جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، شاملاً جامعاً، في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ«76» للجمعية العامة للأمم المتحدة، والعالم يمر بتحديات غير مسبوقة، تستدعي جهودا استثنائية من أجل حل المنازعات بالطرق السلمية.
في مثل هذا الشهر من العام «2013» شارك سموه، حفظه الله، في أعمال الدورة الـ«68» وألقى كلمة في جلستها الافتتاحية أكد فيها أن دولة قطر تحرص دائما على أن تكون طرفا إيجابيا فاعلا ذا دور بناء على المستوى الدولي، عبر علاقاتها السياسية والاقتصادية المتوازنة والمتميزة على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف، مشددا سموه على مواصلة تنمية هذا النهج لقيام دولة قطر بمسؤولياتها والتزاماتها على مختلف الصُّعد، وطنيا وإقليميا ودوليا، وأوضح أن دولة قطر تسعى لأن تكون ساحة للحوار والنقاش بين الأطراف المختلفة في النزاعات، لا أن تكون طرفا في هذه النزاعات، كما تسعى لأن تفتح منابر للحوار الثقافي والإعلامي بين الشعوب.
بعد مضي «8» سنوات على تلك الكلمة المهمة الملهمة، بات دور قطر ترجمة لما قاله سموه، وأضحت ساحة للحوار والنقاش والتفاوض بين الأطراف المختلفة في النزاعات، هي الأبرز على الساحة الدولية، وأثبت أن ما قاله قبل ثماني سنوات كان له شأنه على أكثر من صعيد وفي أكثر من مكان، حيث لعبت الدوحة دورا تاريخيا، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لإنهاء أحد أخطر الصراعات وأكثرها تعقيدا في أفغانستان.
وتناول سموه قرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، بعد مفاوضات مع حركة طالبان، معتبرا ما تحقق منعطفاً هاماً للغاية بالنسبة لهذا البلد، حيث لم تدخر قطر جهداً في المساعدة على إجلاء آلاف الأفراد والعائلات من جنسيات مختلفة خلال الأسابيع الماضية، كما أعاد التذكير بأن الحرب لا تشكل حلاً، وأنه في النهاية سوف يكون هناك حوار، وقال سموه «لقد تصرفنا على هذا الأساس حين استضفنا مكتب طالبان عندما طلب منا شركاؤنا الدوليون فتح ورعاية حوار مباشر بينهم وبين طالبان في الدوحة، وقد ثبتت صحة هذا الموقف».
كما شدد سموه، حفظه الله، على أهمية استمرار المجتمع الدولي في تقديم الدعم لأفغانستان في هذه المرحلة الحرجة، وفصل مجال المساعدات الإنسانية عن الخلافات السياسية، وضرورة استمرار الحوار مع طالبان، لأن المقاطعة تؤدي فقط إلى الاستقطاب وردود الفعل، أما الحوار فيمكن أن يأتي بنتائج إيجابية.
لقد أكد صاحب السمو أمس أن قطر تعتبر الإسهام في مجال الحل السلمي للنزاعات من أولوياتها، بما في ذلك طرح تصورات للأمن الجماعي، فلا أمن ولا استقرار ولا تنمية ولا حياة إنسانية كريمة في ظل النزاعات.
ومن هنا يبرز حرص قطر على إحلال مناخ السلام والاستقرار والتعاون في المنطقة، وعلى أهمية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتزام قطر بتسوية أية خلافات عن طريق الحوار البناء، مشيرا إلى أن إعلان «العلا» الذي صدر عن قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في شهر يناير الماضي جاء تجسيداً لمبدأ حل الخلافات بالحوار القائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، كما أكد أن لا حل للخلافات وتباين وجهات النظر مع إيران إلا بالحوار العقلاني على أساس الاحترام المتبادل، وينطبق ذلك على مسألة العودة للاتفاق النووي مع إيران.
