ليست هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها المنابر الإعلامية الفرنسية هجوما حادا على قطر فقد سبقتها هجمات كثيرة لكنها هذه المرة تلونت بلون خاص. لا يختلف اثنان في أنّ اختيار مناسبة كأس العالم للهجوم على صورة الدولة وتشويهها في الخارج بجملة من الأكاذيب والترهات هو أمر يتجاوز هذه المرة كل الحملات الإعلامية السابقة.
لم يكن تصريح صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى منذ يومين إلا دليلا على أن وراء الأكمة ما وراءها وأن الحملة لا يمكن أن تكون بريئة، فكيف يمكن أن تتزامن مقالات إعلامية مع مواقف رسمية مع دعوات إلى المقاطعة مع حفنة من الأكاذيب التي لا تستهدف غير تشويه الدولة وتشويه كل الجهود التي بذلتها من أجل الخروج من دائرة المفعول به إلى دائرة المشارك في الفعل.
الحملة إذن مبيتة ومنسقة وتتجاوز حتى تنظيم كأس العالم؛ لأنّ الهجوم على المناسبة العالمية لم يكن سوى فرصة لمحاولة تشتيت الجهود القطرية ومنعها من إنجاح المناسبة التاريخية. نعم فعلا لا يريد الآخرون النجاح لدولة قطر وهم يعلمون جيدا أن التنظيم سيكون فرصة استثنائية لإظهار القدرات التنظيمية للدولة ولشعوب المنطقة.
كأنه ليس مسموحا لدولة عربية مسلمة أن تنجح في تنظيم فعاليات عالمية بحجم كأس العالم لكرة القدم وكأن المسألة التنظيمية لابد أن تبقى حكرا على الدول الأوروبية وعلى العالم الغربي. إن نجاح قطر في الظفر بفرصة تنظيم المونديال يعدّ وسيبقى سابقة تاريخية أثارت من الحسد ومن الغيرة أكثر بأضعاف مضاعفة ما أثارته غيرها من كؤوس العالم السابقة بما فيها تلك التي نظمتها روسيا.
لكن من جهة أخرى تمثل هذه الحملات فرصة جديدة للدوحة حتى تعيد النظر في سياسة التعامل مع الأطراف والجهات والكيانات والدول التي تصدر عنها حملات التشهير هذه؛ لأن سياسة غض البصر والسكوت عن حملات التشويه والشيطنة لم تكن سياسة مجدية ولم تكن خيارا موفقا في المرحلة السابقة، فالطرف المقابل لا يؤمن بأن التسامح له حدود يقف عندها وأن الحليم قد يصبر على الأذى مرة أو مرتين لكنه لن يبقى مكتوف الأيدي.
لا بد أن تبقى الدوحة اليوم مهتمة أكثر من أي شيء آخر بإنجاح المناسبة التاريخية والتي ستكون أفضل جواب لكل الحاقدين والمتآمرين عليها. ثم إن تقديم نسخة متميزة لكأس العالم سيضع قطر حتما في مرتبة متقدمة على خريطة العالم نجاعة وقدرة على التنظيم وتحمّل المسؤوليات وإلجام الخصوم.hnidmohamed@gmail.com -