

وما زالت الشبهات يبثها أصحاب الأهواء والقلوب المريضة، فيتصدى لها أهل الاختصاص من أتباع هذا الدين، وهذا ثغر عظيم يجب أن يحرس، وعقيدة يجب أن تصان!

وأما الجدال المذموم فهو ما كان استعراضا لعضلات العقل، وإبراز مفاتن المعرفة، وكمية الثقافة!

وبسبب هذا الجدال حرمنا من تحديد ليلة القدر، روى البخاري عن عبادة بن الصامت أنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى /‏‏ تخاصم رجلان من المسلمين فيها.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت! وعسى أن يكون خيرا، فالتمسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة!

وكان دأب الصالحين من كل أمة أن ينهوا عن الجدال والمراء:

قال سليمان عليه السلام لابنه: دع المراء، فإن نفعه قليل، وهو يهيج العداوة بين الإخوان!

وقال ابن عباس: كفى بك إثما ألا تزال مماريا!

وقال الأوزاعي: إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل ومنعهم العمل!

وقيل لعبد الله بن الحسن بن الحسين: ما تقول في المراء؟

فقال: يفسد الصداقة القديمة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن يكون دريئة للمغالبة، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة!

وقال الشافعي: المراء في الدين يقسي القلب ويورث الضغائن!

وقيل قديما: لا تمار حليما ولا سفيها، فإن الحليم يغلبك، والسفيه يؤذيك!

copy short url   نسخ
25/10/2022
680