في خطاب سموه عام «2013»، وفي جميع الخطابات التي ألقاها لاحقا أمام الجمعية العامة، وآخرها خطاب سموه بالأمس، كانت فلسطين الحاضر الأكبر، ليس لأنها قضية قطر والعرب والمسلمين الأولى فحسب، بل لأنها قضية الصراع الأقدم والأكثر مرارة في تاريخ البشرية الحديث، والذي نتجت وتفرعت عنه الكثير من التأثيرات المدمرة خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
في ذلك العام (2013) شدد سموه، حفظه الله، على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والعربية عموما، والممارسات المترتبة على ذلك، وتغيير الواقع السكاني والعمراني فيها، ولا سيما عبر توسيع الاستيطان وتهويد مدينة القدس، والحصار الخانق والجائر لقطاع غزة، وتكثيف الاستيطان في هضبة الجولان السورية المحتلة وتغيير طبيعتها السكانية؛ كلها أمور لا يمكن أن تصبح طبيعية، «وذلك ليس فقط لأنها تشكّل خرقا صارخا للقوانين والمواثيق الدولية، بل أيضا لأن قضية الشعب الفلسطيني قضية عادلة، ولا بد من رفع الظلم التاريخي الواقع عليه».
مضت ثماني سنوات على ذلك التحذير وما زال الشعب الفلسطيني يواجه الحصار والقتل والتنكيل وتغيير الواقع الديموغرافي، ولا سيما عبر توسيع الاستيطان وتهويد مدينة القدس، كما كان الحال مع محاولات تهويد حي الشيخ جراح، وما نتج عن ذلك من تداعيات في غاية الخطورة.
كان على العالم أن يصغي، ويتخلى عن حالة الصمت والخذلان وأن يتحرك لتصويب أخطاء لم يعد من الممكن استمرارها، وأمامه قرارات أجمع هو نفسه عليها، لكنه تقاعس وآثر تأجيل ما لا يمكن تأجليه، لتصل الأمور إلى ما نرى اليوم.
وبالأمس طالب صاحب السمو المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لتحقيق تسوية سلمية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل وإنهاء احتلال الأراضي العربية، والحل العادل لمسألة اللاجئين. هذا ما توافق عليه المجتمع الدولي منذ عقود، ولكنه لا يجد طريقه للتطبيق على الرغم من مخاطر بقاء هذه القضية دون حل.
وأعاد سموه التذكير بقضية ترحيل أهالي الشيخ جراح وسلوان واقتحامات المسجد الأقصى من طرف المستوطنين وردود الفعل الشعبية الفلسطينية والعربية والعالمية الغاضبة، وهي جميعها تؤكد من جديد على مركزية القضية الفلسطينية، وأنه لا سبيل للالتفاف عليها.
ومنذ أول كلمة ألقاها أمام هذا المحفل العالمي، حتى كلمة الأمس، دأب سموه على التطرق لمجموعة من القضايا الملحة من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين، عبر تفعيل الآليات والوسائل التي يتيحها ميثاق الأمم المتحدة، وسَبر الوسائل الكافية للحيلولة دون وقوع النزاعات ومعالجة جذورها، والعمل من أجل تسويتها بالطرق السلمية، ومن ذلك التركيز على الحوار المستند إلى مبدأ المساواة والالتزام بأحكام القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية واحترام مبادئ حقوق الإنسان وحقوق الشعوب.
في خطاب الأمس، تناول سموه ظاهرة الإرهاب، مؤكدا مجددا على الجهود الدولية في مكافحته ومعالجة أسبابه من خلال دعم التعليم، ومعالجة الفقر والبطالة بين الشباب، وحل النزاعات التي تشكل أيضاً مولداً للإرهـاب، كما أشار إلى تزايد اعتماد العالم على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة في كافة مناحي الحياة من التعليم وحتى الأمن والاقتصاد. ولكن في المقابل، استشعر العالم الآثار المترتبة على إساءة استخدام الفضاء السيبراني، بما في ذلك اختراق مجال الأفراد الخاص والقرصنة الدولية، وما يشكله ذلك من تهديد خطير ينعكس على أمن واستقرار المجتمع الدولي.
ومن هذا المنطلق جدد الدعوة للأمم المتحدة لتقود عملية توحيد الجهود لمنع سوء استخدام التقدم العلمي في مجال الأمن السيبراني، وتنظيم هذا الجانب الحيوي استنادا لأحكام القانـون الدولي.
كما تناول تغير المناخ باعتباره من أهم التحديات الخطيرة في عصرنا، بما يحمله من آثار كارثية على جميع جوانب الحياة للأجيال الحالية والقادمة، داعيا إلى مواصلة الجهود المشتركة لمواجهة هذه الآثار، وفي هذا الصدد أشار سموه إلى أن دولة قطر وضعت تغير المناخ في مقدمة أولوياتها، وتواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير التقنيات المتصلة بتغير المناخ والطاقة النظيفة، وسوف نعرضها على ذلك المؤتمر في نوفمبر القادم.
وتناول صاحب السمو في كلمته محورا في غاية الأهمية متمثلا بجائحة كورونا وتأثيراتها الإنسانية والاقتصادية، مشيرا إلى ضرورة توزيع اللقاحات بشكل عادل وعاجل وتأمين العلاج للجميع وكذلك تنسيق الجهود لمكافحة الأخبار الكاذبة فيما يتعلق بهذه الجائحة لما لها من تأثيرات وأضرار.
وهنا نؤكد على دور قطر الفعال في مكافحة الجائحة عبر دعم الدول المتأثرة وتقديم المساعدات الطبية على نطاق عالمي واسع.
كلمة أخيرة..
لقد حققت قطر، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، منجزات هائلة لحل النزاعات وإشاعة أجواء الأمن والاستقرار في العالم، آخرها الدور التاريخي الذي لعبته لإنهاء الصراع في أفغانستان والمشاركة الفاعلة والمؤثرة في عمليات الإجلاء، ناهيك عن دورها الإنساني الواسع في مدّ يد العون خلال الأزمات والكوارث، عبر مؤسساتها وجمعياتها الإنسانية والخيرية، ومشاركتها الفاعلة لدعم وصول التعليم الجيد والآمن والمنصف في حالات الطوارئ وفي مناطق النزاعات والأزمات وما بعد النزاع، وطباعة الكتب وتوزيعها والتدريب التقني والمهني وتوفير المنح الدراسية وترميم وإعادة بناء المدارس والجامعات، بالإضافة إلى جهودها في مكافحة الفساد، كلها أعمال لم يسبق أن قدمتها أو سعت إليها أي دولة في العالم، وهي تستحق أرفع الجوائز، تعبيرا عن التقدير والامتنان لهذه المنجزات، ومنها على سبيل التقدير والعرفان والاحترام.. جائزة نوبل للسلام.بقلم: محمد حمد المري
في مثل هذا الشهر من العام «2013» شارك سموه، حفظه الله، في أعمال الدورة الـ«68» وألقى كلمة في جلستها الافتتاحية أكد فيها أن دولة قطر تحرص دائما على أن تكون طرفا إيجابيا فاعلا ذا دور بناء على المستوى الدولي، عبر علاقاتها السياسية والاقتصادية المتوازنة والمتميزة على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف، مشددا سموه على مواصلة تنمية هذا النهج لقيام دولة قطر بمسؤولياتها والتزاماتها على مختلف الصُّعد، وطنيا وإقليميا ودوليا، وأوضح أن دولة قطر تسعى لأن تكون ساحة للحوار والنقاش بين الأطراف المختلفة في النزاعات، لا أن تكون طرفا في هذه النزاعات، كما تسعى لأن تفتح منابر للحوار الثقافي والإعلامي بين الشعوب.
بعد مضي «8» سنوات على تلك الكلمة المهمة الملهمة، بات دور قطر ترجمة لما قاله سموه، وأضحت ساحة للحوار والنقاش والتفاوض بين الأطراف المختلفة في النزاعات، هي الأبرز على الساحة الدولية، وأثبت أن ما قاله قبل ثماني سنوات كان له شأنه على أكثر من صعيد وفي أكثر من مكان، حيث لعبت الدوحة دورا تاريخيا، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لإنهاء أحد أخطر الصراعات وأكثرها تعقيدا في أفغانستان.
وتناول سموه قرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، بعد مفاوضات مع حركة طالبان، معتبرا ما تحقق منعطفاً هاماً للغاية بالنسبة لهذا البلد، حيث لم تدخر قطر جهداً في المساعدة على إجلاء آلاف الأفراد والعائلات من جنسيات مختلفة خلال الأسابيع الماضية، كما أعاد التذكير بأن الحرب لا تشكل حلاً، وأنه في النهاية سوف يكون هناك حوار، وقال سموه «لقد تصرفنا على هذا الأساس حين استضفنا مكتب طالبان عندما طلب منا شركاؤنا الدوليون فتح ورعاية حوار مباشر بينهم وبين طالبان في الدوحة، وقد ثبتت صحة هذا الموقف».
كما شدد سموه، حفظه الله، على أهمية استمرار المجتمع الدولي في تقديم الدعم لأفغانستان في هذه المرحلة الحرجة، وفصل مجال المساعدات الإنسانية عن الخلافات السياسية، وضرورة استمرار الحوار مع طالبان، لأن المقاطعة تؤدي فقط إلى الاستقطاب وردود الفعل، أما الحوار فيمكن أن يأتي بنتائج إيجابية.
لقد أكد صاحب السمو أمس أن قطر تعتبر الإسهام في مجال الحل السلمي للنزاعات من أولوياتها، بما في ذلك طرح تصورات للأمن الجماعي، فلا أمن ولا استقرار ولا تنمية ولا حياة إنسانية كريمة في ظل النزاعات.
ومن هنا يبرز حرص قطر على إحلال مناخ السلام والاستقرار والتعاون في المنطقة، وعلى أهمية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتزام قطر بتسوية أية خلافات عن طريق الحوار البناء، مشيرا إلى أن إعلان «العلا» الذي صدر عن قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في شهر يناير الماضي جاء تجسيداً لمبدأ حل الخلافات بالحوار القائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، كما أكد أن لا حل للخلافات وتباين وجهات النظر مع إيران إلا بالحوار العقلاني على أساس الاحترام المتبادل، وينطبق ذلك على مسألة العودة للاتفاق النووي مع إيران.
في خطاب سموه عام «2013»، وفي جميع الخطابات التي ألقاها لاحقا أمام الجمعية العامة، وآخرها خطاب سموه بالأمس، كانت فلسطين الحاضر الأكبر، ليس لأنها قضية قطر والعرب والمسلمين الأولى فحسب، بل لأنها قضية الصراع الأقدم والأكثر مرارة في تاريخ البشرية الحديث، والذي نتجت وتفرعت عنه الكثير من التأثيرات المدمرة خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
في ذلك العام (2013) شدد سموه، حفظه الله، على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والعربية عموما، والممارسات المترتبة على ذلك، وتغيير الواقع السكاني والعمراني فيها، ولا سيما عبر توسيع الاستيطان وتهويد مدينة القدس، والحصار الخانق والجائر لقطاع غزة، وتكثيف الاستيطان في هضبة الجولان السورية المحتلة وتغيير طبيعتها السكانية؛ كلها أمور لا يمكن أن تصبح طبيعية، «وذلك ليس فقط لأنها تشكّل خرقا صارخا للقوانين والمواثيق الدولية، بل أيضا لأن قضية الشعب الفلسطيني قضية عادلة، ولا بد من رفع الظلم التاريخي الواقع عليه».
مضت ثماني سنوات على ذلك التحذير وما زال الشعب الفلسطيني يواجه الحصار والقتل والتنكيل وتغيير الواقع الديموغرافي، ولا سيما عبر توسيع الاستيطان وتهويد مدينة القدس، كما كان الحال مع محاولات تهويد حي الشيخ جراح، وما نتج عن ذلك من تداعيات في غاية الخطورة.
كان على العالم أن يصغي، ويتخلى عن حالة الصمت والخذلان وأن يتحرك لتصويب أخطاء لم يعد من الممكن استمرارها، وأمامه قرارات أجمع هو نفسه عليها، لكنه تقاعس وآثر تأجيل ما لا يمكن تأجليه، لتصل الأمور إلى ما نرى اليوم.
وبالأمس طالب صاحب السمو المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لتحقيق تسوية سلمية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل وإنهاء احتلال الأراضي العربية، والحل العادل لمسألة اللاجئين. هذا ما توافق عليه المجتمع الدولي منذ عقود، ولكنه لا يجد طريقه للتطبيق على الرغم من مخاطر بقاء هذه القضية دون حل.
وأعاد سموه التذكير بقضية ترحيل أهالي الشيخ جراح وسلوان واقتحامات المسجد الأقصى من طرف المستوطنين وردود الفعل الشعبية الفلسطينية والعربية والعالمية الغاضبة، وهي جميعها تؤكد من جديد على مركزية القضية الفلسطينية، وأنه لا سبيل للالتفاف عليها.
ومنذ أول كلمة ألقاها أمام هذا المحفل العالمي، حتى كلمة الأمس، دأب سموه على التطرق لمجموعة من القضايا الملحة من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين، عبر تفعيل الآليات والوسائل التي يتيحها ميثاق الأمم المتحدة، وسَبر الوسائل الكافية للحيلولة دون وقوع النزاعات ومعالجة جذورها، والعمل من أجل تسويتها بالطرق السلمية، ومن ذلك التركيز على الحوار المستند إلى مبدأ المساواة والالتزام بأحكام القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية واحترام مبادئ حقوق الإنسان وحقوق الشعوب.
في خطاب الأمس، تناول سموه ظاهرة الإرهاب، مؤكدا مجددا على الجهود الدولية في مكافحته ومعالجة أسبابه من خلال دعم التعليم، ومعالجة الفقر والبطالة بين الشباب، وحل النزاعات التي تشكل أيضاً مولداً للإرهـاب، كما أشار إلى تزايد اعتماد العالم على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة في كافة مناحي الحياة من التعليم وحتى الأمن والاقتصاد. ولكن في المقابل، استشعر العالم الآثار المترتبة على إساءة استخدام الفضاء السيبراني، بما في ذلك اختراق مجال الأفراد الخاص والقرصنة الدولية، وما يشكله ذلك من تهديد خطير ينعكس على أمن واستقرار المجتمع الدولي.
ومن هذا المنطلق جدد الدعوة للأمم المتحدة لتقود عملية توحيد الجهود لمنع سوء استخدام التقدم العلمي في مجال الأمن السيبراني، وتنظيم هذا الجانب الحيوي استنادا لأحكام القانـون الدولي.
كما تناول تغير المناخ باعتباره من أهم التحديات الخطيرة في عصرنا، بما يحمله من آثار كارثية على جميع جوانب الحياة للأجيال الحالية والقادمة، داعيا إلى مواصلة الجهود المشتركة لمواجهة هذه الآثار، وفي هذا الصدد أشار سموه إلى أن دولة قطر وضعت تغير المناخ في مقدمة أولوياتها، وتواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير التقنيات المتصلة بتغير المناخ والطاقة النظيفة، وسوف نعرضها على ذلك المؤتمر في نوفمبر القادم.
وتناول صاحب السمو في كلمته محورا في غاية الأهمية متمثلا بجائحة كورونا وتأثيراتها الإنسانية والاقتصادية، مشيرا إلى ضرورة توزيع اللقاحات بشكل عادل وعاجل وتأمين العلاج للجميع وكذلك تنسيق الجهود لمكافحة الأخبار الكاذبة فيما يتعلق بهذه الجائحة لما لها من تأثيرات وأضرار.
وهنا نؤكد على دور قطر الفعال في مكافحة الجائحة عبر دعم الدول المتأثرة وتقديم المساعدات الطبية على نطاق عالمي واسع.
كلمة أخيرة..
لقد حققت قطر، بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، منجزات هائلة لحل النزاعات وإشاعة أجواء الأمن والاستقرار في العالم، آخرها الدور التاريخي الذي لعبته لإنهاء الصراع في أفغانستان والمشاركة الفاعلة والمؤثرة في عمليات الإجلاء، ناهيك عن دورها الإنساني الواسع في مدّ يد العون خلال الأزمات والكوارث، عبر مؤسساتها وجمعياتها الإنسانية والخيرية، ومشاركتها الفاعلة لدعم وصول التعليم الجيد والآمن والمنصف في حالات الطوارئ وفي مناطق النزاعات والأزمات وما بعد النزاع، وطباعة الكتب وتوزيعها والتدريب التقني والمهني وتوفير المنح الدراسية وترميم وإعادة بناء المدارس والجامعات، بالإضافة إلى جهودها في مكافحة الفساد، كلها أعمال لم يسبق أن قدمتها أو سعت إليها أي دولة في العالم، وهي تستحق أرفع الجوائز، تعبيرا عن التقدير والامتنان لهذه المنجزات، ومنها على سبيل التقدير والعرفان والاحترام.. جائزة نوبل للسلام.بقلم: محمد حمد المري